بلغت الأزمة الائتلافية في الحكومة الإسرائيلية ذروتها، أمس (الثلاثاء)، بعدما أصبح مكشوفاً للجميع أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، حسم أمره وقرر تبكير موعد الانتخابات بأي ثمن، وحاول طيلة الليلة الأخيرة (الثلاثاء - الأربعاء)، تشكيل الأغلبية اللازمة لحل الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، كي يتمكن من إجرائها في شهر يونيو (حزيران) المقبل.
ويحتاج نتنياهو إلى 61 عضواً في الكنيست لدعم حله، لكن هناك معارضة لهذه الخطوة في الائتلاف وفي المعارضة. وعلى الرغم من دعوة نتنياهو لشركائه «إلى النزول عن قمم الأشجار» وبذل جهد للحفاظ على الائتلاف، يسود الاعتقاد لدى قادة الأحزاب، الذين تحدثوا معه، أمس وأول من أمس، أنه مصمم على إجراء الانتخابات. والجميع مقتنعون بأن هدف نتنياهو من هذه الخطوة واحد، وهو خوض معركته القضائية في قضايا الفساد من موقع قوة، مسنوداً بدعم الشعب.
ويستمد نتنياهو هذا الشعور، من نتائج استطلاعات الرأي التي تُنشر يومياً وتشير إلى أن الجمهور، وعلى الرغم من أنه يعارض بغالبيته تبكير موعد الانتخابات، يمنحه ما يحتاج إليه من أصوات لتشكيل الحكومة مرة أخرى. وقد نُشرت الليلة الماضية نتائج استطلاعين، أحدهما نشرته قناة التلفزيون الثانية، وجاء فيه أنه لو جرت الانتخابات اليوم، لكان حزب الليكود قد فاز فيها بـ30 مقعداً (أي يحافظ على قوته الحالية) ويظل أكبر الأحزاب، والثاني بُث في القناة العاشرة، ويمنح الليكود 29 نائباً ويبقى الحزب الأكبر.
وحسب القناة الثانية سيحتل المرتبة الثانية حزب «يوجد مستقبل» بـ21 مقعداً، والثالث المعسكر الصهيوني بـ13 مقعداً. كما منح استطلاع القناة العاشرة غالبية لحزب الليكود، 29 مقعداً، يليه «يوجد مستقبل» 24 مقعداً، ثم القائمة المشتركة 13 مقعداً. ووفقاً لاستطلاع قناة الأخبار، تحصل «المشتركة» على 12 مقعداً، و«البيت اليهودي» على 11، ثم «ميرتس» على 7، و«يهدوت هتوراة» 7، و«كلنا» 6، وتحصل أورلي ليفي أبوكسيس، التي تظهر في الاستطلاعات لأول مرة، على 5 مقاعد، يليها «يسرائيل بيتينو» و«شاس» مع 4 مقاعد لكل منهما. أما استطلاع القناة العاشرة فيمنح المعسكر الصهيوني 11 مقعداً، و«البيت اليهودي» 11، و«ميرتس» 9، و«كلنا» 6، و«يسرائيل بيتينو» 6، و«يهدوت هتوراة» 6، و«شاس» 5. ويشار إلى أن استطلاع القناة العاشرة الأسبوع الماضي، منح «الليكود» 29 مقعداً، و«يوجد مستقبل» 24، و«المعسكر الصهيوني» 12، و«المشتركة» و«البيت اليهودي» 10 لكل منهما، و«ميرتس» 8، و«كلنا» و«يسرائيل بيتينو» 7، لكل منهما، و«يهدوت هتوراة» 6، و«شاس» 5.
وتعني هذه النتائج أن الأحزاب التي تشكل الائتلاف اليميني الحالي ستخسر من قوتها 2 – 4 مقاعد فقط، لكنها ستحتفظ بالأكثرية وتستطيع أن تشكل الحكومة المقبلة أيضاً برئاسة نتنياهو. وحسب مقربين من نتنياهو، فإن لديه استطلاعات سرية تعطيه عدداً أكبر من النواب. لكنه يواجه مشكلة، حالياً، مع عدد من نواب حزبه ومع حزبين في الائتلاف على الأقل، هما حزب «المستوطنين» برئاسة وزير التعليم نفتالي بنيت، وحزب «كولانو» برئاسة وزير المالية موشيه كحلون، الذين يستصعبون الذهاب إلى انتخابات بسبب قضية فساد شخصية لرئيس الحكومة، ويقولون لنتنياهو إن استطلاعات الرأي ليست مقدسة وقد تنقلب بشكل عكسي، خصوصاً أن الشرطة أعلنت أنها ستواصل التحقيق معه حتى في ظل الانتخابات وحتى إذا فاز بنسبة تصويت أعلى.
