إقرار نصف مواد موازنة العراق في غياب الأكراد

TT

إقرار نصف مواد موازنة العراق في غياب الأكراد

اضطر رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري إلى تأجيل جلسة البرلمان التي عقدت أمس إلى غدٍ، بعد الشروع في التصويت على فقرات موازنة العام الحالي في ظل مقاطعة شاملة من النواب الأكراد وكتلهم.
وكان البرلمان بدأ في التصويت على فقرات الموازنة بعد تأخير لبضعة شهور بسبب الخلافات على حصة إقليم كردستان التي قلصت من 17 في المائة إلى 12 في المائة، إضافة إلى اعتراض «تحالف القوى العراقية» السُنّي على تعويضات النازحين من المناطق التي احتلها تنظيم داعش في 2014، واعتراض محافظة البصرة على حصتها من عائدات النفط.
وفي وقت حاول اجتماع للرئاسات الثلاث، أمس، التوصل إلى صيغة وسط ترضي جميع الأطراف بهدف تمرير الموازنة باتفاق نسبي مع الأكراد، فإن الأكراد ولدى بدء التصويت على الموازنة سجلوا اعتراضات عدة، أدت في النهاية إلى الإخلال بالنصاب؛ ما دعا رئيس البرلمان إلى تأجيل الجلسة حتى السبت، بعد التصويت على نحو 12 مادة من قانون الموازنة.
وقالت النائبة عن «الاتحاد الوطني الكردستاني» ريزان الشيخ دلير لـ«الشرق الأوسط»: إن الأكراد «حاولوا في مختلف كتلهم البرلمانية الوصول إلى توافق بشأن ما نعده ثوابت توافقنا عليها منذ بدء سريان الموازنات العراقية في 2004 وإلى اليوم، ومن أبرزها الاتفاق على أن تكون نسبة الكرد 17 في المائة من الموازنة في إطار توافق سياسي نرى أنه لا يزال قائماً؛ إذ لم يستجد ما يمكن أن يؤدي إلى الإخلال بهذا المبدأ».
وأضافت إن «ما حصل هو أن شركاءنا أخلّوا بهذا المبدأ حين خفضوا النسبة إلى نحو 12 في المائة، ما نعتبره عقوبة لشعب كردستان بسبب الاستفتاء». ورأت أن «هذا إجحاف لأن الاستفتاء انتهى ولم تعد له نتائج على أرض الواقع، وبالتالي من غير المقبول معاقبة الشعب الكردي كله بجريرة خلاف مع أطراف سياسية».
ولفتت إلى «اعتراضات أخرى لدينا لم تؤخذ بنظر الاعتبار، وهي تثبيت عبارة محافظات الإقليم، بدلاً من إقليم كردستان، وهي التسمية الرسمية المعتمدة بموجب الدستور العراقي، إضافة إلى مسألة البيشمركة؛ إذ تضمنت الموازنة تأمين رواتبها فقط بينما هي لكونها جزءاً من المنظومة الأمنية العراقية لا بد أن تشمل التسليح والتدريب والتجهيز، وهو ما لم يحصل».
وتوجه الأكراد إلى المرجعيات الدينية الشيعية في مدينة النجف في محاولة للضغط على الحكومة بهدف إذابة الجليد بين الطرفين بعد ما تعتبره أربيل «تعنت» رئيس الحكومة حيدر العبادي حيال ملفات عدة عالقة، بما فيها مطارات الإقليم.
وقال القيادي في «الاتحاد الوطني الكردستاني» سعدي أحمد بيره: إن «زيارتنا للنجف ستساعد على إذابة الجليد بين أربيل وبغداد، وتلمسنا جدية منهم بهذا الشأن من أجل حل المشكلات العالقة بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية». وأضاف: «كان هناك تفهم للخلافات والمشكلات، وقال لنا المرجع بشير النجفي إنه سيعمل ما بوسعه للإبقاء على الإخوة بيننا. وطلبنا منه أن يؤدي دوراً في حل الخلافات بين أربيل وبغداد».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».