جدل سياسي حاد في تونس بعد «حظر» على رموز النظام السابق

الشاهد ينفي التخطيط لإجراء تعديل وزاري قريباً

رئيس الوزراء التونسي ونظيره الإسباني ماريانو راخوي قبل مؤتمر صحافي أمس في العاصمة التونسية التي زارها راخوي لحضور اجتماعات اللجنة العليا بين البلدين (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء التونسي ونظيره الإسباني ماريانو راخوي قبل مؤتمر صحافي أمس في العاصمة التونسية التي زارها راخوي لحضور اجتماعات اللجنة العليا بين البلدين (إ.ب.أ)
TT

جدل سياسي حاد في تونس بعد «حظر» على رموز النظام السابق

رئيس الوزراء التونسي ونظيره الإسباني ماريانو راخوي قبل مؤتمر صحافي أمس في العاصمة التونسية التي زارها راخوي لحضور اجتماعات اللجنة العليا بين البلدين (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء التونسي ونظيره الإسباني ماريانو راخوي قبل مؤتمر صحافي أمس في العاصمة التونسية التي زارها راخوي لحضور اجتماعات اللجنة العليا بين البلدين (إ.ب.أ)

أثار إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس منع ترشح رموز النظام السابق لعضوية مكاتب الاقتراع في الانتخابات البلدية المقررة في 6 مايو (أيار) المقبل، موجة من الجدل السياسي الحاد قادتها أحزاب منبثقة عن حزب «التجمع الدستوري» الحاكم سابقاً، اعتبرت المنع «مخالفة للقوانين الدولية ولمبدأ المساواة بين التونسيين في الحقوق والواجبات».
وأعلنت رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسى، وهي عضوة سابقة في اللجنة المركزية لحزب «التجمع» المنحل، أن هذا القرار «مناهض للاتفاقات الدولية وحقوق الإنسان كما يمس بالمساواة بين التونسيين وبنزاهة العملية الانتخابية برمتها». وقالت أمام مجموعة من أنصارها في مدينة صفاقس (وسط شرقي تونس) إن حزبها سيدعو رسمياً إلى إلغاء هذا البند والتراجع عنه.
وفي السياق ذاته، قال القيادي في حزب «آفاق تونس» كريم الهلالي إن هذا القرار «غير قانوني وغير أخلاقي بالمرة». ودعا هيئة الانتخابات إلى «التراجع الفوري عن هذا القرار المخزي». وأضاف أن «من يحق له أن يترشح وينتخب من حقه أن يتقدم لمراقبة تلك الانتخابات».
في المقابل، قال عضو هيئة الانتخابات عادل البرينصي لـ«الشرق الأوسط» إن الهيئة «التزمت بتطبيق القانون المتعلق بتحديد شروط الترشح لعضوية مكاتب الاقتراع، وهي غير معنية بما يتضمنه من مسائل تنظيمية». واعتبر أن «إلغاء هذا الإجراء أو الإبقاء عليه ليس من أعمال هيئة الانتخابات». ويعود القانون الذي يمنع مسؤولي حزب «التجمع» المنحل من الترشح لعضوية مكاتب الاقتراع للانتخابات البلدية إلى 2014، وأعيد تنقيحه الشهر الماضي.
وبحسب هذا القانون، لا يجوز لأي مرشح لعضوية مكاتب الاقتراع أن يكون قد تحمل إحدى المسؤوليات الهامة في «التجمع الدستوري» المنحل. وتشمل تلك المسؤوليات في المقام الأول أعضاء الديوان السياسي للحزب وأعضاء لجنته المركزية.
على صعيد آخر، قال رئيس الحكومة يوسف الشاهد إنه لن يجري تعديلاً وزارياً خلال هذه الفترة «للحفاظ على الاستقرار السياسي» في البلاد. وأعرب في حوار تلفزيوني بث مساء أول من أمس، عن استغرابه من تكرار إجراء تغيير الحكومة كل 18 شهراً تقريباً، معتبراً أن «عدم الاستقرار أضر بتونس كثيراً».
وكان الشاهد بهذا التأكيد يرد على دعوة الأمين العام لـ«الاتحاد العام للشغل» (رئيس نقابة العمال) نور الدين الطبوبي إلى دعم الحكومة ببعض الكفاءات الجديدة، و«الحد من تفكك أجهزة الدولة، وضخ دماء جديدة في بعض المواقع لخلق تجانس بين الوزارات ضمن برنامج حكومي مشترك».
إلى ذلك، قال المتحدث باسم المحتجين في منطقة الكامور (ولاية تطاوين جنوب شرقي تونس) طارق الحداد، إن ممثلي الاعتصام السابق نظموا تحركاً احتجاجياً «للتنديد بتملص الحكومة من الاتفاق الذي وقعته مع المعتصمين». وتضمن الاتفاق تشغيل 1500 عاطل عن العمل في شركات نفطية، لكن «لم يتم انتداب سوى 81 فقط، إلى جانب الإخلال بما تضمنته وعود التشغيل في شركات الزراعة والبيئة. وأمهل الحداد الحكومة أسبوعاً للالتزام ببنود الاتفاق السابق، وهدد بإعادة غلق مواطن إنتاج النفط وتنفيذ اعتصام جديد، في حال لم تستجب الحكومة لمطالب المحتجين.
وتأتي ردة فعل المحتجين في مواقع إنتاج النفط جنوب شرقي تونس، إثر إعلان الحومة منح نحو 7 آلاف فرصة عمل لمحتجين في مواقع إنتاج مادة الفوسفات جنوب غربي البلاد. وكانت الحكومة التزمت منتصف يونيو (حزيران) الماضي، بتطبيق مجموعة من القرارات، بينها التعهد بانتداب 1500 شاب في «شركة الغراسة (الزراعة) والبيئة» في 2017 وألف بداية من العام الحالي، و500 في مطلع العام المقبل، إضافة إلى انتداب 1500 في شركات النفط، وتوفير ألف فرصة عمل في العام الماضي و500 خلال السنة الحالية.
من جهة أخرى، أسفر المؤتمر الثالث عشر لجمعية القضاة التونسيين الذي اختتم أول من أمس، عن فوز القاضي أنس الحمادي بالرئاسة، خلفاً لروضة القرافي التي ترأست الجمعية لمدتين متتاليتين. وقال الحمادي في أول تصريح إثر إعلان نتائج الانتخابات، إن «الجمعية ستعمل على دعم التوجه الاستقلالي للسلطة الثالثة». وأشار إلى أن «الملفات المطروحة على المكتب الجديد تتمثل في سن القانون الأساسي للقضاة، وقانون التفقدية العامة للشؤون القضائية، ومدونة السلوك والاستقلال المالي والإداري للمحاكم، وتحسين ظروف العمل في المحاكم وأفراد القضاة بسلم أجور متحرك يترجم هوية السلطة القضائية».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.