لكن نتنياهو يصر على موقفه ويعتقد أن فوزه سيضعف موقف الشرطة. وقال أمام الكنيست «إذا جرت انتخابات فسوف ننافس وننتصر». ويريد نتنياهو إجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن، وحدد تاريخ 26 يونيو لذلك.
وتعمل مديرة كتلة الليكود، عليزا براشي، على إقناع أعضاء الحزب وأعضاء أحزاب المعارضة بدعم هذا المخطط. وتقف أمام نتنياهو جبهة يقودها «البيت اليهودي»، و«كلنا»، و«شاس»، التي يخشى قادتها خوض الانتخابات في يونيو. ويأمل نفتالي بينت، رئيس البيت اليهودي، في أن يسمح منع نتنياهو من إجراء الانتخابات في هذا التاريخ، بإقناعه بعدم التقدم في فكرة تبكير موعد الانتخابات على الإطلاق، بينما يواصل موشيه كحلون السعي للتوصل إلى حل وسط مع زعماء الأحزاب الدينية، الأمر الذي سيسمح بالتصويت على ميزانية الدولة، هذا الأسبوع، ويمنع تفكيك الحكومة. كما تعارض القائمة المشتركة إجراء الانتخابات في هذه الفترة بسبب قربها من شهر رمضان، في حين يرغب «يوجد مستقبل» و«ميرتس» في إجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن.
ونتنياهو قد صرح في الكنيست، أول من أمس: «يجب على المعارضة تقدير الجمهور الإسرائيلي بشكل أكبر. إنه يعرف كيف يميز بين الحقيقة والكذب، بين الجوهر والقشرة. مواطنو إسرائيل يسافرون إلى الخارج ويرجعون من الخارج، ويقولون: جيد لنا هنا. وهم يحبون الدولة. وفوق هذا إنهم يفاخرون بالدولة، وهذا يتناقض تماماً مع ما يسمعونه منكم ومن رفاقكم في وسائل الإعلام». وأضاف نتنياهو: «كنت متأكداً من أنكم ستقدمون، في أعقاب هذه الأزمة، مشروع قانون لحل الكنيست ليس في الأسبوع الماضي بل اليوم. لكن هذا لم يحدث. أنا لم يسبق لي رؤية معارضة مثلكم تخاف من الانتخابات، معارضة تريد للحكومة أن تواصل العمل ولا تذهب للانتخابات. ولذلك أنتم تعرفون أن مقولاتكم هي مقولات فارغة المضمون ولا قيمة لها. أنتم تعرفون أنه إذا جرت الانتخابات فإن الشعب سيمنحنا تفويضاً أكبر».
وتحدث بعد نتنياهو، زعيم المعارضة إسحق هرتسوغ، قائلاً لنتنياهو: «نحن لسنا الحمقى في مملكتك. نحن لا نخاف من الانتخابات. نحن نخاف منك ومما تفعله للدولة، وللديمقراطية، ولسلطة القانون ولحراس البوابة». وقالت عضو الكنيست تسيبي ليفني (المعسكر الصهيوني) لنتنياهو: «إذا بادرت إلى الانتخابات، فسيكون ذلك لكي تتمكن من الوصول إلى الانتخابات قبل أن يعرف الجمهور حقيقة فسادك الشخصي، وقبل أن يروي الأشخاص الذين عملوا معك ويعرفونك الحقيقة كاملة. ومن أجل إخفاء الحقيقة ستعود إلى إخراج الكراهية والملاحقة من جيبك، ومرة أخرى سوف تحرض الناس بعضهم على بعض، فأنت تتغذى سياسياً من الكراهية».
وتوجهت عضو الكنيست رفيطال سويد، من المعارضة، برسالة إلى المستشار القضائي للحكومة، أبيحاي مندلبليت، تطالبه فيها بمنع نتنياهو من استغلال الجهاز القضائي في معركته. وقالت إن عليه أن يحدد سقفاً زمنياً أعلى لتقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو قبل الانتخابات، «حتى لا ينخدع الناخبون. عليهم أن يعرفوا إن كانوا سيصوتون لرئيس حكومة فاسد أم لا».
استطلاعات الرأي المؤيدة تغري نتنياهو بتبكير الانتخابات بأي ثمن
استطلاعات الرأي المؤيدة تغري نتنياهو بتبكير الانتخابات بأي ثمن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة