نازحون في شمال لبنان: بلداتنا السورية باتت مستعمرات محتلة

تعرضوا للتهجير القسري إبان معركة القصير صيف 2013

نازحون في شمال لبنان: بلداتنا السورية باتت مستعمرات محتلة
TT

نازحون في شمال لبنان: بلداتنا السورية باتت مستعمرات محتلة

نازحون في شمال لبنان: بلداتنا السورية باتت مستعمرات محتلة

مئات الأمتار، وفي بعض الحالات كيلومترات قليلة، تفصل عشرات آلاف النازحين السوريين المقيمين في شمال لبنان عن بلداتهم وقراهم وأرزاقهم القريبة من الحدود اللبنانية؛ بلدات باتت بكاملها تحت سيطرة ميليشيات سورية وعراقية ولبنانية موالية للنظام.
كآبة المشهد وتعقيداته، التي توحي باستحالة التفكير في العودة في المدى المنظور، لا تحمل هؤلاء النازحين على فقدان أمل العودة، ولو بعد حين، إلى أرضهم وبيوتهم.
روايات هؤلاء تكاد تبدأ ولا تنتهي، فالمهندس عابد سليمان، ابن بلدة البرهانية السورية الحدودية، يعايش هذا الواقع الأليم يومياً؛ يكفي أنه فقد كل شيء: بعض أبنائه وأهله الذين قتلهم النظام بقصف بيته. «أنا غائب عن البرهانية جسداً، لكن روحي تسكن هناك»، يقول لـ«الشرق الأوسط». ويضيف: «هناك طفولتي ونشأتي وحياتي وأهلي، هناك التربة التي جبلت عليها، هواء بلدتي لا يزال يسكن أنفاسي، رغم سنوات الغيبة، وأكثر من ذلك هناك ابني عمر وابن أخي محمود ووالدي، الذين قضوا بقصف الملجأ الذي أوينا إليه، ودفنتهم على عجل قبل أن نفر أنا وإخوتي بمن تبقى من عائلاتنا على عجل تحت جنح الظلام».
صحيح أن بلدة البرهانية تبعد 11 كيلومتراً عن حدود لبنان، ولا ترى بالعين المجردة، لكن أخبارها تتواتر دائماً إلى أبنائها النازحين. ويؤكد المهندس عابد سليمان أن «80 في المائة من البيوت دمرت عمداً، بل إن المحتلين قطعوا الأشجار المثمرة، وحولوها إلى فحم للمتاجرة به»، ويتابع: «لقد اقتلعوا بستاني الذي يحوي 300 شجرة من الجوز والتفاح والخوخ والكرز لمجرد الانتقام... ممارسات قلما فعلها الصهاينة في فلسطين المحتلة؛ إنه الحقد الأعمى».
ويكشف عابد سليمان أن بعض رفاقه الموجودين في نقابة المهندسين في حمص نصحوه بالعودة، ومزاولة مهنته في مدينة حمص، كما فعل كثيرون غيره، لكنه يجيبهم: «صحيح ما مت، بس شفت مين مات»، ملمحاً إلى من استدرجوا قبله للعودة، وسرعان ما تعرضوا إما للاعتقال أو الإخفاء أو التصفية الفورية.
وعلى قياس البرهانية وأهلها، ثمة نماذج كثيرة وصور متشابهة، لدى محمد عبد الستار، ابن بلدة سرقجة الواقعة غرب مدينة القصير، بعضٌ منها... فالرجل المقيم في إحدى بلدات جبل أكروم (شمال لبنان) يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن بلدته «باتت مسكونة بكاملها من عائلات سورية وعراقية ولبنانية»، ويقول إن «شيعة سوريا أتوا من منطقة الوعر في ريف حمص الشرقي، حيث تركوا بلداتهم القاحلة قليلة المياه، وانتقلوا إلى بلداتنا الزراعية الخصبة، مستغلين جغرافيتها، كونها منطقة حدودية تمكنهم من التهريب بين لبنان وسوريا عبر ممرات يعرفونها، وهي محمية من ميليشياتهم».
ويشير عبد الساتر إلى أن البلدات الحدودية مع لبنان «تقع تحت الإدارة المباشرة لـ(حزب الله) الذي يقيم مراكز عسكرية وأمنية، ويتولى إدارة المنطقة وفض الخلافات الناشئة بين الوافدين الذين يتنازعون السيطرة على أرضنا لاستثمارها وزراعتها، بعدما حولوها إلى مستعمرات محتلة يتصرفون بها على مرأى أصحابها الموجودين على المقلب اللبناني، ولا تبعدهم عنها سوى مئات الأمتار»، ويتابع: «منذ أن خرجنا، بل أخرجنا تحت القصف، شعرنا أننا أمام مخطط تهجير جهنمي، فالميليشيات التي احتلت بلداتنا نهبت بيوتنا ومحالنا التجارية ومصانعنا، ثم عمدوا إلى إحراق بعضها وهدم البعض الآخر حتى لا يبقى لدينا أمل بالعودة إليها».
ويبدو أن تلك الممارسات لا تقتصر على البلدات السنية، إنما شملت بعض القرى العلوية الموجودة في ريف حمص، حيث يشير محمد الأسود إلى أن العلويين «باتوا راغبين بعودة العرب إلى بلداتهم ومنازلهم، بعدما ضاقوا ذرعاً بتصرفات الميليشيات الإيرانية، لأن تلك المنطقة تحولت إلى مرتع للمسلحين، وملاذ لآلاف المطلوبين لدى الدولة اللبنانية».
وينقل الأسود عن أصدقاء علويين له أن مسلحي الميليشيات الشيعية «يزعمون أنهم هم من يحميهم من القتل والذبح، ويقولون: لولانا، لكنتم قد ذبحتم على يد السنة، ولكان نظامكم قد سقط في السنة الأولى للثورة»، ويؤكد أن خاله «متزوج بفتاة علوية من أبناء قرى اللاذقية. ومنذ شهر تقريباً، حصل على إذن رسمي من النظام للعودة إلى بلدته (سرقجة)، لكن الميليشيات منعته وحذرته من العودة، وقالت له: إذا بدك تسكن هون، خلي النظام يجي يحميك. وهو ما اعتبره تهديداً له بالتصفية».
كانت القرى السورية القريبة من حدود لبنان الشمالية قد تعرضت للتهجير القسري منذ مطلع صيف عام 2013، إبان معركة القصير التي سقطت بيد قوات النظام و«حزب الله» في شهر يوليو (تموز) 2013، بعدما تحولت إلى ركام تحت القصف الجوي والمدفعي والصاروخي.
أما جاسم خلف، أحد أبناء بلدة تلكلخ القريبة من الحدود اللبنانية، المقيم مع عائلته في منطقة وادي خالد اللبنانية، فيتحدث بمرارة عن واقع بلدته، ويشير إلى «استحالة دخول أي شخص خرج من المنطقة خلال المعارك، لأن كل شاب أو رجل خرج من المنطقة بات بنظر النظام عدواً إرهابياً»، مؤكداً أن «كل من يدخل أو يخرج من وإلى تلكلخ، عبر معبر العبودية، لديهم أذونات عبور دائمة من النظام الذي يستخدمهم كمخبرين، ويوظفهم لاستدراج بعض المعارضين لاعتقالهم وتصفيتهم».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.