سوق الدعاية والإعلان الرابح الأول في انتخابات الرئاسة المصرية

تضم آلاف العمال في {الفراشة} والنجارة والطباعة

TT

سوق الدعاية والإعلان الرابح الأول في انتخابات الرئاسة المصرية

تشهد سوق الدعاية في الانتخابات الرئاسية المصرية، انتعاشة اقتصادية بارزة، حيث يقوم آلاف المواطنين، والمحلات، والمؤسسات التجارية، ورجال الأعمال، بتعليق لافتات تأييد، وإقامة مؤتمرات جماهيرية للمرشحين. ويظهر الرواج الاقتصادي لسوق الفراشة والدعاية والإعلان بوضوح في معظم الشوارع والميادين الرئيسية، بالعاصمة المصرية القاهرة، بالإضافة إلى المدن الكبرى، بكل أنحاء الجمهورية المصرية.
وتتكرر الانتعاشة مع كل موسم انتخابات في مصر... (رئاسية، أو برلمانية، أو محليات، بجانب الاستفتاء على الدستور)، إذ يزدهر الطلب على محلات الفراشة، والمطابع، وورشات النجارة، بجانب شركات إعلان «أوت دور»، قبيل الاقتراع بنحو شهرين، وتضم هذه السوق آلاف العمال غير الدائمين، حيث تنعكس فترة الدعاية الانتخابية على دخلهم الاقتصادي بشكل مباشر، كما يساهم رواج الدعاية الانتخابية في در رأس مال عامل في السوق، يساعد على التخفيف من حدة فترات الكساد التي تضرب الأسواق في المواسم العادية وخاصة في فصل الشتاء، وفقا لخبراء الاقتصاد والتجار.
وقال أشرف خيري، رئيس شعبة الدعاية والإعلان باتحاد الصناعات المصري: «هناك إقبال على الإعلانات الخارجية (أوت دور)، ما تسبب في إنعاش الطلب على الشركات الإعلانية»، ولفت: «من الصعب عمل حصر بحجم الإنفاق الدعائي».
وأضاف في بيان صحافي إن «أغلب العملاء الذين يقومون بعمليات الدعاية هم مواطنون متبرعون، أو كيانات ومؤسسات مجتمع مدني، وبعض رجال الأعمال»، وأكد أن السوق الإعلانية تشهد انتعاشة بسبب الانتخابات الرئاسية، رغم ارتفاع أسعار خامات الدعاية والإعلان بنسبة تصل إلى 50 في المائة مقارنة بالأعوام الماضية.
ويتنافس على منصب رئيس الجمهورية في الانتخابات المقبلة، الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، والمرشح موسى مصطفى موسى، رئيس حزب الغد، وسط توقعات بفوز ساحق للسيسي، الذي يتمتع بشعبية كبيرة في معظم المدن المصرية، ورصدت «الشرق الأوسط»، عددا كبيرا من أشكال الدعاية والتأييد له من قبل مؤسسات الدولة، والمواطنين، ورجال الأعمال في الشوارع والميادين.
من جهته، قال محمد فوزي، رئيس شعبة الفراشة بغرفة القاهرة التجارية إن «الطلب على الفراشة زاد بنسبة 50 في المائة على الرغم من ارتفاع الأسعار». مشيراً إلى أن «سوق الفراشة فشلت في تحقيق انتعاشة حتى في موسم عيد الأضحى الماضي، بسبب ارتفاع أسعار اللحوم، وقصر أداء العزاء في دور المناسبات».
وأضاف فوزي في تصريحات صحافية: «أسعار بوابات الدعاية الانتخابية لحملات الرئاسة، لم تختلف كثيراً عن الحملات السابقة، لكن أسعار الشوادر شهدت ارتفاعا ملحوظا، وفقاً لعدد الكراسي والمساحة».
في السياق نفسه، قال علاء الدين خليل، صاحب محل فراشة بمنطقة عين شمس (شرق القاهرة)، لـ«الشرق الأوسط»: «كنا ننتظر موسم الانتخابات الرئاسية، لتعويض مواسم الركود الطويلة، على مدار العام، وحاليا أقوم بتأجير بوابات خشبية، تبدأ من 30 جنيهاً لليوم الواحد، وتصل إلى 100 جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 17.6 جنيه مصري)». ولفت إلى مشاركته السابقة في الدعاية الانتخابية للاستفتاء على الدستور في عام 2014. بعدما استعانت به محافظة القاهرة مع آخرين لتركيب قطع من الفراشة أمام اللجان الانتخابية بالمدارس الحكومية.
وأضاف «علاء الدين» قائلا: «معظم أصحاب محلات الفراشة يستعينون بعمالة غير منتظمة، حسب ظروف العمل. ويتراوح أجر العامل، ما بين 10 و100 جنيه مصري في اليوم الواحد، وفق الإنتاج اليومي، وعدد القطع التي يتم تركيبها». وأشار إلى «قيام الكثير من أصحاب المحلات، بالاشتراك في تركيب لافتات دعائية للمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي».
إلى ذلك، قال الدكتور مدحت نافع، أستاذ الاقتصاد وخبير التمويل، لـ«الشرق الأوسط»: «رواج سوق الدعاية الانتخابية في رئاسية مصر، ينعكس بشكل مباشر بالإيجاب على آلاف العمال المتخصصين في مجال الدعاية والإعلان، بالإضافة إلى الصناعات المغذية لها، حتى وإن كانت عمالة غير منتظمة أو مؤقتة». وأضاف قائلا: «انتعاش سوق الدعاية في فترة الانتخابات، يساهم بشكل أساسي في تنمية رأس المال العامل، والذي يمكن الاستفادة منه في وقت الكساد أو الركود التجاري، في بقية شهور السنة، للإنفاق على إيجار المحلات أو تسديد رواتب العاملين».
وأوضح «نافع» أن «تدوير الأموال في السوق الداخلية، يعود بالنفع على فئات كثيرة من المجتمع، ويكون أفضل بكثير من إيداعها في البنوك أو استثمارها في مجال العقارات». وشدد على أهمية «التخلص الآمن من مخلفات الدعاية، مراعاة للصحة البيئية»، مشيرا إلى «إمكانية قيام شركات إعادة تدوير متخصصة، بجمع اللافتات من الشوارع عقب انتهاء عملية التصويت وشرائها من المواطنين بأثمان مناسبة، وفي تلك الحالة ستكون الاستفادة أكبر».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.