وعود عون لأهالي العسكريين تهدد مشروع قانون «العفو العام»

عائلات الموقوفين {الإسلاميين} ستوافق في حال شملت الاستثناءات جميع الطوائف

الرئيس ميشال عون مستقبلا عوائل شهداء الجيش اللبناني أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مستقبلا عوائل شهداء الجيش اللبناني أمس (دالاتي ونهرا)
TT

وعود عون لأهالي العسكريين تهدد مشروع قانون «العفو العام»

الرئيس ميشال عون مستقبلا عوائل شهداء الجيش اللبناني أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مستقبلا عوائل شهداء الجيش اللبناني أمس (دالاتي ونهرا)

حمل إعلان الرئيس اللبناني ميشال عون رفضه توقيع أي قانون عفو عام يستفيد منه قتلة العسكريين، مؤشرات على «استثناءات» ستكون من ضمن قانون العفو من شأنها أن تعرقله وتنتج خلافات مع رئيس الحكومة سعد الحريري حوله، بالنظر إلى أن الحريري كان قد أعلن في وقت سابق أن القانون سيشمل أشخاصاً لم يتورطوا بالدم في أحداث عبرا وطرابلس.
وعرض الرئيس عون مع وفد من عائلات شهداء الجيش اللبناني أوضاعهم واستمع إلى مطالبهم، التي كان أبرزها عدم شمول قانون العفو العام الذي يتم العمل على إقراره في مجلس النواب قبل انتهاء ولاية المجلس الحالي، أولئك الذين ارتكبوا جرائم قتل بحق العسكريين. وقد أكد الرئيس عون أنه يتابع هذا الموضوع «انطلاقاً من حرصه على الوفاء لشهادة العسكريين الذين استُشهدوا في سبيل الحفاظ على الاستقلال والسيادة والكرامة الوطنية»، وأنه «لن يوقّع أي قانون عفو عمن أُدين أو سيُدان بقتل عسكريين».
وقالت مصادر مواكبة لاجتماع عون مع أهالي العسكريين، إن الرئيس عون جدد تأكيده أن «كل شخص صدرت بحقه أحكام إدانة بقتل عسكريين، أو ستصدر به تلك الأحكام من الآن وحتى إصدار القانون، لن يشمله العفو»، مشددة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن عون «لم يحدد ما إذا كان المقصودون إسلاميين أم غيرهم، بل تحدث بموقفه المبدئي عن أن كل المتورطين لن يحظوا بالعفو».
وبينما لم تُعتمد بعد نصوص القانون، يرى بعض المتابعين أن تصريح عون يشي بإعلان عن استثناءات ستطال مشروع قانون العفو المزمع تحويله إلى مجلس النواب لإقراره، في حال تم الاتفاق على مضمونه، ليكون ثاني عفو عام يصدر في لبنان منذ انتهاء الحرب اللبنانية في مطلع التسعينات من القرن الماضي.
وتمثل الاستثناءات تحدياً أمام إقراره، إذ أعلنت مصادر سياسية واسعة الاطلاع ومقرّبة من «تيار المستقبل» لـ«الشرق الأوسط»، أن طرح استثناءات «من شأنه أن يعرقل المشروع»، مكتفية بالقول إنه يجب انتظار الرئيس الحريري لتتضح الصورة. وقالت: «لا يمكن الجزم بأن يكون الاستثناء سيطال جميع المتهمين بمعارك عبرا أو معارك طرابلس، لأن بعضهم شارك بطريقة هامشية، وغير متورط بدم العسكريين».
ويمثل المحكومون والموقوفون في ملفَّي معركتَي عبرا (2013) وطرابلس (2014)، المعضلة الأبرز التي تواجه إقرار العفو العام، في ظل ضغوط يمارسها أهالي الموقوفين والمحكومين في الملفين حتى يشملهم العفو رغم أن بعضهم أقرّ بالقتال ضد الجيش. ويستند أهالي «الموقوفين الإسلاميين»، في مطالبهم، إلى اتهامات يوجّهونها إلى القضاء اللبناني بأن أحكامه «لم تكن عادلة».
وقال نائب رئيس «هيئة العلماء المسلمين» الشيخ سالم الرافعي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأهالي لن يوافقوا على الاستثناء «إلا إذا تحققت 3 شروط، يتمثل الأول في قدرة القضاء على استدعاء كل من تورط في قتال الجيش في عبرا»، مشيراً إلى أن «هناك طرفاً ثالثاً قاتل في معركة عبرا وهو (حزب الله)، فإذا كان القضاء قادراً على محاكمة عناصره، ومحاكمة تجار المخدرات الذين تورطوا في قتل عسكريين في أثناء ملاحقات القوى الأمنية لهم، واستثناء هؤلاء من العفو، فإن الأهالي سيوافقون على الاستثناء». ويقول إن الشرط الثاني يتمثل في «تأمين محاكمات عادلة للمتمهين وتسريع المحاكمات كي لا يبقى الابرياء في السجن»، أما الشرط الثالث فيتمثل في «ألا يُستثنى قتلة العسكريين والمدنيين من المنضوين السابقين في جيش لبنان الجنوبي الذي كان حليفاً لإسرائيل، وتورط في قتل المدنيين اللبنانيين والعسكريين اللبنانيين في تلك الحقبة». وقال: «في ذلك، ستكون الاستثناءات من جميع الطوائف».
وأشار الرافعي إلى أن أهالي المتهمين في أحداث عبرا لا يعارضون المحاكمات العادلة للمتورطين بقتل العسكريين، ويطالبون بالعفو عن أبنائهم باعتبار أن الدولة غير قادرة على الحكم بالعدل في هذه الملفات.
ويشمل قانون العفو العام، موضع البحث، الإفراج عن آلاف المتورطين في الاتّجار بالمخدرات وإطلاق النار والسرقة، الذين صدرت عشرات مذكرات التوقيف بحقهم، إضافة إلى ما يقارب 4900 من المبعدين إلى إسرائيل منذ عام 2000، إثر انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، وكانوا في عداد «جيش لبنان الجنوبي»، إضافة إلى نحو 1500 شخص من الموقوفين الإسلاميين.
وكان أهالي الموقوفين الإسلاميين قد نقلوا عن الحريري قوله في شهر ديسمبر (كانون الأول) الفائت، إنه قطع وعداً بأن يشمل العفو العام القسم الأكبر من السجناء الإسلاميين، مع استفادة من لا يشملهم العفو من هذا القانون، وذلك عبر تخفيض العقوبات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.