محققون دوليون يحمّلون روسيا مسؤولية «جريمة حرب» في سوريا

اجتماع طارئ لمجلس الأمن لمناقشة الوضع في الغوطة

محققون دوليون يحمّلون روسيا مسؤولية «جريمة حرب» في سوريا
TT

محققون دوليون يحمّلون روسيا مسؤولية «جريمة حرب» في سوريا

محققون دوليون يحمّلون روسيا مسؤولية «جريمة حرب» في سوريا

يجتمع مجلس الأمن، اليوم الأربعاء، لمناقشة فشل وقف العمليات العدائية في سوريا، رغم مرور عشرة أيام على صدور القرار «2401»، بينما اتهم تقرير جديد أصدره محققو الأمم المتحدة أمس الثلاثاء روسيا بأنها شنت هجوما في سوريا ربما يرقى إلى «جريمة حرب» باستهدافها سوقا في حلب، كما أن اتهام التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بأنه «انتهك» القانون الإنساني الدولي، لإخفاقه في اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين في الرقة.
وأفاد دبلوماسيون بأن فرنسا وبريطانيا طلبتا عقد هذا الاجتماع الطارئ لمناقشة فشل المتحاربين في وقف الأعمال العدائية في كل أنحاء سوريا، طبقا لما ينص عليه قرار مجلس الأمن الرقم «2401»، رغم مضي عشرة أيام على إصداره بالإجماع. ومن المقرر أن يعقد الاجتماع خلف أبواب مغلقة.
إلى ذلك، أصدرت لجنة التحقيق المكلفة من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تقريرا جديدا يوثق كل الانتهاكات التي وقعت في سوريا بين يوليو (تموز) 2017 ويناير (كانون الثاني) 2018، بما في ذلك العنف المتصاعد في محافظة إدلب ومنطقة الغوطة الشرقية التي شكلت محور اهتمام المجتمع الدولي في الشهرين الأولين من عام 2018، وحضت المجتمع الدولي على إيلاء «نظرة أوسع للمساءلة وأن يتخذ خطوات عملية وعاجلة لضمان تلبية حاجات الضحايا إلى العدالة والمساءلة على الفور وعلى المدى الطويل». ولحظ التقرير الذي يستند إلى أكثر من 500 مقابلة، أن «هناك إفلاتا تاما من العقاب لمن يمعنون في ارتكاب الجرائم والانتهاكات من كل أطراف النزاع، بما فيها الهجمات المتعمدة ومن دون تمييز على المدنيين والممتلكات والتجويع والاعتقال غير المشروع واستخدام الأسلحة الكيماوية».
وقال رئيس لجنة التحقيق باولو بينييرو: «يستعصي على الفهم أنه رغم هذه الشريحة الواسعة من الانتهاكات فلا يزال الضحايا والناجون السوريون محرومين من أي عدالة ذات معنى»، مضيفا أنه «يجب إيلاء مزيد من الاهتمام لمعالجات أبعد من الاكتفاء بالدعوات إلى العدالة الجنائية والتعامل، على سبيل المثال، مع حال عشرات الآلاف من المحتجزين، أو حسبان من اختفوا أو اختطفوا».
ولفت التقرير إلى أن «الحملة ضد (داعش) في الرقة ودير الزور نجحت في إزاحة الجماعة الإرهابية». بيد أن «المعارك أدت إلى تكاليف باهظة للغاية بحق المدنيين»، مضيفا أنه «حتى قبل بدء الحملة لاستعادة مدينة الرقة، فشل التحالف الدولي في اتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين والأماكن المدنية، في انتهاك للقانون الإنساني الدولي، عندما شن غارة جوية على المنصورة أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 150 شخصا نازحين داخليا وبينهم نساء وأطفال».
وأدت العمليات الجوية والبرية الهادفة لهزيمة «داعش» إلى فرار مئات الآلاف من السوريين في اتجاه مخيمات صحراوية في شمال سوريا، حيث تقوم قوات سوريا الديمقراطية بحجز نحو 80 ألفا من النازحين للتحقق، مما إذا كانت لديهم صلات ما محتملة بـ«داعش». وقالت المفوضة كارين أبو زيد إن «الحجز الجماعي لجميع النازحين من الرقة ودير الزور لا يمكن تبريره».
وأفاد التقرير بأنه «في أماكن أخرى من سوريا، لا تزال أماكن العبادة ومراكز الدفاع المدني والمنازل والمرافق الطبية والأسواق والمخابز والمدارس تتعرض لهجمات منتظمة مع الإفلات من العقاب للأطراف المتحاربة». وأوضح أنه «في هجوم واحد مؤذ على وجه الخصوص في 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، شنت القوات الجوية الروسية غارات على منطقة مدنية مكتظة بالسكان في أتارب (حلب)، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 84 شخصا وإصابة 150 آخرين بجروح»، مضيفا أنه «باستخدام أسلحة غير موجهة، أصاب الهجوم سوقا ومحلات تجارية ومطعما». واعتبر أن هذا «يمكن أن يرقى إلى جريمة حرب».
وقال التقرير إن «حصار الغوطة الشرقية، الذي دخل عامه الخامس، اتصف باستخدام وسائل وأساليب حربية شائنة، مما أدى إلى أسوأ حالات موثقة من سوء التغذية الحاد خلال النزاع السوري»، مضيفا أن «الحصار لا يزال يتميز بهجمات عشوائية تؤثر على الممتلكات المدنية، وباستخدام الأسلحة الكيماوية والذخائر العنقودية والتجويع والحرمان الروتيني من عمليات الإجلاء الطبي»، فيما «واصلت جماعات إرهابية أو مسلحة داخل الجيب قصف مدينة دمشق عشوائياً، مما يرقى إلى جرائم حرب أدت إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين». وقال عضو اللجنة هاني المجالي، إنه «حتى لو كانت الدولة منخرطة في محاربة الإرهاب، كما تعلن، لا يمكن تبرير معاقبة عدد كبير من السكان من خلال التجويع، والقصف العشوائي، والحرمان من الإغاثة الطبية والإنسانية»، مضيفا أن «هذه الحرب اتسمت كلها بتجاهل تام لقواعد الحرب». وأكد أنه «يجب على كل الأطراف أن ترفع فورا الحصار وتسمح بإيصال المساعدات الإنسانية وتوقف استخدام الاستراتيجيات التي تستهدف المدنيين في المقام الأول».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».