واشنطن تلوّح بالقوة العسكرية لوقف هجوم الأسد على الغوطة

مشروعها يطالب مجلس الأمن بدعوة كل الأطراف إلى وقف القتال 30 يوماً

TT

واشنطن تلوّح بالقوة العسكرية لوقف هجوم الأسد على الغوطة

مع دخول الحرب السورية عامها الثامن، لوحت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي أمس الاثنين، بالعصا ضد نظام الرئيس بشار الأسد، لوقف هجومه العسكري على الغوطة الشرقية، فوراً، معلنة توزيع مشروع قرار جديد على أعضاء مجلس الأمن، بعد فشل القرار 2401 في تحقيق هذه الغاية. غير أن نظيرها الروسي فاسيلي نيبينزيا كرر الدفاع عن الحملة العسكرية التي تنفذها قوات الأسد بدعم من روسيا وإيران.
ووزع مشروع القرار الأميركي الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، قبيل جلسة علنية عقدها أعضاء مجلس الأمن واستمعوا خلالها إلى تقرير شفهي من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن تنفيذ القرار 2401. يتزامن مع الذكرى السنوية الثامنة لبدء الحرب السورية. وقال غوتيريش إنه فيما توقفت الأعمال القتالية في بعض المناطق مثل دير الزور ودوما، فإن «الضربات الجوية وأعمال القصف والهجمات البرية اشتدت في الغوطة الشرقية بشكل خاص بعد اعتماد القرار وحصدت المئات من أرواح المدنيين، حتى إن البعض أبلغ عن تخطي عدد القتلى لأكثر من ألف شخص». وأضاف أنه «لم يكن تقديم المساعدات والخدمات الإنسانية آمناً أو مستداماً أو من دون عائق، ولم يتم رفع أي حصار أو إجلاء أي مريض أو مصاب بجروح خطيرة». وأكد أنه «على رغم بذل قصارى جهدنا، لم يكن من الممكن جدولة أي اجتماع» بين الجهات المتحاربة من أجل تنفيذ القرار، مشيرا إلى اتصالات مكثفة قام بها مبعوثه الخاص ستيفان دي ميستورا مع كل الأطراف، بما في ذلك الحكومة السورية وروسيا، فضلا عن جماعات المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية. وكرر أنه «ينبغي أن يكون وقف الأعمال العدائية ممكنا. يجب أن يكون توصيل المساعدات ممكنا. يجب أن يكون إخلاء المرضى والجرحى ممكنا. يجب أن يكون رفع الحصار ممكناً».
وعلى الأثر، تحدث المندوب الكويتي الدائم لدى الأمم المتحدة منصور العتيبي نيابة عن كل من الكويت والسويد باعتبارهما الجهة التي تقدمت بالقرار 2401، فقال إن «الموقف الموحد الذي وجهه مجلس الأمن للشعب السوري وللعالم باعتماده القرار 2401 يوم 24 فبراير (شباط) 2018، يجب استثماره على نحو سريع وفعّال»، مشدداً على أن «القرار إنساني بالدرجة الأولى، وهناك مسؤولية جماعية علينا كأعضاء في مجلس الأمن وخاصة الأطراف ذات التأثير، في صون مصداقيتنا أمام العالم والعمل على تنفيذ أحكام القرار 2401».
وتحدثت المندوبة الأميركية، فأفادت أن الولايات المتحدة «حاولت العمل مع روسيا بحسن نيّة من أجل إنهاء العنف في سوريا»، ولكن «اليوم، نعرف أن الروس لم يفوا بالتزامهم»، إذ «لا تزال القنابل تتساقط على أطفال الغوطة الشرقية». وشككت في «قدرة روسيا على التأثير على نظام الأسد لوقف التدمير المروع للمستشفيات والعيادات الطبية وسيارات الإسعاف، ولوقف إسقاط الأسلحة الكيماوية على القرى». ولاحظت أنه «خلال الأسبوعين الماضيين، انهمك النظامان الروسي والسوري بوصم كل جماعة معارضة في الغوطة الشرقية على أنها جماعة إرهابية. لماذا؟ كي يتمكنوا من استغلال بند في قرار وقف النار يسمح بالقيام بعمليات عسكرية ضد داعش والقاعدة». وأعلنت توزيع مشروع قرار «بسيط ومباشر وملزم (....) لا يتضمن فجوات لمكافحة الإرهاب يمكن للأسد وإيران والروس أن يتلطوا خلفها»، مذكرة بأن بلادها حذرت بعد هجوم خان شيخون بغاز السارين في 4 أبريل (نيسان) 2017 من أنها ستتصرف في حال عجز مجلس الأمن، ونفذت تحذيرها بضرب قاعدة الشعيرات الجوية. وقالت: «نكرر هذا التحذير اليوم (....) الولايات المتحدة لا تزال مستعدة للقيام بعمل ما إذا توجب علينا ذلك».
ورد المندوب الروسي معتبراً أن «عملية الجيش السوري لمحاربة الإرهاب في الغوطة الشرقية لا تتعارض مع القرار 2401». وقال إن «للحكومة السورية الحق الكامل في الدفاع عن أمن مواطنيها والتصدي للتنظيمات الإرهابية والسعي للقضاء على الأخطار التي تهدد المواطنين». وطالب الدول الغربية بأن «تمارس تأثيرها على الجماعات التي يدعمونها ويرعونها بدلا من استمرار توجيه الاتهامات لسوريا وروسيا». وأشار إلى أن هناك «ممرات إنسانية لإخراج المدنيين من الغوطة وإدخال المساعدات الإنسانية. لكن الإرهابيين قصفوها وأطلقوا النار على مظاهرات خرجت في الغوطة الشرقية تطالبهم بالخروج من بلداتهم». وتحدث عن «معلومات عن عمليات استفزازية تحضر في الغوطة لاتهام الحكومة السورية بشن هجوم كيماوي».
وبموجب مشروع القرار الأميركي الجديد في حال إصداره، فإن مجلس الأمن «يقرر أن توقف كل الأطراف أعمال القتال لمدة 30 يوماً متعاقبة في كل أنحاء الغوطة الشرقية ومدينة دمشق فوراً». وكذلك «يجب أن تسمح كل الأطراف بالوصول الآمن والمستدام وغير المعرقل للقوافل الإنسانية التابعة للأمم المتحدة ولشركائها المنفذين، بما فيها كل اللوازم الطبية والجراحية والموظفين الطبيين وموظفي المساعدة الإنسانية الذين يعملون حصرياً في المهمات الإنسانية إلى الغوطة الشرقية».
ويشدد المشروع على «وجوب القيام بأي عمليات إجلاء أو تنقل للمدنيين تتماشى مع القانون والمبادئ الإنسانية الدولية»، فضلاً عن «أهمية أن يكون أي تحرك للمدنيين طوعياً وإلى الوجهات النهائية المناسبة من اختيارهم». ويطلب من الأمين العام أن «يضع على وجه السرعة مقترحات من أجل رصد تنفيذ وقف الأعمال القتالية ومن أجل أي تحرك للمدنيين من منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة»، مطالباً كل الأطراف بـ«الوفاء بترتيبات وقف النار الحالية والتزامها، بما في ذلك التنفيذ الكامل للقرارين 2268 و2401»، وداعياً كل الدول إلى «استخدام نفوذها لدى الأطراف لضمان الامتثال لوقف الأعمال القتالية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».