رحلة مع فاليري ميسيكا

لقطة من جزر المالديف
لقطة من جزر المالديف
TT

رحلة مع فاليري ميسيكا

لقطة من جزر المالديف
لقطة من جزر المالديف

السفر بالنسبة لمصممة الجواهر فاليري ميسيكا، صاحبة دار «ميسيكا باريس»، مصدر إلهام ونبع لا ينضب من الأفكار، لهذا تستغل كل مناسبة، بما في ذلك رحلات العمل، لكي تستكشف المكان وتستشف خباياه. وعندما تعود إلى باريس، يكون لديها خزين من الأفكار والصور التي تترجمها في جواهر راقية بتقنيات متحركة، مثل مجموعة «ذي موف»، وكأنها تعكس بذلك رغبتها الشخصية في الحركة.

> أعشق السفر، ولا أفوت أي فرصة تسنح لي لكي أطير إلى مكان جديد. ورغم أن عملي يفرض عليّ السفر الكثير، فإني لا أمل أو أتعب، وأستغل كل فجوة لديّ لكي استكشف البلد الذي أحط فيه، وأتعرف على ثقافته. كل مكان بالنسبة لي اكتشاف جديد، أصبح فيه مثل الطفل الصغير؛ أنبهر بكل شيء حولي، من المطبخ إلى المعمار. طبعاً، هناك أيضاً سفري مع عائلتي، ويكون الآن غالباً خلال فترات الإجازات المدرسية. هنا، أخلد للراحة غالباً، ولا أضع برنامجاً معيناً أتقيد به. أتمنى أن أنام مدة طويلة، لكني دائماً أستفيق على أصوات طفلتي وهما فوق رأسي تريدان شد انتباهي لكي أخرج وألهو معهما.

> أهمية السفر بالنسبة لي تتعدى مجرد المتعة الشخصية، فهو أيضاً مصدر إلهام أستقي منه أفكاراً أجسدها في تصاميمي. أينما توجهت، تكون عيوني وعقلي مثل خزان صور، أسجل بهما أشكال الديكورات وفن العمارة وغيرها. مجرد المشي في شوارع وجهات جديدة، ومراقبة الأهالي وطريقة تعاملهم مع الألوان والأزياء، وأصواتهم وهم يتسامرون، يُحرك بداخلي عملية الإبداع، ويفتح أمامي آفاقاً جديدة.

> مكاني المفضل لقضاء إجازتي هو جزر المالديف. فإضافة إلى جمال شواطئها ومياهها اللازوردية، ترتبط بذكريات جد شخصية في حياتي؛ ففيها أعلنت لزوجي أننا ننتظر مولودنا الأول. وفندقي المفضل هو «ذي وان أند أونلي»، في ريتهي را Reethi Rah، لأنه يقع في مكان ناء جداً يجعله مثالياً للراحة والاسترخاء التام. وأعترف أن لديّ خزيناً من الذكريات السعيدة نظراً لأسفاري الكثيرة، لكن أكثر ما هو عالق في ذهني رحلة سفاري قمت بها إلى جنوب أفريقيا؛ كانت تجربة لا تتكرر لأني قضيت فيها وقتاً ساحراً محاطة بكائنات برية حية نادرة.

> لو خيرت بين إجازة مرفهة أو إجازة أقضيها في الهواء الطلق، وأعيش فيها حياة بسيطة، فأنا أفضل الأولى حتماً. أنا لست مغامرة، بل أميل إلى كل ما هو مريح إلى حد ما، عندما يتعلق الأمر بالإقامة خصوصاً. لكن هذا لا يعني ألا أعشق الفضاءات الطبيعية المفتوحة، فأنا أحتاجها لكي أتنفس هواء نقياً أو أخلد مع نفسي لبعض الوقت أو للتماهي مع الطبيعة. كل ما في الأمر أني تجاوزت مرحلة إجازات المغامرات والتقشف، وفي آخر المساء أريد أن أكون في مكان مريح يتوفر على كل التسهيلات العصرية.

> مدينتي المفضلة هي باريس، فهي بنظري أجمل مدينة في العالم، كونها تجمع التاريخ والحضارة العريقة مع المعاصرة، من خلال معمارها المميز ومتاحفها وحدائقها المترامية في كل أنحائها. وحتى بالنسبة لي كمصممة، فهي أفضل مكان للإبداع؛ إنها عاصمة الموضة والجمال، وهي تجسد الحياة اللذيذة بكل معانيها ومتعها.
- لو خيرت بين العيش في المدينة أو الريف، لقلت إني أتمنى - وأعمل على - الجمع بين الاثنين. فمن ناحية أحب ديناميكية المدن وإيقاعاتها السريعة، ومن ناحية أخرى أحتاج أن أهرب بين الفينة والأخرى إلى بيتي الريفي لأشحذ طاقتي. فهو واحة أقضي فيها وقتي مع عائلتي وكل من أحب، وفي الوقت ذاته أجلس مع نفسي من دون أي ضغوطات.

> عندما أسافر إلى مكان جديد، أحاول الجمع بين التسوق وزيارة المتاحف، كلما سنحت لي الفرصة. وما لا أستغنى عنه في أسفاري حقيبة بيضاء من ماركة «غويار»، أحمل فيها هاتفي الخاص، وكاميرا كانون، ووشاحاً من الكشمير أهداه لي زوجي منذ سنوات ولا أفرط فيه، علماً بأني لا أحمل معي سوى الأساسيات التي أحتاجها. وأينما توجهت، آخذ معي للنهار صندلاً من «شانيل» وقبعة باناما ونظارات شمسية وحقيبة على شكل محفظة تحمل باليد، مع حقيبة بحر بحجم كبير. وللمساء، أحرص أن آخذ معي قميصاً أنيقاً من مصممتي المفضلة إيزابيل مارو، وبنطلون جينز، وفستاناً من تصميم عز الدين علايا، وحقيبة صغيرة الحجم من «إيف سان لوران»، وحذاء أسود اللون. وطبعاً، لا أسافر من دون جواهري، خصوصاً أساور من مجموعة «موف» و«نوا» و«كايت أند سبايكي»، وخاتم من مجموعة «غلامازون»، فهي تضفي على أي زي أختاره أناقة وألقاً.

> أسوأ تجربة تعرضت لها كانت منذ بضعة أعوام، عندما قررت أنا وزوجي أن نأخذ طفلتنا الصغيرة، وكان عمرها آنذاك عاماً واحداً، إلى ميامي. ولا أتذكر لماذا لم نحجز رحلة مباشرة، لأنه كان علينا التوقف في دالاس وتغيير الطائرة. والمشكلة كانت في أننا لم نحسب حساباً لأن معنا طفلة صغيرة، وأن تستقبلنا عاصفة ثلجية في دالاس تضطرنا للانتظار ساعات طويلة قبل أن تطير بنا الطائرة إلى ميامي. كانت من أطول الرحلات وأكثرها تعباً... بالفعل تجربة لا أريد أن أكررها أبداً.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».