إجلاء عشرات المرضى من الغوطة الشرقية مع استمرار القصف

الأمم المتحدة تندد بـ«اللامبالاة الفظيعة» إزاء معاناة أطفال سوريا

عائلة من الغوطة الشرقية تنتظر قرب الممر الآمن بانتظار الإجلاء أمس (إ.ب.أ)
عائلة من الغوطة الشرقية تنتظر قرب الممر الآمن بانتظار الإجلاء أمس (إ.ب.أ)
TT

إجلاء عشرات المرضى من الغوطة الشرقية مع استمرار القصف

عائلة من الغوطة الشرقية تنتظر قرب الممر الآمن بانتظار الإجلاء أمس (إ.ب.أ)
عائلة من الغوطة الشرقية تنتظر قرب الممر الآمن بانتظار الإجلاء أمس (إ.ب.أ)

خرج عشرات الأشخاص معظمهم من المرضى والجرحى من الغوطة الشرقية، في ريف دمشق، على وقع استمرار القصف على المنطقة المحاصرة، في موازاة خروج أكثر من ألف شخص من حي القدم جنوب العاصمة. أتى ذلك، فيما اعتبرت مسؤولة حقوقية رفيعة في الأمم المتحدة، أمس، أن الاستخفاف بالمطالبات بوقف إطلاق النار في سوريا يظهر «لا مبالاة فظيعة» بمعاناة ملايين الأطفال الذين هم بأمسّ الحاجة للإبعاد عن دائرة العنف.
وتحفظ ميشائل كونتيت، رئيس مكتب مبعوث الأمم المتحدة في سوريا ستيفان دي ميستورا، عن ذكر أي تفاصيل «لأسباب أمنية». وقال: «بمجرد أن يعود موظفونا بأمان، سيمكننا إصدار تقرير».
وفيما تضاربت المعلومات حول عدد النازحين بالتحديد، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن: «إن روسيا سمحت لنحو 170 مواطنا من المصابين والمرضى بالخروج من الغوطة الشرقية. وهؤلاء كانوا في المنطقة الواقعة تحت سيطرة (جيش الإسلام)، ووصلوا إلى مناطق النظام نتيجة اتفاق بين جيش الإسلام والروس، في وقت تكثف القصف على مناطق سيطرة (فيلق الرحمن)»، وهو ما وضعه عبد الرحمن في خانة التغيير الديموغرافي، ومحاولة خلق شرخ بين الفصائل في الغوطة الشرقية، وتأليب المدنيين على المقاتلين في الغوطة.
ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن مصادر سورية خروج 25 حالة إنسانية من مدينة دوما بالغوطة الشرقية أمس، عبر معبر مخيم الوافدين إلى مستشفيات دمشق للعلاج. وقالت مصادر إعلامية مقربة من النظام للوكالة، إن خروج هؤلاء كان نتيجة اتفاق روسيا مع «فيلق الرحمن» و«جيش الإسلام»، متوقعة خروج المئات من الحالات الإنسانية والمدنيين، عبر مخيم الوافدين شمال شرقي دمشق، بعد فشل خروجهم.
وأضافت المصادر أن «الجيش الروسي يشرف على عملية خروج الحالات الإنسانية بشكل كامل من مدينة دوما عبر مخيم الوافدين، في حين يشرف وجهاء الغوطة على خروج المسلحين المدنيين عبر معبر جسرين جنوب الغوطة».
من جهتها، قالت وكالة «نوفوستي» الروسية، إنه تم نتيجة المباحثات بين مركز المصالحة الروسي في سوريا وزعماء الجماعات المسلحة في الغوطة الشرقية، التوصل إلى اتفاق حول خروج مجموعتين من المدنيين يبلغ عددهم نحو 100 شخص، من مدينة دوما إلى المعبر في مخيم الوافدين. وأضافت أنه يوجد بين الذين يتوقع إجلاؤهم اليوم عدد من المصابين، بينما أشارت «روسيا اليوم» إلى أن نحو 100 مسلح خرجوا عبر معبر مخيم الوافدين، من بينهم جرحى نتيجة المعارك، ومن المقرر أن يتم نقلهم إلى إدلب في الشمال السوري.
وكان منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا علي الزعتري، قد أعلن في وقت سابق، أنه من المتوقع أن يتم الثلاثاء إجلاء المدنيين من الغوطة الشرقية. ونقلت وكالة «رويترز» عن الزعتري في معبر الوافدين قوله: «اليوم نتوقع إجلاء المدنيين بمن فيهم الذين يحتاجون إلى مساعدات طبية»، دون ذكر أي تفاصيل أخرى.
وفي جنوب العاصمة، خرجت عشرات الحافلات من حي القدم في جنوب دمشق، نتيجة اتفاق بين المعارضة وقوات النظام. وقال الإعلام الحربي التابع لـ«حزب الله» إنه سجل خروج مئات المقاتلين المعارضين وأسرهم من الحي. وقال الإعلام الحربي إن قوات النظام تبسط سيطرتها الكاملة على حي القدم الدمشقي تنفيذاً لاتفاق سابق، حيث خرجت حافلات كبيرة ترافقها أخرى صغيرة، تحمل على متنها أكثر من 1000 شخص، بينهم أكثر من 300 مسلح من «أجناد الشام» والباقي أفراد أسرهم من الحي باتجاه محافظة إدلب.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن مئات المقاتلين غادروا في حافلات على مدى الساعات الأربع والعشرين الماضية. وحي القدم محاط بأراض يسيطر عليها النظام من جانب، وأخرى يسيطر عليها تنظيم داعش من الجانب الآخر.
في نيويورك، اعتبرت مسؤولة حقوقية رفيعة في الأمم المتحدة، الثلاثاء، أن الاستخفاف بالمطالبات بوقف إطلاق النار في سوريا يظهر «لا مبالاة فظيعة» بمعاناة ملايين الأطفال الذين هم بأمسّ الحاجة للإبعاد عن دائرة العنف. وفي هذا السياق، دعت نائبة المفوض السامي لحقوق الإنسان كايت غيلمور إلى تحرك فوري لمساعدة الأطفال العالقين في دوامة العنف.
وفي خطاب ألقته أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أعربت تحديدا عن قلقها بشأن 125 ألف طفل عالق في الغوطة الشرقية؛ حيث «كثير منهم يعانون من سوء التغذية الشديد، ومعظمهم يعانون من صدمة عميقة». وقالت: «ما يحصل لهؤلاء الأطفال صادم للغاية ليكون على شاشات التلفاز، لكنه على ما يبدو غير صادم بما فيه الكفاية لدفع من بإمكانهم وقف هذا العنف غير العقلاني للقيام بذلك».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.