تقنية حكم الفيديو صفعة لجمهور كرة القدم

التجربة الإنجليزية أثبتت أن المشجعين لا يدرون شيئاً عما يجري في الملعب

بول تيرني حكم مباراة توتنهام وروشديل بكأس إنجلترا أوقف اللقاء أكثر من مرة للجوء للفيديو (أ.ف.ب)
بول تيرني حكم مباراة توتنهام وروشديل بكأس إنجلترا أوقف اللقاء أكثر من مرة للجوء للفيديو (أ.ف.ب)
TT

تقنية حكم الفيديو صفعة لجمهور كرة القدم

بول تيرني حكم مباراة توتنهام وروشديل بكأس إنجلترا أوقف اللقاء أكثر من مرة للجوء للفيديو (أ.ف.ب)
بول تيرني حكم مباراة توتنهام وروشديل بكأس إنجلترا أوقف اللقاء أكثر من مرة للجوء للفيديو (أ.ف.ب)

لا يعد روبي سافيج (نجم ويلز الدولي ولاعب مانشستر يونايتد السابق) من نوعية المحللين التلفزيونيين الذين لديهم بصيرة ثاقبة تمكنهم من التنبؤ بما سيحدث في المستقبل بشكل صحيح، لكنه كان منذ البداية ينتقد فكرة تقنية الفيديو المساعد للحكم، والتي تمت تجربتها مرة أخرى خلال المباراة التي انتهت بفوز توتنهام هوتسبر بستة أهداف مقابل هدف وحيد على نادي روتشديل المنتمي للدرجة الثالثة في كأس الاتحاد الإنجليزي الأربعاء الماضي. وأدى استخدام هذه التقنية إلى إيقاف المباراة أكثر من مرة وسط حالة من الارتباك وعدم فهم الجمهور الموجود في المدرجات لما يحدث.
وهذه هي المشكلة التي تواجه فكرة استخدام تقنية الفيديو المساعد للحكم، والتي تُقابل برفض من قبل الجمهور في البطولات الأخرى في جميع البلدان الأوروبية. ورغم أن البعض قد ينظر إلى هذه التقنية على أنها خطوة للأمام، فإنها في واقع الأمر عبارة عن صفعة أخرى على وجه المشاهد الذي يدفع الأموال من أجل الاستمتاع بالمباريات.
ويجب أن نشير إلى أن هذا الجمهور الذي يصر على السفر إلى الملاعب المختلفة ويدفع أموالا مُبالغا فيها لمشاهدة المباريات يقوم بذلك لأنه يريد أن يصبح جزءا من اللعبة، ويؤمن بأن كرة القدم التي تلعب بشكل مباشر ومن دون توقف هي تجربة قائمة على علاقة تفاعلية بين ما يحدث داخل الملعب وما يحدث في المدرجات بين الجمهور. وفي الحقيقة، كان الأمر يسير بهذا الشكل دائما، حيث يمكنك مشاهدة المباراة وأنت تجلس في المنزل عبر شاشات التلفزيون وربما يمكنك المشاهدة بصورة أفضل ممن ذهب إلى الملعب، لكن لا يمكن أن تشعر أبدا بنفس الشعور الذي يشعر به من يشاهد المباراة من الملعب. وعندما تشاهد مباريات من الماضي، سواء كانت تذكرك بأشياء سعيدة أو مؤلمة، يكون هناك فارق كبير بين أن تقول «لقد كنت هناك في ملعب المباراة» وينتابك الإحساس الطبيعي الذي شعرت به آنذاك وبين أن تعترف بأنك قد شاهدت هذه المباراة وأنت تجلس في أحد المقاهي أو في غرفة المعيشة الخاصة بك.
يجب الاعتراف بأن تقنية الفيديو المساعد للحكام تقوض هذه العلاقة التفاعلية بين المباريات والجمهور، وربما يكون خير مثال على ذلك هو ما حدث خلال مواجهة هيدرسفيلد تاون أمام مانشستر يونايتد في كأس الاتحاد الإنجليزي قبل أسبوعين، حيث تخلى العديد من الصحافيين عن أماكنهم في المقصورة الخاصة بهم وتوجهوا نحو ردهة سفلية لمشاهدة المباراة عبر التلفزيون رغم أنهم متواجدون في ملعب المباراة بالفعل!
