سيناريو المناورات الأميركية ـ الإسرائيلية يحاكي هجوماً بآلاف الصواريخ

تنطلق من جبهات عدة في آن واحد

جنديان أميركيان قرب منظومة «مقلاع داود» للدفاع الجوي خلال المناورات الأميركية - الإسرائيلية  في قاعدة هاتزور الجوية بوسط إسرائيل أول من أمس (أ.ف.ب)
جنديان أميركيان قرب منظومة «مقلاع داود» للدفاع الجوي خلال المناورات الأميركية - الإسرائيلية في قاعدة هاتزور الجوية بوسط إسرائيل أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

سيناريو المناورات الأميركية ـ الإسرائيلية يحاكي هجوماً بآلاف الصواريخ

جنديان أميركيان قرب منظومة «مقلاع داود» للدفاع الجوي خلال المناورات الأميركية - الإسرائيلية  في قاعدة هاتزور الجوية بوسط إسرائيل أول من أمس (أ.ف.ب)
جنديان أميركيان قرب منظومة «مقلاع داود» للدفاع الجوي خلال المناورات الأميركية - الإسرائيلية في قاعدة هاتزور الجوية بوسط إسرائيل أول من أمس (أ.ف.ب)

مع بلوغ التدريبات الإسرائيلية - الأميركية المشتركة «جنيفر كوبرا 9» ذروتها أمس الجمعة، أعلن قائدها الإسرائيلي، الكولونيل تسفيكا حاييموفيتش، أن السيناريو الذي يجري التدرب عليه في هذه المرحلة هو تعرّض إسرائيل لهجمات مكثّفة بآلاف الصواريخ في كل يوم ومن جبهات عدة في آن واحد، من قطاع غزة، ومن سوريا ولبنان، وحتى من إيران نفسها.
وقال إن القوات المشتركة، التي تضم ألفي عنصر من عناصر هيئة الدفاعات الجوية في سلاح الجو الإسرائيلي و2500 جندي في الجيش الأميركي، تتدرب على مواجهة هذه الهجمات التي تُستخدم فيها مختلف أنواع الصواريخ، بواسطة بطاريات دفاع فعّالة أميركية وإسرائيلية، وفحص مدى قدرتها على اعتراض هذه الصواريخ، وعلى التعاون في منظومات القيادة والسيطرة.
وتم، في إطار المناورات، نشر بطاريات دفاعية عديدة من ضمنها «القبة الحديدية»، و«العصا السحرية»، و«حيتس» (وكلها صناعة إسرائيلية - أميركية مشتركة) و«باتريوت» (أميركية)، بما فيها صواريخ من طراز PAC - 3. في كافة أرجاء إسرائيل. وفي نهاية المناورات، ستقوم البطاريات المختلفة بمحاكاة عمليات اعتراض حيّة مشتركة بين الجيشين، ستشمل التدرب على سيناريو مواجهة رشقات من الصواريخ والمقذوفات على جبهات عدة في وقت متزامن، وسيتم التركيز فيها على الصواريخ الدقيقة الإصابة التي قد تعرّض للخطر قواعد الجيش الإسرائيلي والمرافق الاستراتيجية والحساسة وتجمعات السكان العالية.
وقال قائد منظومات الدفاع الجوية الإسرائيلية، الكولونيل حاييموفيتش، في خطابه الافتتاحي لهذه المرحلة من المناورة، إن سيناريو هذه التدريبات هو سيناريو متطرف واحتمالات وقوعه قليلة، لكنهم اختاروه بشكل متعمد حتى يضمنوا النجاح في أسوأ الأوضاع. وأضاف: «رغم التعاون الإسرائيلي الوثيق مع جيش الولايات المتحدة، فإن الجيش الإسرائيلي قادر على تولي مسؤولية التصدي لأي هجوم لوحده، إلا أنه ما من شك أن كل بطارية دفاعية إضافية تخلق طبقة دفاعية إضافية تتيح لنا مواجهة التهديدات المختلفة بشكل أنجع. وفي حال وقوع سيناريوهات متطرفة فستصل قوات أميركية إلى البلاد من أجل أن تسعى إلى تحسين حالة الجهوزية للحرب. هذه المناورة تحمل في طياتها تحديات أكثر تعقيداً».
لكن مصادر عسكرية تؤكد أن اللواء غادي آيزنكوت، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، ينسب أهمية كبرى لعمليات التعاون التي تجرى مع الجيوش الأجنبية، وخصوصاً مع الجيش الأميركي. وقد نقلت المصادر على لسانه القول إنه يعلّق آمالاً كباراً على نجاح المناورة الجارية حالياً والتي تعد واحدة من أكبر المناورات التي جرى تنفيذها عبر تاريخ الجيش الإسرائيلي.
ويقود هذه التدريبات الجنرال ريتشارد م. كلارك، قائد قاعدة رامستاين الأميركية في ألمانيا، وهو، بحكم وظيفته، مفتش قواعد سلاح الجو الأميركية في أرجاء أوروبا، كما أنه مسؤول سرب القاذفات. وقد مدح الجنرال كلارك التعاون مع منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي بشكل عام، والتعاون مع الكولونيل حاييموفيتش. وقال: «لن أنسى التجارب التي قضيتها مع تسفيكا. إنني سأظل على مر حياتي مديناً لتجربة مشاركة قواتنا في هذه المناورة. نحن هنا لكي ندافع عن دولة إسرائيل. وهذا يعبّر عن عمق الشراكة القائمة بيننا. نحن مستعدون منذ الآن لتنفيذ هذه المهمة».
ووصل إلى إسرائيل للاطلاع على سير المناورات القائد العام للقوات الأميركية في أوروبا، الجنرال كارتيس م. سكبروتي. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد صرح مساء الخميس، قبيل عودته من الولايات المتحدة، بأن جيشه سيواصل الحرب من أجل ضمان أمن الدولة العبرية، لافتاً إلى ضرورة إلغاء الاتفاق النووي الإيراني لضمان نزع السلاح النووي في الشرق الأوسط. وقال نتنياهو للصحافيين: «لقد سألني البعض أثناء تواجدي في واشنطن عن موقفنا إزاء تخصيب اليورانيوم من بعض الدول في المنطقة. كانت إجابتي لهم أن السبب يعود إلى أن الاتفاق النووي المشكوك فيه منح إيران الحق في تخصيب اليورانيوم».
وكشف أمس في تل أبيب أن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، كان قد تحدث عن الخطر الإيراني أمام جلسة الحكومة الأخيرة بقوله إنه حتى لو التزمت إيران بالاتفاق النووي فإن صواريخها الباليستية تظل تشكل تهديداً خطيراً لإسرائيل، وإنه لا بد من ترتيب هذه المسألة حتى لا تكون سبباً في الحرب.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.