رسائل لبنانية تطمئن المجتمع الدولي قبل مؤتمرات الدعم

الحكومة تقر الموازنة... وعون لطرح الاستراتيجية الدفاعية بعد الانتخابات

عون يلقي كلمة في «مؤتمر التحول الرقمي- 2018» ببيروت أمس (دالاتي ونهرا)
عون يلقي كلمة في «مؤتمر التحول الرقمي- 2018» ببيروت أمس (دالاتي ونهرا)
TT

رسائل لبنانية تطمئن المجتمع الدولي قبل مؤتمرات الدعم

عون يلقي كلمة في «مؤتمر التحول الرقمي- 2018» ببيروت أمس (دالاتي ونهرا)
عون يلقي كلمة في «مؤتمر التحول الرقمي- 2018» ببيروت أمس (دالاتي ونهرا)

دفع لبنان برسائل تطمين إيجابية باتجاه المجتمع الدولي، قبل انعقاد المؤتمرات الدولية الثلاثة لدعم لبنان، لجهة إقرار الموازنة المالية العامة لعام 2018، والتأكيد على محاربة الفساد والسير في طريق التأهيل التقني للإدارات العامة لتعزيز الشفافية، فيما أكد الرئيس اللبناني ميشال عون قبل يومين من انعقاد مؤتمر روما غداً (الأربعاء)، أن الاستراتيجية الدفاعية الوطنية ستكون موضع بحث بين القيادات اللبنانية بعد الانتخابات النيابية.
ولاقت تلك الإجراءات اللبنانية تقديراً دولياً، إذ قالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان برنيل داهلر كارديل بعد لقائها عون: «إنه لأمر مشجع أن نشهد التحضيرات الوطنية الحالية لإقرار الموازنة المهمة للبنان ولإنجاح المؤتمرات المقبلة، إن بالنسبة إلى مؤتمر روما أو مؤتمر باريس لدعم الاقتصاد اللبناني، في ظل الإجراءات الإصلاحية المهمة التي سيتخذها لبنان».
وأقر مجلس الوزراء أمس، موازنة عام 2018، وأحالها إلى مجلس النواب. وقال رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بعد الجلسة: «عملنا طويلاً من خلال اللجنة الوزارية من أجل إقرار موازنة 2018 وأقررناها». وأضاف: «كل الوزارات التزمت بتخفيض الموازنة 20 في المائة، وأشكر وزير المال على إنجاز الموازنة»، معتبراً أن «ما حصل يمثل إنجازاً». كما أكد أن الموازنة «تتضمن إصلاحات وحوافز لكل القطاعات».
بدوره، أكد وزير المال علي حسن خليل: «سنلتزم بمشروع قطع الحساب وإنهاء الحسابات عن السنوات الماضية»، مؤكداً أنه «لم يتم إقرار أي ضريبة إضافية أو أي عبء إضافي على المواطن».
وتؤكد الإجراءات الحكومية «وجود إرادة وطنية لمحاربة الفساد»، بحسب ما قال وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني لـ«الشرق الأوسط»، موضحاً أن القوانين التي أقرت بينها «حرية الوصول للمعلومات ومكافحة الثراء غير المشروع وتوحيد آليات المناقصات والتصنيف، كلها إشارات إيجابية للمجتمع الدولي عن عزمنا على مكافحة الفساد». وقال: «إننا بصدد تعيين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لتعزيز الشفافية أكثر».
ورأى تويني أن «هذه الإجراءات التي نفذت أيضاً، تمثل رسالة تطمين للمجتمع الدولي وتصميماً على مكافحة الفساد، كما أنها إعلان نيات اقترنت بخطوات تنفيذية»، لافتاً إلى أن إنشاء الوزارة «كان بداية حسنة باتجاه توجيه جهود الدولة والهيئات التفتيشية نحو الحد من الهدر والفساد ومكافحته». ورأى أن افتتاح الحكومة الرقمية أمس «يزيد الآمال بإضعاف محاولات الفساد المباشر وغير المباشر عبر العلاقة بين المواطن والموظف».
بدوره، أكد وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون «وجود نيات ثابتة لدى عون والحريري، لتكون هناك إشارات إيجابية ترسل إلى المجتمع الدولي وتؤكد عزم لبنان على الانطلاق بالإصلاحات»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن النجاح في إقرار الموازنة أمس «يعتبر خطوة، لكنها لن تكون كافية إذا لم ترافق بعدة خطوات أخرى»، شارحاً: «كلنا واعون لدقة الوضع الاقتصادي والأزمة الاقتصادية»، وأن «الاستقرار المالي أساسي لإمكانية تحريك الوضع الاقتصادي من جهة، وهناك تعويل على مؤتمر باريس لتحريك الاقتصاد من جهة أخرى».
