استعدادات فلسطينية لانتخابات منظمة التحرير

TT

استعدادات فلسطينية لانتخابات منظمة التحرير

يستعد الفلسطينيون لانتخابات جديدة لاختيار لجنة تنفيذية لمنظمة التحرير، أعلى هيئة قيادية للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، كخطوة أخيرة على طريق تجديد الشرعيات التي تهدف في النهاية إلى ترتيب «انتقال سلس» للسلطة في حال أي غياب قهري للرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ويفترض أن تجرى الانتخابات المرتقبة أثناء انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني المتوقع بداية مايو (أيار) المقبل، وتأتي بعد نحو عام من انتخابات جرت داخل حركة «فتح» وأفرزت لجنة مركزية جديدة ومجلساً ثورياً للحركة.
وبدأ عباس هذه الخطوات بعد سنوات من الجدل حول ضرورة تجديد هذه الهيئات ووضع نائباً له في محاولة لتجنب أي فراغ أو صراع سياسي وقانوني حول رئاسة السلطة. وأعلن رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون أن «التحضيرات جارية لعقد المجلس الوطني في موعد لا يتجاوز تاريخ الخامس من مايو المقبل».
ورجح الزعنون عقد المجلس ضمن دورة عادية. وأكد أن الاجتماع هدفه بحث استكمال أعداد أعضاء اللجنة التنفيذية أو انتخاب لجنة تنفيذية جديدة. وأنهت اللجنة التحضيرية لعقد المجلس الوطني سلسلة من الاجتماعات ووضعت توصياتها بانعقاد المجلس بمن حضر في رام الله.
وتسعى حركة «فتح» التي يتزعمها عباس إلى الاتفاق مع الفصائل الفلسطينية في منظمة التحرير على عقد اجتماع للمجلس الوطني بمن حضر في رام الله، عبر جلسة يمكن أن تكون استثنائية. لكن فصائل فلسطينية تتطلع إلى عقده في الخارج لتمكين معظم الأعضاء من الحضور. وظهرت اقتراحات بعقد المجلس عبر تقنية «الفيديو كونفرنس» بين رام الله وبيروت.
ويعد المجلس بمثابة برلمان المنظمة التي تمثل جميع الفلسطينيين في الداخل والخارج، ويضم الآن نحو 650 عضواً، ممثلين عن الفصائل والقوى والاتحادات الفلسطينية. وعقد المجلس منذ تأسيسه 22 مرة، آخرها دورة استثنائية في رام الله في 2009، انتهت بتعيين وانتخاب 6 أعضاء جدد في المنظمة ليصبح عدد أعضائها 18 عضواً.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس عباس يريد انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، بما يجعل أي انتقال للسلطة في المستقبل «سلساً وآمناً». وبحسب المصادر، فإن انتخاب لجنة تنفيذية جديدة «سيعني التخلص من شخوص والدفع بآخرين لتشكيل قيادة جديدة وقوية». وأكدت أن أهم ما سيميز الانتخابات المرتقبة أنها ستكشف إلى حد كبير عن توجه عباس نحو خليفته.
ويفترض أن تدفع «فتح» بأحد أعضائها في اللجنة المركزية التي تجددت كذلك العام الماضي، عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. وسيكون هذا أقرب شخص مرشح لخلافة عباس. ويريد عباس تأمين خلف له من دون صراعات محتملة ولضمان مواجهة أي خصوم محتملين.
واختار عباس قبل نحو عام محمود العالول نائباً له وأعطاه صلاحيات كبيرة. وتواجه «فتح» في أي انتخابات مقبلة خصماً لدوداً متمثلاً في حركة «حماس»، وآخرين فُصلوا من «فتح» يقودهم القيادي محمد دحلان الذي عقد تحالفات جديدة مع «حماس». كما تواجه توجهات إقليمية وغربية لدعم مرشحين على حساب آخرين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».