تونس: تأجيل حسم مصير الحكومة إلى الأسبوع المقبل

تشكيل لجنة رئاسية عليا لدراسة مقترحات للخروج من الأزمة

TT

تونس: تأجيل حسم مصير الحكومة إلى الأسبوع المقبل

خلال اجتماعها أمس في قصر قرطاج، اتفقت الأطراف الموقعة على «وثيقة قرطاج» على تشكيل لجنة رئاسية عليا، تتكون من ممثلين اثنين عن كل حزب سياسي، ومنظمة من الأطراف الموقعة على الوثيقة، لتدارس الجوانب المتعلقة بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، قبل العودة مجددا إلى طاولة الاجتماعات خلال الأسبوع المقبل، وهو ما أرجأ الحسم في مصير حكومة الشاهد إلى الأسبوع المقبل.
وفي حين تمسك اتحاد الشغل (نقابة العمال) بتقييم عمل الحكومة، والنظر في الفريق الحكومي، ورئيسه ومدى قدرته على تجسيم إكراهات المرحلة المقبلة. كشف الرئيس الباجي قائد السبسي عن الأطراف السياسية والاجتماعية التي تمكنت خلال الاجتماع، الذي ضم أربع منظمات وطنية وخمسة أحزاب سياسية، من تقديم مقترحات للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها حكومة يوسف الشاهد، وقال إن حزبي النداء والنهضة ومنظمة اتحاد الشغل النقابية هي الأطراف التي قدمت مقترحات قابلة للنقاش.
وحضر الاجتماع، الذي وصفه مشاركون بأنه «لقاء المصارحة والوضوح، بعيدا عن المجاملات والمحاباة»، حزب النداء وحركة النهضة و«المبادرة» و«المسار الديمقراطي الاجتماعي»، و«الاتحاد الوطني الحر»، فيما غاب عنه حزب آفاق تونس، والحزب الجمهوري، وحركة مشروع تونس. أما المنظمات النقابية التي شاركت في الاجتماع فهي اتحاد الشغل (نقابة العمال)، واتحاد الصناعة والتجارة (مجمع رجال الأعمال)، واتحاد الصناعة والتجارة (نقابة الفلاحين)، واتحاد المرأة (منظمة مستقلة).
وكان اجتماع مماثل قد عقد في 13 من يناير (كانون الثاني) الماضي خلال تصاعد موجة الاحتجاجات الاجتماعية المطالبة بإلغاء قانون المالية 2018، وما تضمنه من زيادات في الأسعار، وشهد اللقاء كذلك التحاق الاتحاد الوطني للمرأة التونسية (منظمة مستقلة) بوثيقة قرطاج.
وجاء الاجتماع الجديد في ظل تدهور المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، وتنامي الخلافات مع الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة الحكومة)، التي دعت إلى إجراء تعديل وزاري، وضخ دماء جديدة في تركيبة الحكومة، وهو ما اعتبر تدخلا من اتحاد الشغل في الشأن السياسي. وفي هذا الشأن، قال محسن حسن، القيادي في حزب النداء، إن «من حق نقابة العمال أن تبدي رأيها حول كل الملفات المطروحة، باعتبار أنها تمثل أحد الموقعين على (وثيقة قرطاج)، التي انبثقت عنها الحكومة الحالية، لكن ذلك لا يخول لها الدعوة إلى تغيير الربان»، في إشارة إلى يوسف الشاهد رئيس الحكومة.
وأضاف حسن موضحا أن «نداء تونس» ما زال يعد داعما مهما لعمل الحكومة وفق وثيقة قرطاج، داعيا الاتحاد العام للشغل (نقابة العمال) إلى إبداء رأيه في إطار اجتماعات الموقعين على وثيقة قرطاج.
من ناحيته، اعتبر عماد الخميري، القيادي في حركة النهضة، أن هذا اللقاء يعد «أكثر من مهم وضروري حتى تقدم الأحزاب الموقعة على وثيقة قرطاج ما تراه مناسبا لمعالجة الوضع الاقتصادي المتدهور، خاصة بعد فشل الحكومات المتعاقبة في معالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية بشكل جذري».
ويشترك حزب نداء تونس مع حركة النهضة في الدعوة إلى حوار وطني لمحاولة إيجاد حلول لتردي الوضع الاقتصادي وانعكاساته على الوضع الاجتماعي، كما يطالب حزب النداء باعتماد طريقة جديدة لإدارة الشأن الحكومي، ودعوة الأحزاب التي رفضت البقاء في «وثيقة قرطاج» إلى العودة قصد تحقيق وفاق شامل بين الأحزاب والمنظمات، والبحث عن طرق مثلى للخروج من الوضع المتردي.
من جهته، أكد سامي الطاهري، القيادي في اتحاد الشغل، لـ«الشرق الأوسط» أن الاتحاد طالب خلال اجتماع الموقعين على «وثيقة قرطاج» بضرورة تقييم أداء الحكومة خلال المرحلة الماضية والتفاعل بجدية مع نتائج التقييم، لكنها أخذت الوقت الكافي دون تحقيق نجاح في تنفيذ الإصلاحات، أو تحقيق الأولويات المطروحة في الوثيقة المتفق عليها، ومن أهمها الانتعاشة الاقتصادية ومكافحة الفقر والتهميش وتغيير منوال التنمية، حسب رأيه.
على صعيد آخر، نظمت وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية أمس استشارة ختامية حول مشروع القانون الأساسي المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية.
وقال مهدي بن غربية، وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني، إن القانون الجديد سيحافظ على الخصائص التي ميزت قانون الأحزاب الصادر سنة 2011، مع الاهتمام بمحاور جديدة فرضها الواقع السياسي الجديد، ومن بينها مسألة «تمويل الأحزاب»، و«الحوكمة والرقابة والعقوبات».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».