قيادات دينية تطالب بتشريعات «تحمي المجتمعات من الإرهابيين»

متحدثون في فعاليات المؤتمر الـ28 للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
متحدثون في فعاليات المؤتمر الـ28 للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

قيادات دينية تطالب بتشريعات «تحمي المجتمعات من الإرهابيين»

متحدثون في فعاليات المؤتمر الـ28 للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
متحدثون في فعاليات المؤتمر الـ28 للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)

اتهم تجمع إسلامي دولي في القاهرة ما سماها «التنظيمات الدينية والجماعات التي تتستر بعباءة الأحزاب السياسية»، بالسعي إلى تقسيم المجتمعات عبر نهج التكفير، مطالباً بسن تشريعات «تحمي المجتمعات وترصد ما يصدر عن الحركات الإرهابية التي تحرض على العنف والكراهية». وأكد المجتمعون أن «التحالف العربي الإسلامي تمكن من التصدي للإرهاب الذي تمارسه بعض الدول الإقليمية».
وانطلقت أمس في أحد فنادق العاصمة المصرية، فعاليات المؤتمر الـ28 للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية، بعنوان «صناعة الإرهاب وحتمية المواجهة وآلياتها»، برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومشاركة 57 عالماً من رموز وقادة العمل الإسلامي البارزين.
وقال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، إن «جميع التنظيمات الدينية التابعة للجماعات والجمعيات كفّرت الجماعات المسلمة من باب أن الغاية عندهم تبرر الوسيلة، متبنين نظرية التناقض بين الأديان والأوطان جهلاً بالدين»، لافتاً إلى أن مصالح الأوطان لا تنفك عن مقاصد الأديان، وأي عمل يهدد الدولة يتناقض مع القيم الدينية والوطنية، ويعد خيانة عظمى. واعتبر أن الجماعات المتطرفة «خطر على الدين والدولة»، وأنه لا استثمار ولا نماء ولا تنمية مع وجود الإرهاب. وأكد الوزير، في افتتاح المؤتمر، أن مواجهة الفكر المتطرف تنطلق من منطلقات إيمانية راسخة بأن هؤلاء «الإرهابيين» خطر على الدين والدولة، و«نعمل من خلال المؤتمر وبحوثه وتنفيذ توصياته على خلق بيئة دولية لافظة للإرهاب والإرهابيين للقضاء على حواضن الجماعات الإرهابية، وتحويل مواجهة الإرهاب إلى ثقافة مجتمعية، بحيث يصبح المجتمع بكل أطيافه وفئاته وأفراده رافضاً للإرهاب لافظاً ومقاوماً له».
وفي تصريح خاص، قال الدكتور أحمد عطية، وزير الأوقاف والإرشاد اليمني، إن «آفة الإرهاب والتطرف أصبحت ظاهرة عالمية تهدد الأمن والاستقرار الدوليين... ومواجهة الإرهاب ومكافحته لم تعد حكراً على دولة معينة وأجهزتها الأمنية، بل يجب أن تتضافر الجهود لمواجهة هذه الآفة التي أهلكت الحرث والنسل».
من جانبه، أكد الدكتور محمد بن مطر الكعبي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية في الإمارات، أن «الإمارات شاركت في التحالف الدولي الذي تقوده أميركا لمحاربة (داعش) الإرهابي في العراق، وشاركت في تحالف دعم الشرعية في اليمن، الذي نجح في وقف المد الحوثي (الطائفي) وعودة حكومة اليمن إلى منصبها»، موضحاً أن «التحالف العربي الإسلامي تمكن من التصدي للإرهاب الذي تمارسه بعض الدول الإقليمية»، مشيراً إلى أن «الإرهاب لن ينهزم إلا بمواجهة الفكر وتوعية الشباب من الوقوع في براثن تلك الجماعات».
وقال الدكتور محمد عيسى، وزير الأوقاف الجزائري، إن «الإرهاب صُنع في حين غفلة من علماء الأمة، وبدأ كفكرة وأصبح سلوكاً وبعد ذلك أفعالاً»، مضيفاً خلال كلمته في المؤتمر أن الأعمال الإرهابية تجعل الدول الغربية تكره الإسلام وهو دين الرحمة.
وفي كلمته، أكد الدكتور توفيق بن عبد العزيز السديري، نائب وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، أن «موضوع صناعة الإرهاب والتحديات التي نواجهها والآليات التي نعمل بها من القضايا المهمة في المرحلة الراهنة، فالجميع قد عانى من الإرهاب بشكل أو بآخر»، مشيراً إلى أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، فالجماعات الإرهابية تتخذ من الدين عباءة ووسيلة للوصول إلى السلطة والحكم بدعوى الخلافة وتحكيم الشريعة، وذلك بعيد كل البعد عن الدين وروح الإسلام.
أما الدكتور سردار محمد يوسف، وزير الشؤون الدينية بباكستان، فقال إن «الإرهاب هو العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغياً على الإنسان، ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق».



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».