أنقرة تعلن الاتفاق مع واشنطن إزاء منبج وشرق الفرات

إردوغان يؤكد التوجه إلى عين العرب والقامشلي بعد عفرين

TT

أنقرة تعلن الاتفاق مع واشنطن إزاء منبج وشرق الفرات

أعلنت أنقرة التوصل إلى اتفاق مع واشنطن بشأن منبج وشرق الفرات، وتحقيق الاستقرار في المنطقتين، في وقت واصلت فيه قوات عملية «غصن الزيتون» التقدم في عفرين.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن الجيشين التركي والسوري الحر سيواصلان التقدم بعد عفرين باتجاه منبج وعين العرب (كوباني) والقامشلي.
وأعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو التوصل إلى اتفاق مع واشنطن لتحقيق الاستقرار في مدينة منبج، ومدن شرق نهر «الفرات»، في سوريا، وقال في مقابلة مع صحيفة «دي تسايت» الألمانية نشرت السبت: «اتفقنا مع الأميركيين على تحقيق الاستقرار في منبج والمدن الواقعة شرق الفرات، وأسسنا مجموعة عمل من أجل هذا الأمر. وفي 19 مارس (آذار) الحالي، سألتقي وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون».
وأضاف: «نأمل في أن تتوقف الولايات المتحدة عن تقديم الدعم لـ(المنظمات الإرهابية)»، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تستهدفها تركيا في عفرين، والتي تعتبرها الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني.
ولفت أوغلو إلى أن «الوحدات» الكردية تسيطر على 35 في المائة من الأراضي السورية، وأن غالبية السكان في المدن الخاضعة لسيطرتها من العرب، متهماً إياها بتهجير 350 ألف كردي سوري إلى تركيا.
واختتم مساء أول من أمس، في واشنطن، الاجتماع الأول للجنة الفنية بين تركيا والولايات المتحدة، المنعقد لبحث قضايا مختلفة، بينها الأوضاع في سوريا والعراق. وقالت مصادر دبلوماسية تركية إن قضية مكافحة الإرهاب تصدرت جدول مباحثات وفدي البلدين في الاجتماع الأول، فضلاً عن بحث الملف السوري، لافتة إلى أن وزيري خارجية البلدين سيلتقيان الأسبوع المقبل في واشنطن.
كانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر ناورت، قد قالت، الخميس، إن وفدي البلدين سيبحثان كثيراً من القضايا في إطار اللجنة الفنية، وإن اللجنة الخاصة بسوريا هي من بين 3 لجان فنية تشكلت بين تركيا والولايات المتحدة، وبدأت مشاوراتها الخميس، في واشنطن.
وأعلنت أنقرة وواشنطن، خلال زيارة تيلرسون لأنقرة في فبراير (شباط) الماضي، تشكيل 3 لجان لبحث المسائل الخلافية العالقة بين البلدين، إحداها تختص بالملف السوري.
وبشأن عملية «غصن الزيتون» العسكرية، التي ينفذها الجيشان التركي و«السوري الحر» في عفرين، شمال سوريا، ذكر جاويش أوغلو أن هدفها هو القضاء على التهديدات الموجهة ضد بلاده، مشيراً إلى إطلاق نحو 700 صاروخ من عفرين باتجاه الأراضي التركية، راح ضحيتها عدد كبير من المدنيين الأتراك، بينهم سوريون يقطنون تركيا.
وفي السياق ذاته، أكد إردوغان أن القوات المشاركة في عملية «غصن الزيتون» ستتجه نحو مدينة منبج وعين العرب (كوباني) وتل أبيض ورأس العين والقامشلي، شمال سوريا، لتطهير كل هذه المناطق أيضاً، بعد تحرير عفرين من «التنظيمات الإرهابية».
وقال إردوغان، خلال مشاركته في المؤتمر الاعتيادي السادس لحزب العدالة والتنمية الحاكم بولاية مرسين، جنوب البلاد، أمس (السبت)، إن قوات «غصن الزيتون» استطاعت حتى الآن تطهير مئات المناطق السكنية في عفرين، وفرضت سيطرتها على نحو 850 كيلومتراً مربعاً، إضافة إلى تحييد 3213 من العناصر المسلحة في عفرين.
وبشأن طول أمد عملية عفرين، قال إردوغان إنه كان بمقدور تركيا، لو تخلت عن «ضميرها وأخلاقياتها، كما فعل الإرهابيون وبعض الدول، أن تسيطر على عفرين في 3 أيام».
وتابع الرئيس التركي: «سنعيد عفرين إلى أصحابها الحقيقيين بعد تطهيرها من التنظيمات الإرهابية، وخدمات البنية التحتية والفوقية التي قدمناها لجرابلس والراعي والباب وأعزاز، بعد عملية (درع الفرات)، سنقدمها أيضاً لمنطقة عفرين بعد تطهيرها من (الإرهابيين)».
وانتقد إردوغان تقاعس حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وعدم مساندته لتركيا في مكافحة الإرهاب بسوريا والعراق، قائلاً: «دعوتمونا إلى أفغانستان والصومال والبلقان، فلبينا النداء. والآن، أنا أدعوكم، تعالوا إلى سوريا، لماذا لا تأتون؟».
وأضاف إردوغان أن بلاده تدرك جيداً أهداف وطموحات التنظيمات الإرهابية النشطة في المنطقة، وتتحرك عسكرياً لعرقلة تحقيق الإرهابيين ما يسعون إليه، مؤكداً أن القوات التركية ستستمر في مطاردة العناصر الإرهابية، داخل البلاد وخارجها، ولن تتراجع عن هذا الأمر، وستواصل مسيرتها إلى أن يتم تحقيق أمن حدود تركيا بالكامل، وإبعاد خطر التنظيمات الإرهابية عن المواطنين الأتراك.
وميدانياً، سيطرت القوات التركية والجيش السوري الحر، أمس، على 7 قرى جديدة في مدينة عفرين السورية، في إطار عملية «غصن الزيتون»، وباتت على بعد مسافة قريبة من وسط المدينة.
وتمكن الجيشان التركي والسوري الحر من السيطرة على قرى «كفر روم» و«كورت كولاك» ببلدة «شران»، و«زلاقة» ببلدة جنديرس، جنوب غربي عفرين، و«كفرزيتا» التابعة لمركز المدينة.
وسبق ذلك تحرير قرى «كورتا» و«قاشا» و«بابك أوشاغي»، التابعة لناحية بلبلة، شمال غربي عفرين.
وكانت قوات «غصن الزيتون» قد سيطرت أول من أمس على قريتي «أناب» و«مريمين»، التابعتين لمركز مدينة عفرين، بعد ساعات من السيطرة على قرى «كفر مز» و«مالكية» و«شوارغة الجوز» و«حلوبي كبير» و«سد 17 نيسان»، ليصل عدد النقاط التي تمت السيطرة عليها من «وحدات حماية الشعب» الكردية في عفرين إلى 171 نقطة، بينها 5 بلدات و135 قرية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.