وهذا يعني أن الأشخاص الذين سافروا وقطعوا مسافات طويلة لتغطية المباراة قد قرروا مشاهدتها في الداخل عبر شاشات التلفزيون، وهو ما يمكن أن يفعلوه في المنزل. وكانت وجهة نظرهم بسيطة وواضحة في هذا الأمر وتتمثل في أنه في حال استخدام تقنية الفيديو المساعد للحكام فستكون هي مثار الجدل والحديث بعد انتهاء المباراة وبالتالي يجب التركيز عليها ومتابعتها بدلا من مشاهدة المباراة نفسها من الملعب! وكان هذا هو ما حدث بالفعل في مباراة الجولة السابقة مع نادي ليفربول. وفي هذه المباراة، كان هؤلاء الصحافيون هم الوحيدون من بين 24 ألف متفرج في ملعب المباراة الذين يعرفون أن تقنية الفيديو المساعد للحكم قد ألغت الهدف الذي أحرزه خوان ماتا بسبب اعتمادها على تكنولوجيا في شكل خطوط متذبذبة لكشف وقوع اللاعبين في التسلل من عدمه، لكن النتيجة الطبيعية التي لا مفر منها هي أن الـ24 ألف شخص الذين دفعوا الأموال للاستمتاع بالمباراة لم يكونوا يعلمون أي شيء عن ذلك.
إنه أمر مهين للغاية أن تخرج من منزلك في يوم شديد البرودة وتدفع أموالا طائلة وتقطع مسافة كبيرة لمشاهدة حكم يضع إصبعه في أذنه ومجموعة من اللاعبين يلتفون حوله ولا يعرفون ما يحدث، بينما المشاهد الذي يتابع المباراة من منزله على شاشات التلفزيون يستمتع بالصور المباشرة والتعليق على ما يحدث. وإذا لم يكن هذا «التحسن» يصب في صالح أولئك الذين يحضرون لمشاهدة المباريات من الملعب، فهل يمكن أن نصفه بأنه «تحسن» في الأساس؟
وتجب الإشارة أيضا إلى أن هذه التقنية ما زالت في فترة التجربة، ويمكن أن تصبح بطبيعة الحال أكثر سرعة وكفاءة بمرور الوقت، كما أنه يمكن إلغاؤها إذا لم تحقق نتائج مُرضية. والسؤال الذي يجب أن نطرحه الآن لا يتمثل فيما إذا كانت كرة القدم ترغب في السير على نهج ألعاب مثل الكريكيت والرجبي وأن تكون الإعادة متاحة على الفور عبر شاشات عملاقة أم لا، لكن السؤال يجب أن يركز على ما إذا كانت كرة القدم تتمنى أن يصبح الحكم المسؤول عن المباراة والجمهور الذي ذهب لمشاهدة المباراة من الملعب تحت رحمة شخص يتابع مجريات اللقاء عن بُعد.
وتجب الإشارة إلى أن وجود التكنولوجيا التي يمكنها القيام بشيء ما لا يعني بالضرورة أنها تمثل تقدما يجب القيام به. ويمكن القول بأن الحكام يمكنهم القيام بعمل أفضل في حال تركيزهم على مجريات اللعب من دون التشويش عليهم من خلال الأصوات التي يسمعونها في آذانهم عن طريق السماعات. وبالتالي، يجب ترك الأمور للحكام لكي تسير المباريات بسلاسة حتى في حال ارتكابهم لبعض الأخطاء من وقت لأخر.
وفي الوقت الحالي، يتم تطبيق تكنولوجيا خط المرمى، وهو ما يعني القضاء على نسبة كبيرة من القرارات الأكثر إثارة للجدل على أي حال. وكل ما هو مطلوب حقا بعد ذلك هو إيجاد وسيلة لتحديد اللاعب الذي يحاول أن يخدع الحكام من أجل تسجيل هدف، وفي حال وجود حالة شبيهة بما قام به اللاعب الفرنسي السابق تيري هنري عندما ساهم في إحراز هدف بيده في مرمى جمهورية آيرلندا وسط احتجاج كبير من قبل المدافعين، فيتعين على الحكم الرابع آنذاك أن يلقي نظرة سريعة على شاشة بجوار خط التماس لرؤية ما حدث. ويمكن القول بأن تكنولوجيا الفيديو المساعد للحكام هي بمثابة «حل يبحث عن مشكلة»، وربما يكون هذا هو السبب في استخدامها بشكل خاطئ. وقد يكون من الأفضل ببساطة أن نسلم ونقبل بأن كرة القدم لا يمكن أبدا أن تكون لعبة خالية من الأخطاء، بدلا من الاعتماد على أشياء مليئة بالأخطاء والعيوب في حد ذاتها.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».