تشتت القوى المعارضة لـ{الثنائي الشيعي} يقلص حظوظها في الانتخابات

اجتماع موسع تعقده اليوم في البقاع لحسم أمرها

TT

تشتت القوى المعارضة لـ{الثنائي الشيعي} يقلص حظوظها في الانتخابات

تواجه القوى المعارضة للثنائي الشيعي المتمثل بحزب الله وحركة «أمل»، في مناطق نفوذهما، وبالتحديد في بعلبك (شرق البلاد) وفي الجنوب اللبناني، صعوبات كبيرة في توحيد صفوفها لرفع حظوظها بخرق لوائحه، رغم اعتماد القانون النسبي.
ولا تقتصر التحديات التي تتعاطى معها على سعي كل مجموعة لتكون صاحبة الكلمة الرئيسية في أي لائحة يتم السعي لتشكيلها، بل على محاولة الثنائي الشيعي شق صفوفها بوسائل مختلفة بعدما أيقن أن القانون الانتخابي الجديد بات يهدد بخسارته عددا، ولو محدودا، من المقاعد النيابية التي اعتاد أن يكسبها من دون بذل الكثير من الجهود، في ظل القانون السابق الذي كان يعتمد النظام الأكثري.
وقبل أسبوعين من الموعد النهائي الذي أعلنته وزارة الداخلية لتشكيل اللوائح، لا تزال المجموعات المعارضة لحزب الله وحركة «أمل» تناقش البرنامج الانتخابي الأفضل الواجب تبنيه لحث الجماهير على الاقتراع لصالحها، في ظل الانقسام الحاصل ما بين مجموعات تتبنى خطابا عالي النبرة بوجه «الثنائي» و«منطق الدويلة» و«السلاح غير الشرعي»، ومجموعات ترفض الخوض في هذه الشعارات وتفضل السير بحملتها الانتخابية بوعود بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية موجهة سهامها إلى أحزاب السلطة ككل لا إلى حزب الله و«أمل» بشكل خاص.
وتتركز الأنظار وبشكل رئيسي إلى دائرة بعلبك - الهرمل في البقاع، حيث يبدو خرق لائحة «الثنائي» متاحا أكثر من أي دائرة أخرى، وهو ما جعل حزب الله يستنفر منذ أسابيع إلى حد دخول أمينه العام حسن نصر الله على الخط للحديث عن تدخل سفارات دول إقليمية وغربية في عملية تشكيل اللوائح والدعم المالي في الدائرة المذكورة، معتبرا أنها «من أهم المناطق المفتوحة العين عليها».
ويبلغ عدد الناخبين في دائرة بعلبك - الهرمل 309 آلاف ناخب، ويصل عدد المقترعين إلى 180 ألفا، أما عدد المقاعد 10 وتتوزع ما بين 6 شيعة، 2 سنة، 1 موارنة، 1 روم كاثوليك. وُتعتبر الكتلة الشيعية الناخبة هي الأكبر باعتبار أنه يبلغ عدد الناخبين الشيعة المسجلين 226318 فيما يبلع عدد السنة 41081، والموارنة 22706، والكاثوليك 16380. ويُرجح أن يكون الحاصل الانتخابي بحدود 17000 صوت، وهو رقم تستطيع قوى المعارضة وبخاصة في حال توحدت أن تبلغه ما يُسهم بتحقيقها ولو خرقا واحدا على الأقل، بحسب خبراء انتخابيين.
ويُعقد اليوم اجتماع موسع لكل قوى المعارضة التي تسعى لتشكيل لوائح بوجه لائحة حزب الله - أمل بدعوة من رئيس المجلس النيابي السابق حسين الحسيني، كما أكد رئيس بلدية بعلبك السابق غالب ياغي لـ«الشرق الأوسط»، لافتا إلى أن «الجهود لتوحيد الصفوف وتشكيل لائحة واحدة في المنطقة لا تزال مستمرة وإن كانت المهمة صعبة نظرا لكثرة المرشحين». وأضاف ياغي: «في حال لم ينجح الاجتماع اليوم بالتوصل لتفاهم على تشكيل لائحة واحدة فالأرجح أننا نتجه إلى 3 لوائح بمواجهة لائحة الثنائي الشيعي».
وكما في البقاع، يستمر حراك «المعارضة الشيعية» في الجنوب، حيث أعلن نهاية الأسبوع الماضي من مدينة النبطية في جنوب لبنان عن تشكيل لائحة بمواجهة لائحة «الثنائي الشيعي» في دائرة «الجنوب الثالثة» التي تشمل أقضية بنت جبيل، مرجعيون، حاصبيا والنبطية.
وتضم اللائحة التي تبنّت شعار «شبعنا حكي» الصحافي المعارض لـ«حزب الله» علي الأمين، والأسير المحرر من سجون إسرائيل أحمد إسماعيل والصحافي عماد قميحة. وكان المستشار العام لحزب الانتماء اللبناني أحمد الأسعد، سبق الشخصيات الـ3 السابق ذكرها إلى إعلان تشكيل لائحة «فينا نغيّر» في فبراير (شباط) الماضي.
ويشير علي الأمين إلى أن ما تم الإعلان عنه مؤخرا نواة لائحة وليس لائحة متكاملة، باعتبار أن العمل ينصب حاليا على محاولة تجميع كل القوى في لائحة واحدة وإلا نقولها صراحة لن نكون قادرين على الخرق، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذا الخرق الذي نتوق إليه ليس خرقا انتخابيا فقط بل هو وبشكل أساسي خرق سياسي طال انتظاره بعد 26 عاما». ويضيف: «لا شك أن مهمتنا ليست سهلة على الإطلاق في ظل سطوة السلاح وتحكم (أمل) بأجهزة الدولة والمؤسسات، إضافة إلى المحاولات الحثيثة التي يمارسها الثنائي لإفشال مهمة توحيد الصفوف، لكن ما يعنينا أولا وأخيرا هو التأكيد على وجود حالة اعتراض جنوبية كانت وستبقى موجودة».
ولا تقتصر اللوائح التي يتم تشكيلها في دائرة «الجنوب الثالثة» على الأسعد والأمين، بل يبدو أن الحزب «الشيوعي» يشكل لائحة خاصة به كما عدد من الشخصيات المستقلة، ومنها فادي أبو جمرا الذي أكّد لـ«الشرق الأوسط» أن هدفهم ليس خرق لائحة «أمل - حزب الله» بل ممارسة المعارضة الحقيقية على أداء السلطة الحاكمة، سعيا للوصول إلى بلد يقوم على أساس المواطنة الحقيقية، لافتا إلى أن لا إمكانية للتلاقي مع المجموعات الأخرى إلا في حال اقتربت من خطابنا، أما إذا ظل هدفها وطموحها خرق الثنائي، فلا شك أن من الصعوبة في مكان أن نتلاقى».
ويبدو المشهد في دائرة الجنوب الثانية (الزهراني - صور) أقل تعقيدا من «الجنوب الثالثة» حيث تفيد المعلومات عن توصل المهندس رياض الأسعد إلى تفاهم مع الحزب «الشيوعي» على تشكيل لائحة «الزهراني - صور معا»، ويعولان من خلالها على خرق لائحة «الثنائي الشيعي» بمقعدين بعد تمكنها من تأمين الحاصل الانتخابي الذي يقدر بنحو 26 ألف صوت.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.