حملة ضد «بي بي سي» في مصر... والهيئة ترفض التعليق

لقاء تلفزيوني يُكذّب تقريراً عن «الإخفاء القسري»

TT

حملة ضد «بي بي سي» في مصر... والهيئة ترفض التعليق

تفاعلت الأزمة المشتعلة منذ أيام بين مؤسسات رسمية مصرية، تتصدرها «الهيئة العامة للاستعلامات» (التابعة لرئاسة الدولة)، و«هيئة الإذاعة البريطانية» BBC على خلفية تقرير بثته الأخيرة، تناول واقعة «إخفاء قسري» لسيدة، زعم التقرير توقيفها من قبل أجهزة الأمن المصري، غير أنها ظهرت أول من أمس في لقاء تلفزيوني، نافية تعرضها للسجن.
وفاجأ ظهور السيدة، التي تدعى زبيدة، المتابعين للأزمة، أمس، إذ أجرت لقاءً مع الإعلامي المصري عمرو أديب، وكذّبت خلاله رواية ساقتها والدتها في سياق التقرير، الذي تسبب في الأزمة، مؤكدة أنها «متزوجة منذ أكثر من عام، ووضعت مولودها قبل أقل من أسبوعين، وأنها لا تتواصل مع أمها لأسباب خاصة»، وزادت موضحة أن والدتها «متعاطفة مع جماعة الإخوان (التي تصنفها السلطات إرهابية)».
وفور بث تصريحات زبيدة دعت «هيئة الاستعلامات» BBC إلى «الاعتذار الفوري عن التقرير بالطريقة نفسها التي نُشر بها»، ولفتت إلى ضرورة أن تراعي الهيئة «بجدية وسرعة الملاحظات والانتقادات فيما يخص ما ورد بالتقرير، وتتخذ كل ما هو لازم من إجراءات مهنية وإدارية لتصحيح ما ورد به من أخطاء وتجاوزات».
كما دعا رئيس «هيئة الاستعلامات» ضياء رشوان «المسؤولين المصريين وقطاعات النخبة لمقاطعة هيئة الإذاعة البريطانية، والامتناع عن إجراء مقابلات أو لقاءات مع مراسليها ومحرريها حتى تعتذر رسميا، وتنشر رد الهيئة على ما ورد في تقريرها»، وأفاد في تصريحات صحافية بأنه «يجب على مصر مقاضاة BBC في لندن للحصول على حقها بشأن تلك القضية تحديداً».
وشدد رشوان على أن «المقاطعة لا تشمل ولا تمس حق المؤسسة البريطانية، وغيرها من وسائل الإعلام الأجنبية المعتمدة في مصر، في الحصول على المعلومات والبيانات اللازمة لعملها، فهذا حق أصيل لها، وواجب على هيئة الاستعلامات تسهيل حصولها عليه».
وفي المقابل، رفضت صفاء فيصل، مديرة مكتب BBC في القاهرة، التعليق على الانتقادات المثارة بشأن التقرير، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنها «في انتظار عقد لقاء مع رئيس هيئة الاستعلامات الأسبوع المقبل لمناقشة كل الملابسات، المثارة من الجانب المصري بشأن التقرير».
وبشأن تقييمها للدعوة لمقاطعة مؤسستها من قبل المصادر المصرية، أوضحت صفاء أنها «فوجئت بالأمر»، وأعربت عن اعتقادها بأنها «ستكون ذات تأثير سلبي على عملنا، لكننا سنواصل تغطيتنا رغم ذلك».
لكن مصدرا آخر في BBC تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أوضح أن «التقرير الذي أثار الأزمة مع مصر سيتم مناقشته من قبل لجنة مختصة بمراجعة المواد المنشورة عبر منصات الهيئة البريطانية، ومدى توافق محتواها مع السياسات التحريرية، وتضم في عضويتها قانونيين، ومسؤولي تحرير»، وأضاف موضحا أن «الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى يتم الخروج بتقرير واف، يتم على أساسه تحديد موقف المؤسسة من مسألة الاعتذار أو تجنبه».
من جهته، تحدث وزير الخارجية المصري سامح شكري أمس أمام جلسة «الشق رفيع المُستوى للدورة السابعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان» في جنيف، معرباً عن انتقاده لـ«ما نلمسه أحياناً من أداء إعلامي يفتقر المهنية، ويستند لمصادر يثبت أنها مفبركة ومكذوبة تحقيقاً لأغراض سياسية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».