هل منح بروستر «يويفا» الدفعة اللازمة للتحرك ضد العنصرية؟

اللاعب الإنجليزي الشاب قرر التصدي للقضية بعد إهانته في بطولة أوروبا وكأس العالم للناشئين

ريان بروستر يحتفل بأحد أهدافه خلال مشاركته مع منتخب إنجلترا في مونديال تحت 17 عاماً
ريان بروستر يحتفل بأحد أهدافه خلال مشاركته مع منتخب إنجلترا في مونديال تحت 17 عاماً
TT

هل منح بروستر «يويفا» الدفعة اللازمة للتحرك ضد العنصرية؟

ريان بروستر يحتفل بأحد أهدافه خلال مشاركته مع منتخب إنجلترا في مونديال تحت 17 عاماً
ريان بروستر يحتفل بأحد أهدافه خلال مشاركته مع منتخب إنجلترا في مونديال تحت 17 عاماً

أعلن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) أنه لم يجد دليلا مؤكدا على أن لاعب ليفربول الإنجليزي ريان بروستر، البالغ من العمر 17 عاما، قد تعرض لإساءة عنصرية من لاعب سبارتاك موسكو الروسي ليونيد ميرونوف خلال مباراة الفريقين في دوري أبطال أوروبا للشباب العام الماضي.
في الحقيقة، يملك الاتحاد الأوروبي لكرة القدم سجلا مروعا للغاية في هذا الإطار يجعل من الصعب على أي شخص ألا ينظر إليه بعين الشك والريبة.
وبالمثل، أعتقد أن منظمة «كيك ات أوت» المناهضة للعنصرية، وهي المنظمة التي دائما نرغب في دعمها، قد أخطأت قليلا عندما قالت إنها «شعرت بأسف عميق» من قرار «يويفا» بدلا من التركيز على أن الاتحاد الأوروبي ربما يكون قد تعرض لضغوط، وربما للإحراج، لكي يعزز إجراءاته في هذا الإطار منذ أن قرر بروستر تقديم شكوى رسمية والوقوف بكل قوة في هذا الأمر.
وقبل كل شيء، كانت هذه هي رغبة بروستر الأساسية عندما كشف في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن 7 حالات زعم أنه تعرض خلالها لإساءة عنصرية أو كان شاهدا على حدوث إساءات عنصرية لأحد زملائه، بما في ذلك 5 حالات خلال الأشهر السبعة السابقة وحالة واحدة خلال مباراة المنتخب الإنجليزي أمام نظيره الإسباني في المباراة النهائية لكأس العالم تحت 17 عاما.
وقال بروستر إنه قرر أن يتحدث لأن الوقت قد حان لكي يفهم المسؤولون الذين يديرون هذه الرياضة خطورة هذه القضية ويبدأون، عند الضرورة، فرض العقوبات التي من شأنها أن تكون رادعا مناسبا. وبصفتنا رجال إعلام، ونحن الذين قمنا بإجراء المقابلة الشخصية مع بروستر، فقد شعرنا بالرضا التام للقيام بذلك، وكان من السهل للغاية أن نتفهم أسباب وجود رد فعل ساحق لمصلحته.
وكان الجزء المثير للاهتمام يتمثل فيما إذا كان هذا الشاب البالغ من العمر 17 عاماً سيكون قويا بما فيه الكفاية لتوصيل قضيته إلى مقر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. ومع ذلك، فإن حقيقة أن بروستر كان صغيرا جدا، لدرجة أنه لم يشارك في أي مباراة رسمية مع الفريق الأول لنادي ليفربول، هي على الأرجح أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت للقصة مثل هذا التأثير الكبير.
وما زلنا نتذكر جميعا أنه عندما زعم بروستر أن أحد لاعبي نادي إشبيلية الإسباني قد وصفه بأنه زنجي في إحدى مباريات دوري أبطال أوروبا للشباب، فإن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لم يكلف نفسه عناء الاتصال ببروستر قبل أن يخلص إلى عدم وجود أدلة كافية لكي يتخذ إجراءات تأديبية بحق اللاعب الذي أثيرت ضده هذه المزاعم.
ولم يجر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أي مقابلة مع أي من موظفي ومسؤولي ليفربول لمعرفة ما إذا كان هناك شهود على حدوث هذه الواقعة أم لا، كما لم يجر «يويفا» أيضا أي مقابلة شخصية مع أي من حكام المباراة. وعندما أجريت المقابلة الصحافية مع بروستر في غرفة بالطابق العلوي في أكاديمية ليفربول للشباب، لم نستغرق وقتا طويلا لكي نفهم الأسباب التي جعلت اللاعب الموجود في صلب هذه القضية والذي يلقى دعما كاملا من جانب ناديه يشعر بشكوك خطيرة بشأن العمليات التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم والجهد الذي يبذله - إذا كان يبذل أي جهد من الأساس - لكي يحاول الوصول إلى الحقيقة.
