الإرهاب يلاحق شرق ليبيا بالسيارات المفخخة

مستشار السراج: حان الوقت لبناء الدولة وأن يختار الشعب رئيساً يمثله

لقطة تظهر آثار الدمار الذي لحق ببناية تاريخية وسط بنغازي بعد الاشتباكات مع المتطرفين (رويترز)
لقطة تظهر آثار الدمار الذي لحق ببناية تاريخية وسط بنغازي بعد الاشتباكات مع المتطرفين (رويترز)
TT

الإرهاب يلاحق شرق ليبيا بالسيارات المفخخة

لقطة تظهر آثار الدمار الذي لحق ببناية تاريخية وسط بنغازي بعد الاشتباكات مع المتطرفين (رويترز)
لقطة تظهر آثار الدمار الذي لحق ببناية تاريخية وسط بنغازي بعد الاشتباكات مع المتطرفين (رويترز)

ضربت عملية إرهابية محدودة بوابة الـ«60» الأمنية، جنوب مدينة أجدابيا، القريبة من بنغازي الليبية في شرق البلاد، الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني، مخلفة ثلاثة جرحى، في حادث يعد الثاني من نوعه في جنوب أجدابيا.
وقال العقيد فوزي المنصوري، آمر غرفة عمليات أجدابيا، إن «العناصر المتطرفة التي دحرت في بنغازي تستخدم آخر الأوراق التي بحوزتها». فيما أعلن مستشفى الشهيد امحمد المقريف بنفس المدينة أنه استقبل ثلاثة جرحى نتيجة انفجار سيارة مفخخة أمس في بوابة «الستين»، كما كشف متحدث أمني في أجدابيا أن الحادث الإرهابي تسبب أيضاً في تدمير 4 آليات عسكرية. مشيرا إلى أن من بين المصابين عسكريا ليبيا يدعى محمد صالح، بالإضافة إلى سودانيين هما عمر حامد أحمد، وقمر محمد علي، وأنه «تم إطلاق النار على سيارة مسرعة حاولت اقتحام كتيبة 125 فانفجرت، وقتل سائقها».
وسبق لتنظيم «داعش» أن تبنى هجوما مسلحا على بوابة الـ«60» التابعة (للكتيبة 152) في الخامس والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ما أدى إلى مقتل جنديين وإصابة 3 بجروح.
وفي أول تعليق له على الحادث، الذي خلف أيضا خسائر مادية، قال آمر غرفة عمليات أجدابيا إن «هذا التفجير يحمل دلالة واضحة على ضعف العناصر الإرهابية بعد أن تم دحرها في بنغازي»، مضيفا أن «العناصر المتطرفة التي تم إخراجها من بنغازي تستخدم آخر الأوراق التي بحوزتها من خلال هذه الأعمال الإرهابية».
وفي التاسع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلن الجيش الليبي عن تحرير منطقة سيدي إخريبيش في مدينة بنغازي، وتطهيرها من الجماعات المتشددة، منهياً بذلك آخر معاقلهم في المدينة. وقد تعرضت مدينة بنغازي لعمليتين «إرهابيتين» في فترة زمنية قريبة، خلفت عدة قتلى وجرحى. ففي العاشر من فبراير (شباط) الماضي، قتل شخصان، وأصيب 86 آخرون بجروح في انفجار وقع داخل مسجد أثناء صلاة الجمعة في بنغازي، كما قتل أكثر من 35 شخصاً وأصيب عشرات آخرون في انفجار سيارتين ملغومتين في 24 من يناير (كانون الثاني) الماضي وسط بنغازي، التي شهدت معارك وتفجيرات دامية على مدى سنوات.
في شأن آخر، قال الطاهر السني، المستشار السياسي لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، إن «الاستفتاء على الدستور حق الشعب، ولا يمكن القفز عليه»، مبرزا أنه «حان الوقت لبناء الدولة وأن يختار الشعب رئيساً يمثله، والقرار لنا وعلى المجتمع الدولي الكف عن المناورات».
وأوضح السني في تغريدة عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن «سبب الحلقة المفرغة التي نعيشها هي المراحل الانتقالية اللانهائية. فعلى مدار السنوات استحوذ التشريعي على الصلاحيات التنفيذية».
