هل اللاعبون السابقون محللون جيدون لكرة القدم؟

تحفظات على أداء البعض وانتقادات لآخرين

تحليل غاري نيفيل لفينغر وأداء فريقه أثار الكثير من الانتقادات («الشرق الأوسط»)
تحليل غاري نيفيل لفينغر وأداء فريقه أثار الكثير من الانتقادات («الشرق الأوسط»)
TT

هل اللاعبون السابقون محللون جيدون لكرة القدم؟

تحليل غاري نيفيل لفينغر وأداء فريقه أثار الكثير من الانتقادات («الشرق الأوسط»)
تحليل غاري نيفيل لفينغر وأداء فريقه أثار الكثير من الانتقادات («الشرق الأوسط»)

«ثلاثة... اثنان... واحد، نحن الآن على الهواء مباشرة»، هذه هي الجملة التي سمعتها كثيرا على مدى الأشهر القليلة الماضية بسبب خطواتي الأولى في عالم التحليل الرياضي. ويجب أن أعترف أنني كلاعب لم أكن أعرف شيئا عن المجهود الشاق الذي يبذله العاملون والمعدون والمخرجون باستمرار من أجل منحك التعليمات من خلال سماعة الأذن الخاصة بك، ومقدمو البرامج الرياضية الذين لديهم قدر هائل من المعرفة والوعي لتقديم كل المعلومات المتاحة لديهم في الوقت المحدد للبرنامج.
ولم أكن أعرف أيضا مدى صعوبة الوقوف أمام الأضواء والكاميرات، في الوقت الذي يُقيم فيه الجمهور كل كلمة تقولها وأنت تعمل جاهدا على أن تقدم شيئا مثيرا للاهتمام وغنيا بالمعلومات وتعرف جيدا أن أي زلة لسان سوف يسمعها الملايين ولن يمكنك الرجوع فيها مرة أخرى لأنك تتحدث على الهواء مباشرة. وفي ظل تنامي شعبية الدوري الإنجليزي الممتاز في جميع أنحاء العالم والمعركة الشرسة على حقوق البث التلفزيوني ونسب المشاهدة، أصبح فن تحليل المباريات جزءا هاما للغاية من لعبة كرة القدم، حيث لم يعد الملايين من عشاق كرة القدم حول العالم ينتظرون الاستمتاع بمباريات مثيرة فحسب، لكنهم ينتظرون أيضا تحليلا مثيرا وشيقا وغنيا بالمعلومات خلال وبعد المباريات، وذلك بسبب المقابل المادي المرتفع الذي يدفعونه مقابل ذلك.
وبعد فوز مانشستر سيتي بثلاثية نظيفة على آرسنال في المباراة النهائية لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، لم تحدث ضجة بسبب هيمنة المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا ولاعبيه على المباراة أو حتى بسبب الأداء المتواضع للغاية من جانب آرسنال، لكن كانت هناك ضجة بسبب تحليل غاري نيفيل أثناء المباراة وتقييمه لأداء فريق آرسنال بقيادة المدير الفني الفرنسي آرسين فينغر. وكما قال نيفيل من قبل، أصبح هناك الآن «تحليل التحليل»، وهي الطريقة المثلى لتلخيص ما حدث.
ومن وجهة نظري كلاعب في الوقت الحالي، وقبل أن يكون لدي أي فكرة عن صعوبة العمل كمحلل تلفزيوني للمباريات على الهواء مباشرة، كان من الممكن أن أقول إن ما صرح به نيفيل خلال المباراة والطريقة التي أدلى بها بهذه التصريحات لم يكن من الملائم أن تخرج من لاعب كرة قدم سابق قد وُضع كثيرا في نفس الموقف الذي وُضع فيه لاعبو آرسنال في تلك المباراة. إن الظهور بشكل سيئ في المباراة النهائية هو شيء مؤلم بما فيه الكفاية، لكن أن يتم التركيز على اسمك من قبل محلل ما ويقول إنك لم تبذل الجهد الكافي ولم تكن لديك الرغبة في تحقيق الفوز خلال المباراة فهذا شيء غير متوقع تماما من زميل - حتى لو كان زميلا سابقا.