وربما يكون قرار بروستر بالحديث على الملأ عن الإساءات العنصرية التي تعرض لها قد منح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الدفعة اللازمة للتحرك، لأنه على الأقل في قضية ميرونوف كانت هناك محاولة شاملة وجادة من أجل الوصول إلى الحقيقة. صحيح أن هذا قد يكون أقل من المتوقع، لكنه أكبر بكثير مما حدث في قضية إشبيلية، وأكبر بكثير مما حدث في الشكوى التي قدمها بروستر بأنه تعرض لإساءة عنصرية خلال مباراة المنتخب الإنجليزي أمام نظيره الأوكراني في كأس الأمم الأوروبية تحت 17 عاما وأن أحد اللاعبين قد وصفه بأنه زنجي، لكن الاتحاد الأوروبي لم يحرك ساكنا ولم يفعل أي شيء، رغم المساندة التي حصل عليها بروستر من الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم.
ويجب على الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أن يفهم جيدا أنه سيتعرض للانتقادات دائما ما لم يبدأ في اتخاذ إجراءات أقوى، وقبل كل شيء يتوقف عن فرض العقوبات المؤسفة على الفرق والاتحادات الوطنية التي يقوم جمهورها بانتهاكات. لقد كان بروستر شاهدا، على سبيل المثال، على أن أحد زملائه في ليفربول، بوبي أديكاني، قد تعرض لصافرات عنصرية تشبه أصوات القردة في مباراة أخرى للفريق في دوري أبطال أوروبا للشباب أمام سبارتاك موسكو، وهذه المرة في روسيا. ويمكن تفهم الاستنكار الذي أبداه بروستر عندما فرض الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عقوبة على النادي الروسي تتمثل في عرض لافتة تدعو للمساواة ومناهضة العنصرية وإغلاق 500 مقعد من مدرجات ملعب الفريق لم تكن تشهد أي حضور جماهيري من الأساس!
ورغم ذلك، إنه أمر مشجع إلى حد ما - في البداية على الأقل - أن يحقق الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في مزاعم بروستر بأنه تعرض لألفاظ عنصرية من ميرونوف، حيث أجرى الاتحاد الأوروبي مقابلات مع 5 لاعبين من كلا الفريقين، بالإضافة إلى حكام المباراة، قبل أن يتضح أن ميرونوف قد قال هذه الألفاظ العنصرية بعيدا عن سمع جميع اللاعبين الذين كانوا في الملعب!
لا يعني هذا أن هذه الإساءة لم تحدث، بل يعني أن الأمر قد حدث من لاعب تجاه لاعب آخر فقط (اعترف ميرونوف بأنه سب بروستر لكنه لم يوجه له أي ألفاظ عنصرية)، وعلى هذا الأساس كان من الواضح تماماً لماذا لم يتم اتخاذ أي إجراء ضد ميرونوف. وقال الاتحاد الأوروبي في بيانه إن العقوبات التأديبية لا تفرض إلا عندما يكون هناك «دليل ملموس بما فيه الكفاية».
وقد يكون السؤال الذي يجب توجيهه إلى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم هو: هل تم فتح هذا التحقيق ببساطة بسبب خروج بروستر لوسائل الإعلام والحديث على الملأ؟ قد لا يكون من قبيل الصدفة، على أي حال، أن يُتخذ القرار في البداية في شهر يناير (كانون الثاني) ثم يتأخر لمدة شهرين ولا يُعلن عنه إلا عندما يخرج بروستر ويتحدث لوسائل الإعلام. وهل سيتم التعامل مع جميع التحقيقات التي يجريها الاتحاد الأوروبي بهذه الجدية من الآن فصاعدا؟ أم إن هذه كانت حالة استثنائية؟ وبالعودة إلى النقطة السابقة، فإن سجل الاتحاد الأوروبي في التعامل مع مثل هذه الحالات يجعل المرء ينظر إليه بعين الشك والريبة دائما.
وبالمثل، هناك بعض الأسئلة التي يجب توجيهها أيضا إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، حيث قال بروستر إنه خلال المباراة النهائية لكأس العالم وصف أحد لاعبي المنتخب الإسباني مورغان جيبس وايت بأنه قرد. وهذه المرة، كان هناك لاعبان سمعا الإهانة المزعومة، ولم يقتصر الأمر على كلمة وجهها لاعب للاعب آخر دون أن يسمعها باقي اللاعبين! ومع ذلك، فقد مضت 4 أشهر منذ أن تقدم الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بشكواه الأولية مدعومة بشهادة الشهود، لكن لم نسمع حتى الآن أي حُكم من جانب الفيفا. فلماذا التأخير؟ لقد اتصلنا بالفيفا يوم الجمعة الماضي لمعرفة موعد صدور الحكم أو فرض العقوبة، وما زلنا ننتظر الرد حتى الآن.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».