تونس تحتفل بـ«دحر الإرهاب» في بن قردان وتمدد حالة الطوارئ

TT

تونس تحتفل بـ«دحر الإرهاب» في بن قردان وتمدد حالة الطوارئ

قرر الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي تمديد حالة الطوارئ لمدّة سبعة أشهر ابتداء من يوم 12 مارس (آذار) الحالي إلى غاية بداية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وهي أطول مدة منذ سنوات. وتزامنت الخطوة مع إحياء تونس الذكرى الثانية لـ«دحر الإرهابيين» الذين هاجموا مدينة بن قردان (جنوب شرقي البلاد) بهدف إقامة «إمارة داعشية».
وتشير مختلف التقارير الأمنية والعسكرية الواردة على مجلس الأمن القومي التونسي إلى تحسن الوضع الأمني في البلاد وإلى نجاح المؤسستين العسكرية والأمنية في توجيه ضربات استباقية مهمة إلى التنظيمات الإرهابية المتحصنة في بعض الجبال الغربية للبلاد. لكن تصريحات كل من وزيري الدفاع والداخلية في تونس تشير، في المقابل، إلى أن «مخاطر الإرهاب ما زالت موجودة وأن المعركة مع التنظيمات الإرهابية لم تنته بعد».
وفي شأن تمديد حالة الطوارئ لمدة سبعة أشهر دفعة واحدة، أكدت قيادات عسكرية وأمنية مشاركة في اجتماع مجلس الأمن القومي، على أن المسألة مرتبطة بعدد من المحطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المهمة خلال الأشهر المقبلة ومن بينها الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في السادس من مايو (أيار) المقبل، والموسم السياحي (أشهر الصيف) الذي تعوّل عليه تونس لتوفير عائدات مالية بالعملة الصعبة لإنقاذ الاقتصاد المتداعي، علاوة على الاستعدادات الاستثنائية لتأمين الأوضاع الأمنية خلال شهر رمضان الذي عادة ما يتزامن مع دعوة التنظيمات المتطرفة إلى تنفيذ هجمات إرهابية مثلما حصل في 2014 و2015.
على صعيد متصل بمكافحة الإرهاب، أشرف رئيس الحكومة يوسف الشاهد بمدينة بن قردان، بصحبة عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع الوطني ومبروك كرشيد وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية، على إحياء الذكرى الثانية ما يصفه تونسيون بـ«ملحمة بن قردان» التي نجحت فيها قوات الأمن في دحر عناصر إرهابية هاجمت المدينة في السابع من مارس 2016 بهدف إقامة «إمارة» لتنظيم داعش.
وأعلن الشاهد، في كلمة له أمام سكان مدينة بن قردان، اعتماد يوم 7 مارس من كل سنة، يوماً وطنياً للانتصار على الإرهاب، وأشاد في ذات السياق بجهود أبناء المنطقة ووقوفهم جنباً إلى جنب مع الأمنيين والعسكريين لدحر الإرهابيين.
يذكر أن عملية بن قردان حصلت قبل سنتين حين عمدت مجموعة فاقت 80 إرهابياً إلى مهاجمة ثكنة عسكرية ومراكز أمنيّة في وقت متزامن سعياً إلى إنشاء «إمارة» تكون منطلقاً لأعمالها الإرهابية في تونس. لكن عناصر الوحدات الأمنية والعسكرية وأهالي الجهة استبسلوا في الدفاع عن المدينة. وانتهت العملية بالقضاء على 43 إرهابياً والقبض على آخرين، في حين قُتل 18 مدنياً وجندياً وأمنياً.
وعرفت الزيارة الحكومية لبن قردان تحركاً احتجاجياً محدودا لشباب الجهة للمطالبة بنصيب من التنمية وفرص العمل والتسريع في تسوية ملفات اجتماعية متعلقة بعمال الحظائر وآلية العمل المدني التطوعي وملف المفروزين أمنياً.
وقال رضوان العزلوك المنسّق المحلي لاتحاد العاطلين عن العمل في بن قردان، في تصرح إعلامي، إن أطرافاً سياسية عدة استغلت ذكرى ملحمة بن قردان للشروع في حملات انتخابية سابقة لأوانها. وطالب الحكومة بتوجيه مجهوداتها لتحقيق مطالب أبناء المنطقة والخروج بالبلاد من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية «الخانقة».
وكانت الحكومة التونسية قد وعدت سكان منطقة بن قردان بتنفيذ مشروع المنطقة الحرة للأنشطة التجارية واللوجيستية على مساحة 150 هكتاراً، لكن هذا المشروع ما زال في ردهاته الأولى ولم يمر إلى مرحلة التنفيذ الفعلي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.