ومع ذلك، فكوني محظوظا بما فيه الكفاية لكي أكون في نفس موقف نيفيل وأحلل المباريات على الهواء مباشرة جعلني أدرك أنه يحصل على مقابل مادي نظير الإعلان عن رأيه في ظل الخبرات الكبيرة التي لديه وتحليل المباريات بالطريقة التي يراها هو، ويكون ذلك على الهواء مباشرة من دون أن تكون لديه رفاهية الوقت للتفكير، وهو الشيء الذي يود أن يستمع إليه الجمهور الذي يدفع أموالا مقابل مشاهدة المباريات والاستمتاع بالفقرات التحليلية. ويجب أن ندرك أن الحقيقة الآن هي أن نيفيل لم يعد لاعبا، ونظرا لأنه يتقاضى أموالا الآن لكي يكون محللا للمباريات على الهواء مباشرة، فإنه يقول وجهة نظره الخاصة ويتحمل تبعات كل كلمة يقولها في وظيفته الجديدة.
ومنذ أن بدأ العمل في شبكة «سكاي» الرياضية، نجح نيفيل في وضع آفاق جديدة للتحليل التكتيكي والخططي للمباريات، فلم يعد الأمر مقتصرا على الحديث عما يحدث داخل الملعب، لكنه يتحدث عن أسباب ما يحدث ومهام وواجبات كل لاعب داخل الملعب ونتائج كل فريق في الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي يجري تقييمه الآن بطريقة أكثر ذكاء وعمقا وموضوعية لعشاق كرة القدم في كل مكان.
وفي الحقيقة، يعد هذا شيئا جيدا للغاية للعبة كرة القدم ككل، حتى لو كان الأمر بالنسبة للاعب مثلي يعني أن أي خطأ دفاعي قد أرتكبه سوف يتم تحليله بشكل نقدي أمام ملايين المشاهدين. لكن الشيء المؤكد أيضا هو أن تحليل الخطط التكتيكية وأداء اللاعبين وقرارات المديرين الفنيين بطريقة نزيهة ومحايدة يضع ضغوطا هائلة على اللاعبين والمديرين الفنيين، وبالتالي يجب علينا تحمل مسؤولية ما نقوم به داخل الملعب.
وقد اتجه عدد من اللاعبين الكبار في السابق إلى تحليل المباريات، مثل غاري نيفيل وجيمي كاراغر وستيفن جيرارد وفرنك لامبارد، والذين يمتلكون خبرات هائلة في عالم كرة القدم اكتسبوها على مدار سنوات من اللعب في أعلى المستويات وأقوى البطولات، وهو ما يعني أنهم لا يثقفون ويعلمون الجمهور فحسب، لكنهم يعلمون أيضا اللاعبين الصغار الذين يتعين عليهم الاستماع لكل كلمة يتفوهون بها، لأن هؤلاء المحللين يرفعون معايير كرة القدم، من حيث التحليل الموضوعي والمحايد للمباريات، ويقولون وجهة نظرهم الخاصة من دون أن تكون لديهم النية لأن يجعلوا اللاعبين كبش فداء لأي خسارة أو جعلهم هدفا سهلا لأي هجوم أو إساءة في الملاعب أو على وسائل التواصل الاجتماعي.
لقد رأينا مرارا وتكرارا لاعبين ومديرين فنيين يشكون من أنه من السهل الحديث عن كرة القدم بعيدا عن ضغوط المباريات وأنت تجلس مسترخيا في استديوهات التحليل، وأنا أتفهم وجهة النظر هذه تماما، لكن من خلال تجربتي الشخصية يمكنني القول بأن تحليل المباريات ليس سهلا كما يعتقد البعض. إنني أؤمن تماما بأنه لو تم تحليل المباريات بشكل صحيح وبنفس القدر من النزاهة والمهنية والاجتهاد الذي يتمتع به نيفيل، فإنه يمكن أن يعود بفائدة كبيرة على لعبة كرة القدم ويزيد تثقيف المشاهدين الذين يفهمون كرة القدم بشكل أفضل مما كانت تصوره وسائل الإعلام في السابق. أما بالنسبة لنا كلاعبين ومديرين فنيين نعيش في عصر نتعرض فيه للتحليل أكثر من أي وقت مضى، فيتعين علينا أن نتذكر أنه يجب تحليل أداء المحللين أيضا، لأن هذه هي طبيعة اللعبة.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».