قضية «العسكريين الجواسيس» تعمّق التوتر التركي ـ اليوناني

TT

قضية «العسكريين الجواسيس» تعمّق التوتر التركي ـ اليوناني

بدأت قضية العسكريين اليونانيين اللذين أوقفتهما تركيا بتهمة التجسس تتفاعل لتضيف ملفاً جديداً إلى ملفات التوتر بين أنقرة وأثينا.
وأعلنت اليونان رفضها من الأساس فكرة مبادلتهما بالعسكريين الأتراك الثمانية الفارين إليها منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016، والذين طلبوا اللجوء فيها.
واعتبرت أثينا أن المطالبة بمثل هذا الأمر «مجرد أوهام». وقال وكيل وزارة الخارجية اليوناني يورغوس كاتروغالوس: «هذه مجرد أوهام... لسنا في حرب مع تركيا لنقوم بتبادل أسرى»، مؤكداً أن مثل هذه الروايات مصدرها الإعلام التركي. ونقلت وكالة «آنا» الرسمية، عن كاتروغالوس قوله أمس إن «هذه حادثة ليست غريبة... فمثل هذه الأمور تحصل على الحدود».
وكان العسكريان اليونانيان اعتُقِلا بعد دخولهما الأراضي التركية، الخميس الماضي.
وقال الجيش اليوناني إنهما ضلّا طريقهما بسبب سوء الأحوال الجوية، بينما كانا يقومان بدورية في منطقة قريبة من نهر «إيفروس»، الذي يفصل بين البلدين.
وأعلنت السلطات التركية، أول من أمس، عن توسيع دائرة تحقيقاتها مع العسكريين اليونانيين اللذين ألقي القبض عليهما في منطقة بازار كوله في ولاية أردنة شمال غربي البلاد، لدخولهما منطقة عسكرية محظورة بعد إدلائهما بإفادات متناقضة لقيادة قوات الدرك التركية عقب توقيفهما في أدرنة، ثم عند الإدلاء بإفادتهما أمام النيابة العامة.
وبناء على ذلك، قررت النيابة العامة في أدرنة توسيع تحقيقاتها بسبب التناقض في الإفادات الصادرة عنهما. كما قررت السلطات التركية فحص 3 هواتف كانت بحوزتهما بعد اكتشاف مقاطع تسجيلات مصورة فيها. وكانت محكمة الصلح والجزاء في أدرنة قضت، الخميس، بحبس العسكريين اليونانيين بتهمتي «محاولة التجسس العسكري» و«دخول منطقة عسكرية محظورة».
وذكرت مصادر أمنية تركية أن جنوداً من وحدة حرس الحدود ألقوا القبض، في أثناء قيامهم بدورية اعتيادية في منطقة «بازار كوله» بالولاية، على عسكريين يونانيين يحملان رتبة ملازم وضابط صف، زعما أنهما فقدا طريقهما جراء سوء الأحوال الجوية، ودخلا الأراضي التركية بالخطأ. وأكدت قيادة الجيش اليوناني احتجاز القوات التركية للعسكريين عند حدود البلاد الشمالية الشرقية مع تركيا.
ولم يصدر على الفور تعليق من جانب أنقرة على التصريحات اليونانية بسبب رفض مبادلة العسكريين، لكن مصادر دبلوماسية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن تركيا قد تستغل ملف العسكريين اليونانيين للضغط على أثينا لتغيير موقفها بشأن تسليم العسكريين الثمانية، وإن اتصالات تجري بين المسؤولين المعنيين في البلدين في هذا الصدد لكنها قد تستغرق وقتاً طويلاً. ويتسبب ملف ثمانية عسكريين أتراك فروا إلى اليونان عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف يوليو 2016، مصدر توتر كبير بين البلدين الجارين.
وقدمت تركيا طلباً ثالثاً إلى اليونان في يناير (كانون الثاني) الماضي بشأن تسليم هؤلاء العسكريين الذين سبق أن منحت لجنة مستقلة في اليونان حق اللجوء لأحدهم، إلا أن الحكومة طعنت في القرار وأبطلته في المحكمة العليا بعد غضب أنقرة.
وكان قرار لجنة اللجوء المستقلة في اليونان الذي صدر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بمنح أحد العسكريين الأتراك الثمانية الذين فروا من تركيا إلى اليونان بطائرة عسكرية ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو 2016 اللجوء في اليونان الباب لتوتر جديد بين أنقرة وأثينا، نظراً لحساسية الملف الذي تسبب في خلافات بين الجانبين لأشهر.
وسعت الحكومة اليونانية سريعاً إلى امتصاص غضب أنقرة بسبب القرار، وأعلنت تقدمها بطعن على قرار لجنة اللجوء المستقلة قبول طلب لجوء أحد العسكريين الفارين إلى أثينا عقب محاولة الانقلاب الفاشلة.
وذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء اليونانية، أن الحكومة تقدمت بطلب طعن إلى محكمة الاستئناف الإدارية ضد القرار. وكانت لجنة اللجوء المستقلة وافقت على طلب سليمان أوزكايناكجي إلى اليونان ما أثار غضب أنقرة، وأصدرت الخارجية التركية بياناً قالت فيه إن قرار لجنة اللجوء اليونانية، الذي تعتبر تركيا أنه اتخذ بدوافع سياسية، لا شك ستكون له آثار على العلاقات مع اليونان، والتعاون المشترك في مواضيع إقليمية.
واعتبرت الخارجية التركية في بيان لها أن «اليونان بقرارها أظهرت مرة أخرى أنها دولة تحمي وتحتضن الانقلابيين».
وبررت لجنة اللجوء المستقلة اليونانية قبولها طلب أوزكايناكجي بأن «أوضاع حقوق الإنسان في تركيا عقب المحاولة الانقلابية غير مقبولة وفي حال تسليمه لن يُحاكَم بشكل عادل». وقالت اللجنة إن أوزكايناكجي أطلق سراحه في وقت سابق بعد توقيفه مع العسكريين الآخرين في اليونان، وهو مساعد الطيار الذي قاد مروحية عسكرية تركية وفَرَّ مع زملائه إلى اليونان عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، لافتة إلى أن السبعة الآخرين ينتظرون قرار اللجنة بشأن طلبات اللجوء المقدمة منهم.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.