طبيعة «التطهير العرقي» للروهينغا تغيرت لكنها مستمرة

أصبحت تعتمد على «ترهيب وتجويع قسري»

TT

طبيعة «التطهير العرقي» للروهينغا تغيرت لكنها مستمرة

بعد مرور أكثر من 6 أشهر على بداية حملة «التطهير العرقي» التي تعرضت إليها أقلية الروهينغا في ميانمار، وفرار أكثر من 700 ألف من أبنائها المسلمين، لا يزال مئات من هؤلاء يعبرون الحدود إلى بنغلاديش كل أسبوع، على الرغم من الحديث عن مفاوضات تحت مظلة أممية مع حكومة ميانمار من أجل إعادة اللاجئين إلى قراهم الأصلية في ولاية راخين الشمالية. وأمس، أعلن موفد الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن ميانمار تواصل «التطهير العرقي» للروهينغا من خلال حملة «ترهيب وتجويع قسرية».
وصرح مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أندرو غيلمور، بأن «التطهير العرقي للروهينغا يتواصل في بورما (ميانمار). ولا أعتقد أن بإمكاننا استنتاج غير ذلك مما عاينته وسمعته في كوكس بازار». وجاءت تصريحات غيلمور بعد تحدثه إلى لاجئين روهينغا وصلوا حديثاً إلى مخيمات مكتظة في بنغلاديش، حاملين معهم شهادات مروعة عن عمليات قتل واغتصاب وإحراق متعمد من قبل الجنود وعصابات مسلحة.
وقال في بيان إن «طبيعة العنف تغيرت من القتل والاغتصاب الجماعي العام الماضي، إلى حملة أقل حدة من الترهيب والتجويع القسري، التي يبدو أنها مصممة لإخراج الروهينغا المتبقين من منازلهم، وترحيلهم إلى بنغلاديش»، مضيفاً أن الواصلين الجدد قدموا من بلدات في داخل راخين أبعد من الحدود.
وذكر غيلمور، في البيان، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، أنه «من غير الوارد» أن يتمكن أي من الروهينغا من العودة إلى ميانمار في المستقبل القريب، رغم تعهد حكومة آنغ سان سو تشي ببدء إعادة عدد منهم. وقال غيلمور إن «حكومة ميانمار منشغلة بإبلاغ العالم بأنها مستعدة لاستقبال عائدين روهينغا، وفي الوقت نفسه تواصل ترحيلهم إلى بنغلاديش»، وأضاف: «من المستحيل ضمان عودة آمنة لائقة دائمة في الظروف الراهنة».
ويفرض جيش ميانمار إجراءات مشددة على مناطق شمال ولاية راخين، منعاً لوصول صحافيين ودبلوماسيين ومعظم منظمات الإغاثة، باستثناء زيارات قصيرة تحت إشرافه، وذلك منذ بدء العمليات العسكرية للجيش في راخين في أغسطس (آب) الماضي، التي أدت إلى نزوح جماعي للأقلية المسلمة التي عانت لعشرات السنين من التمييز والحرمان من الحقوق المدنية.
وبرر الجيش عمليته العسكرية بصفتها جهوداً للقضاء على مسلحين روهينغا هاجموا مراكز للشرطة الحدودية، وقتلوا أكثر من 10 أشخاص، لكن الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية وكثيراً من الدول الغربية اتهمت الجيش باستخدام ملاحقة بعض المسلحين ذريعة لطرد المسلمين. وقال جيمس غوميز، مدير منطقة جنوب شرق آسيا والمحيط الهادي لدى منظمة العفو الدولية، إن النتائج التي توصلت إليها الأمم المتحدة «تتطابق للأسف مع نتائجنا».
وأضاف أن «الفارين الروهينغا يخبروننا كيف يتعرضون للتجويع القسري بهدف إرغامهم على مغادرة البلاد دون جلبة». وقالت منظمة أطباء بلا حدود أن نحو 6.700 من الروهينغا قتلوا في الشهر الأول فقط من بدء العمليات العسكرية، وأحرقت مئات من قرى الروهينغا، وأظهرت صور حديثة التقطت بالأقمار الاصطناعية أن 55 قرية على الأقل سويت بالأرض تماماً، وغاب أي أثر لوجود بناء أو آبار أو نبات فيها.
وينفي جيش ميانمار ارتكاب أي انتهاكات، باستثناء حادثة وحيدة في قرية إين - دين، عندما أعلن تورط عناصر أمن في قتل 10 روهينغا غير مسلحين. وقالت جمعيات حقوق الإنسان إن هذا ليس سوى جزء ضئيل من قوة لها تاريخ أسود من الانتهاكات في أنحاء البلاد والعداء الظاهر للروهينغا.
وفي تعليق على «فيسبوك» الثلاثاء، كرر نائب قائد الجيش سو وين موقف الجيش من أن «الروهينغا» ليسوا مجموعة إثنية أصيلة في ميانمار، وهو رأي كثيرين في الدولة ذات الغالبية البوذية، حيث هناك دعم كبير للعملية العسكرية. والحكومة المدنية، التي تقودها الناشطة الديمقراطية السابقة سو تشي، تتعرض لانتقادات كبيرة من مجموعات حقوق الإنسان لعدم الدفاع عن الروهينغا، أو إخماد الكراهية المتنامية للإسلام.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».