وأعرب فرعون عن قناعته بأنه «يجب من اليوم أن تكون هناك رسالة واضحة بملفات الفساد أو الملفات الأخرى التي تحوطها اتهامات بالفساد»، لافتاً إلى أن ذلك «ممكن جداً من اليوم». وقال: «طالبت في مجلس الوزراء بوضع الملفات الأساسية التي تعني كل القطاعات مثل الكهرباء والأشغال وغيرها تحت قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي بات حقيقة منجزة منذ 9 سبتمبر (أيلول) الماضي، ولا تزال هناك إمكانية لتحويل تلك القوانين ما يرسل رسائل إيجابية للمجتمع الدولي». وشدد على ضرورة أن تكون هناك إصلاحات، و«الحاجة إلى فريق استثنائي تكون له الخبرة الإدارية والسياسية والنزاهة للخروج من الوضع الدقيق جداً». كما شدد على وجود تطمينات سياسية «عبر الالتزام بالنأي عن النفس والنقاش حول الاستراتيجية الدفاعية التي تؤمن استقراراً سياسياً مستداماً».
وكان لافتاً إعلان رئيس الجمهورية أن البحث في الاستراتيجية الدفاعية سيكون بعد الانتخابات، إذ شدد على أن «ما سيصدر من قرارات وتوصيات عن مؤتمر روما سوف يعزز قدرات المؤسسات الأمنية كافة، ولا سيما منها الجيش الذي يطالب لبنان بتزويده بأسلحة نوعية تمكنه من أداء دوره من خلال الاستراتيجية الدفاعية الوطنية التي ستكون موضع بحث بين القيادات اللبنانية بعد الانتخابات النيابية في شهر مايو (أيار) المقبل، التي ستنبثق منها حكومة جديدة».
وتعد مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، أول دفع للأمام في عهد الرئيس عون تجاه محاولة إيجاد حل لملف خلافي هو الأبرز بين الكتل السياسية، ويتصل بسلاح «حزب الله». وقد فشلت طاولة الحوار السابقة التي دعا إليها الرئيس السابق ميشال سليمان في إيجاد حل لهذه المشكلة.
وأمل عون في أن يحقق مؤتمر «روما2» الذي ينعقد غداً في العاصمة الإيطالية، النتائج المرجوة منه لجهة توفير الدعم للجيش والقوات المسلحة اللبنانية كي تتمكن من الاستمرار في قيامها بواجبها في حفظ الأمن والاستقرار وبسط سلطة الشرعية على كل الأراضي اللبنانية. واعتبر أن «مشاركة الدول الشقيقة والصديقة والهيئات الدولية في هذا المؤتمر تدل مرة أخرى على الثقة بلبنان والرغبة في مساعدته على مواجهة التحديات المرتقبة».
وبموازاة بحث رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس مع السفير الفرنسي لدى لبنان برونو فوشيه في التحضيرات الحالية لانعقاد مؤتمر «سيدر» في باريس في السادس من الشهر المقبل، أكد عون، أن تحديث الدولة والتطوير الإداري ضرورة وليس ترفاً أو من الكماليات، معتبراً أن تأهيل إدارات الدولة، تقنياً، هو المدخل لتحديث الدولة ومكافحة الفساد في الإدارة، والحد من هجرة الأدمغة. وشدد الرئيس عون خلال رعايته «مؤتمر التحول الرقمي - 2018» في بيروت أمس، على أن «الفساد في إدارة الدولة هو وجه من أوجه الفساد العام، ومكافحته ضرورة على كل الصعد»، موضحاً أنه «يسيء إلى سمعة الدولة ككل، ويضرب ثقة المواطن بمؤسساته الرسمية، ويعرقل سير العمل».
واعتبر عون أن «التأليل أو التحول الرقمي، هو إجراء عملي لقطع دابر هذا الفساد، لأنه يؤمّن شفافية الإدارة، ويقطع الطريق أمام كل أنواع الرشوة والسمسرة والعرقلة، ويمنع التزوير، كما يؤمّن أيضاً سلامة المحفوظات وحمايتها وسهولة حفظها والعودة إليها عند الحاجة، ويوفر الوقت والجهد». ولفت إلى أنه لا يمكن لأي قطاع أن ينطلق كما يجب ويحقق إنجازاً، في ظل إدارة تكبّلها البيروقراطية والتقنيات القديمة والتقليدية، وينخرها الفساد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».