موجة هجرة للمتاجر من حي مانهاتن الفخم في نيويورك

نتيجة بدلات الإيجار الباهظة وازدهار التسوق على الإنترنت

بلغت الزيادة في الإيجارات 68 في المائة بين 2009 و2016 ووصلت إلى 175 في المائة في أجزاء من الجادة الخامسة بمانهاتن
بلغت الزيادة في الإيجارات 68 في المائة بين 2009 و2016 ووصلت إلى 175 في المائة في أجزاء من الجادة الخامسة بمانهاتن
TT

موجة هجرة للمتاجر من حي مانهاتن الفخم في نيويورك

بلغت الزيادة في الإيجارات 68 في المائة بين 2009 و2016 ووصلت إلى 175 في المائة في أجزاء من الجادة الخامسة بمانهاتن
بلغت الزيادة في الإيجارات 68 في المائة بين 2009 و2016 ووصلت إلى 175 في المائة في أجزاء من الجادة الخامسة بمانهاتن

قد تكون منطقة مانهاتن في نيويورك أكثر ثراء وكثافة سكانية من أي وقت مضى، غير أنها تشهد إغلاق عدد متزايد من المتاجر نتيجة بدلات الإيجار الباهظة وازدهار التسوق على الإنترنت، في ظاهرة يعتبرها البعض مجرد تصحيح، فيما يعتبرها البعض الآخر مؤشر أزمة حقيقية.
ومع حلول عيد العشاق، الأربعاء الماضي، الرابع عشر من فبراير (شباط)، أغلق ستيفن تيلفي نهائياً متجره «ذي سورس» في حي آبر إيست سايد من مانهاتن بعد استمراره في العمل 37 عاماً، متأثراً بتباطؤ النشاط التجاري وارتفاع الإيجار، على ما أوضح صاحب المتجر المتخصص في الألعاب والبطاقات ولوازم الحفلات.
ومن سوهو إلى آبر وست سايد مروراً بالجادة الخامسة الفخمة وقطاع ميتباكينغ، لم يعد من النادر مصادفة متجرين أو حتى ثلاثة متاجر مهجورة ضمن مربع ضيق واحد في وسط عاصمة التسوق نيويورك. وتسجل هذه الظاهرة في الوقت الذي تشير فيه كل المؤشرات الاقتصادية في المدينة الضخمة إلى نشاط إيجابي، فالبطالة في أدنى مستوياتها التاريخية، والعائدات للفرد تتخطى المتوسط الوطني بـ34 في المائة، وعدد السياح الوافدين إلى المدينة تخطى 61 مليون سائح عام 2017.
ويشير جميع التجار ووكلاء العقارات الذين التقتهم وكالة الصحافة الفرنسية إلى الارتفاع الحاد لبدلات الإيجار كالسبب الرئيسي لإغلاق المتاجر، حيث بلغت الزيادة 68 في المائة بين 2009 و2016، ووصلت إلى 70 في المائة في بعض نقاط آبر وست سايد، وحتى 175 في المائة في أجزاء من الجادة الخامسة، وفق أرقام أوردتها نقابة وكلاء العقارات في نيويورك.
وأوضح نائب رئيس النقابة براين كليماس الذي أعد الدراسة «أنه مثال كلاسيكي عن أسعار تتطور بأسرع من الطلب ومن مقومات السوق الأساسية». لكن الواقع أن الأسعار بدأت تتراجع منذ عدة أشهر في العديد من أحياء مانهاتن، في حين أن نسبة المتاجر المغلقة واصلت الارتفاع إلى أن قاربت في نهاية 2017 في سوهو ربع المساحات التجارية المتاحة، وفق مجموعة «كوشمان آند ويكفيلد» العقارية.
وقال كينيث هوشهاوزر نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة «وينيك» العقارية إن «المالكين كانوا بطيئين في تعديل إيجاراتهم».
وقالت كلارا، التي تعمل بائعة في متجر «فاريازيوني» للملبوسات في آبر وست سايد، إنه بالنسبة إلى التجار الباقين، فإن رحيل بعض جيرانهم «لا يساعد» على تحمل أوضاع مالية صعبة أحياناً.
وأوضحت جنيفر سان التي فتحت محل ملبوسات للأولاد «ماجيكال كيدز» في مايو (أيار) 2016 في آبر إيست سايد: «لم يعد هناك حركة مارة» لعدم وجود عدد كاف من المتاجر لاجتذابهم. وبعد سنة أولى سجلت أداءً جيداً، رأت العديد من المتاجر من حولها تغلق «خلال الأشهر الخمسة أو الستة الأخيرة» والنشاط يتباطأ، مضيفة: «لم أعد حتى أخص نفسي براتب».
وتوقع المدير التنفيذي المكلف تجارة التجزئة لدى «كوشمان آند ويكفيلد» ستيفن سوتنجيك أن «يستغرق الأمر بعض الوقت» قبل أن تصحح السوق أوضاعها. وهو يرجح «سنتين أو ثلاث سنوات قبل أن ينتعش النشاط من جديد»، من غير أن يبدي أي مخاوف.
وقال: «كان هناك المزيد من المتاجر الفارغة خلال الأزمة المالية»، مشيراً إلى أن «الأوضاع الحالية ليست بسلبية الأوضاع عام 2009 (عند ذروة الأزمة)، بل على العكس». غير أن التسوق على الإنترنت لم يكن يمثل في ذلك الحين سوى 3.6 في المائة من مبيعات التجزئة، لقاء 9.1 في المائة حالياً، وفق آخر الأرقام الحكومية.
وما زال ستيفن تيلفي يذكر تماماً الظروف المخيمة، حين انتقل بمحله عام 2008 من جانب الجادة الثالثة إلى الجانب المقابل، موضحاً «عندها انطلق (التسوق على) الإنترنت فعلياً». ومنذ ذلك الحين، يتراجع نشاط متجره بشكل ثابت بنسبة 5 في المائة في السنة. كما أن فتح محطات مترو جديدة على الجادة الثانية في نهاية 2016 ساهم في الحد من حركة عبور المارة أمام واجهته، ما أدى إلى تراجع حجم إيراداته بنسبة الربع ودفعه إلى الإغلاق.
ويحض العديد من أعضاء المجلس البلدي في نيويورك السلطات العامة على التحرك محذرين من «النيل من روح هذه الأحياء وإضعاف العرض على السلع والخدمات الأساسية لتيسير العيش فيها». وفي هذا السياق، قام رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو ببادرة أولى في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي فضاعف العتبة التي يتم ما دونها إعفاء محلات بيع التجزئة من الضريبة البلدية.
أما التجار، فيخوضون المعركة بما تيسر لهم من وسائل. وتعلن جنيفر سان «أصنع أشياء لا توجد عند أحد»، مشيرة إلى وسادات مصممة حسب الطلب. من جهته يوضح مات ستارتويل المسؤول عن مكتبة «كيتشن آرتس آند ليترز» المتخصصة في الطهي والأطعمة في آبر إيست سايد: «نحاول توفير كتب لا يمكن العثور عليها في أي مكان آخر».
وما يساهم في دعمه أن متجره ملك لأصحاب المبنى، ويقول إنهم «مسرورون لوجودنا هنا عوضاً عن مجرد مصرف آخر أو صالون لتصفيف الشعر آخر»، أما ستيفن تيلفي، فلا يستبعد معاودة النشاط في المجال ذاته بعد إغلاق متجره، لكنه يقول: إنه في الوقت الحاضر «بحاجة إلى الاستراحة لبضعة أسابيع».



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».