وجاء تعليق مستشار السراج في أعقاب انتقادات وجهت إلى المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة، لِما وُصف بـ«تجاهله مشروع الاستفتاء على الدستور»، وقال عضو الهيئة التأسيسية للدستور ضو المنصوري إن «سلامة تجاهل الاستفتاء على الدستور خلال حديثه في ندوة نسائية»، أول من أمس، و«كأنه يؤسس إلى مرحلة انتقالية رابعة، تليها خامسة بالدعوة إلى الانتخابات من دون الاستفتاء على مشروع الدستور».
وأضاف المنصوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «لقد تغاضى سلامة عن الإشارة إلى أنه لم تعد هناك عقبات أمام الاستفتاء على مشروع الدستور، بعدما قضت المحكمة العليا بعدم ولاية القضاء الإداري لنظر الطعون، التي ترفع على هيئة صياغة الدستور، وهو ما كان يتحجج به عادة في كل اللقاءات التي أجراها قبل صدور الحكم».
كما شدد المنصوري على أن «جميع القوى الوطنية مدعوة للوقوف بقوة ضد هذه التوجهات من بعثة الأمم المتحدة، التي تزيد المشهد السياسي ارتباكا، إضافة إلى الارتباك الذي يعانيه المسار السياسي، وتأسيس محاصصات جهوية ومناطقية، لن يكتب لها النجاح»، بحسب قوله.
والتقى المبعوث الأممي مساء أول من أمس النائب الأول لرئيس مجلس النواب فوزي النويري، وبحث معه آخر مستجدات العملية السياسية في البلاد. وسبق أن التقى سلامة قائد الجيش الليبي المشير حفتر، ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، منتصف الأسبوع الماضي، وذلك لمحاولة إعادة اتفاق الصخيرات مجدداً إلى طاولة الحوار.
في غضون ذلك، أعاد حديث دبلوماسي ليبي سابق عن مصير جثمان الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، مشاعر الغضب لدى بعض الأطراف الليبية، إذ قال محمد سعيد القشاط، السفير السابق لدى المملكة العربية السعودية، إن مكان جثمان القذافي «غير معروف حتى الآن، ولم يستدل على مكان دفنه». وأضاف القشاط في تصريحات لـ«سبوتنيك» الروسية بأن «جثمان القذافي سُلم إلى كتائب مصراتة عقب مقتله، وظل في ثلاجة حفظ الموتى لمدة أسبوع، إلى أن تم تغسيله والصلاة عليه، ولم يعرف أي شيء عن مصيره بعد ذلك».
كما أشار القشاط إلى أنه «سرت شائعات عديدة، من بينها تلك التي ظهرت خلال الفترات الماضية، وهي أن جثمان القذافي أرسل إلى قطر للتشفي فيه، وشائعة أخرى بأنه ألقي به في فرن الحديد والصلب، وأخرى بأنه ألقي بجثمانه في البحر».
وتحدث السفير الليبي السابق عن أنه «رغم المطالبات التي تم تقديمها من أهله، وبعض القيادات القبائلية في ليبيا بمعرفة مكان جثمانه، إلا أن كتائب مصراتة لم تستجب للطلب، ولم تستطع أي أطراف ليبية الحصول على معلومات بخصوص مكان الجثمان، الذي لا يزال مجهولا حتى الآن».
وفي أعقاب مقتل القذافي بعد اندلاع الثورة، خططت السلطات الليبية لدفنه في مكان غير معلوم. وطالبت قبيلة القذاذفة المجلس الوطني الانتقالي، الذي تولى إدارة البلاد حينها، بحقها في تسلم جثمان القذافي. وتعرضت مقابر عائلة القذافي في سرت للنبش والهدم.
وعبّر أحد مشايخ عائلة القذاذفة - رفض ذكر اسمه - عن غضبه بسبب «تناول سيرة القذافي» مجدداً، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «أعيان ومشايخ قبيلته، وقبائل أخرى تقدموا حينها لمصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي، بتسليم جثمان (السيد الرئيس) لكنه كان مغلوباً على أمره، ولم يستطع تنفيذ ذلك».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».