محكمة تشيكية تفرج عن صالح مسلم وأنقرة تعتبر القرار «دعماً للإرهاب»

صالح مسلم لدى الإفراج عنه في براغ أمس (أ.ف.ب)
صالح مسلم لدى الإفراج عنه في براغ أمس (أ.ف.ب)
TT

محكمة تشيكية تفرج عن صالح مسلم وأنقرة تعتبر القرار «دعماً للإرهاب»

صالح مسلم لدى الإفراج عنه في براغ أمس (أ.ف.ب)
صالح مسلم لدى الإفراج عنه في براغ أمس (أ.ف.ب)

قال الزعيم الكردي السوري صالح مسلم إنه كان على علم بوجود أمر اعتقال تركي، لكنه لم يأخذه على محمل الجد ووصف المزاعم التركية ضده بأنها كاذبة، في وقت أدانت أنقرة قرار محكمة تشيكية عدم تسليم صالح. واعتبرت الإفراج عنه «دعما للإرهاب».
وأفرجت محكمة عنه رغم دعوة تركيا لاستمرار حبسه لحين إصدار طلب تسليم.
وقال مسلم، الذي تعهد للمحكمة التشيكية بالبقاء داخل الاتحاد الأوروبي انتظارا لإجراءات أخرى، للصحافيين، إنه لم يقرر بعد إلى أين سيذهب لكنه أضاف أن لديه تصريح إقامة في فنلندا العضو في الاتحاد الأوروبي.
ونددت تركيا بقرار المحكمة الإفراج عن صالح مسلم الرئيس المشارك السابق لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري الذي تعتبره أنقرة «تنظيما إرهابيا» وامتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور ووصفته بأنه «حكم سياسي» و«دعم واضح للإرهاب».
وقال نائب رئيس الوزراء التركي المتحدث باسم الحكومة، بكير بوزداغ، إن قرار إخلاء سبيل صالح مسلم في التشيك هو «دعم واضح جداً للإرهاب» معتبرا في الوقت ذاته أن القرار لم يكن مفاجئا لجهة تعامل الاتحاد الأوروبي مع بلاده و«التنظيمات الإرهابية» التي تستهدفها.
وأضاف بوزداغ، في تصريحات أمس عقب فيها على قرار المحكمة التشيكية الذي جاء بعد 3 أيام من احتجاز مسلم بناء على طلب من تركيا التي أدرجته على النشرة الحمراء للإنتربول كأحد أخطر المطلوبين في اتهامات تتعلق بالإرهاب، أن «مثل هذه القرارات ليست مفاجئة لنا؛ لأن الجميع يعلم نظرة دول الاتحاد الأوروبي لتركيا وطريقة تعاملها مع الأنشطة الإرهابية التي تستهدف بلادنا».
واعتقل مسلم في براغ فجر الأحد الماضي بناء على طلب من تركيا التي تتهمه بالقتل ومحاولة تقويض وحدة الدولة والقتل العمد والإضرار بالممتلكات، والتي أدرجته على النشرة الحمراء للإنتربول مع 44 آخرين من القيادات الكردية ورصدت أكثر من مليون دولار لمن يرشد عنه أو يقبض عليه.
ورأى بوزداغ أن حكم المحكمة التشيكية يتنافى مع القانون الدولي وأن «له آثارا سلبية على العلاقات التركية التشيكية»، وتساءل: «عندما يكون ضحايا الإرهاب مواطنون أتراك أو مسلمون ألا يعد قاتلوهم منظمات إرهابية؟ هل يشترط لاعتبار منظمة ما إرهابية أن تستهدف مواطني دول الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة فقط؟».
وقال محامي مسلم إن المحكمة قضت أمس بالإفراج عن موكله رغم دعوة تركيا إلى احتجازه لحين البت في طلب بتسليمه إليها، وإن موكله تعهد للمحكمة بألا يعرقل أي إجراءات مقبلة.
وكان مسلم يشغل منصب الرئيس المشارك لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري وهو الحزب الرئيسي في الائتلاف الذي يدير مناطق الحكم الذاتي الكردية في شمال سوريا. واعتبرت وزارة الخارجية التركية في بيان علقت فيه على الحكم بالإفراج عن مسلم أن جمهورية التشيك قدمت نموذجا جديدا على مدى عدم جدية خطاب مكافحة الإرهاب في أوروبا وابتعاده عن المصداقية، لافتة إلى أن «رفض التشيك طلب اعتقال مسلم لا يتماشى مع القانون الدولي ويتعارض مع مسؤولية مكافحة الإرهاب».
وبدوره، قال نائب رئيس الوزراء التركي هاكان جاويش أوغلو معلقا على قرار المحكمة التشيكية: «ليعلم رؤوس الإرهاب الذين يظنون أنهم نجوا بقرار محكمة، أن تركيا ستلاحقهم بشكل أو بآخر».
وأكد في في تصريح، أن تركيا تنظر إلى صالح مسلم، على أنه إرهابي وزعيم منظمة إرهابية، ولا يوجد أي شيء يغير هذه الحقيقة، واصفا قرار المحكمة التشيكية بـ«الفضيحة»، واعتبره انتهاكاً واضحاً للقوانين، لا سيما أن مسلم مطلوب من قِبل السلطات التركية عبر نشرة حمراء دولية.
واعتبر قرار المحكمة بإخلاء سبيل مسلم، صدر دون الأخذ بعين الاعتبار الملفات التي أرسلتها تركيا بحقه، واتهم أوروبا بأنها باتت خلال السنوات الأخيرة ملاذا آمناً للإرهابيين، وحذرها من أنه قد يأتي يوم وتضرب فيه يد الإرهابيين الذين يحتمون بها في الوقت الراهن.
وجاء قرار المحكمة التشيكية بالإفراج عن مسلم بعد أن رفضت أنقرة على لسان وزير العدل عبد الحميد غل مبادلة تشيكيين محتجزين لديها بالرئيس السابق لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري.
وأضاف أن أي مبادلة لمواطنين تشيكيين، اعتُقلا سابقا من قبل الحكومة التركية بتهم متعلقة بالإرهاب، مقابل إعادة صالح مسلم وتسليمه لتركيا «أمر غير وارد».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».