مصر تُكذّب تقريراً صحافياً بشأن حالات «اختفاء قسري»

مصريات في مترو أنفاق القاهرة (إ.ب.أ)
مصريات في مترو أنفاق القاهرة (إ.ب.أ)
TT

مصر تُكذّب تقريراً صحافياً بشأن حالات «اختفاء قسري»

مصريات في مترو أنفاق القاهرة (إ.ب.أ)
مصريات في مترو أنفاق القاهرة (إ.ب.أ)

دخل البرلمان المصري على خط أزمة تقرير صحافي نشرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قبل أيام، وتناول حالات مواطنين مصريين قال إنهم «اختفوا قسرياً». ووصفت لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب المعلومات التي تضمنها التقرير بأنها «لا أساس لها من الصحة».
وجاء بيان رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية النائب علاء عابد، غداة بيان مشابه أصدرته «الهيئة العامة للاستعلامات» التابعة للرئاسة والمسؤولة عن تنظيم عمل الصحافيين الأجانب في مصر، بشأن التقرير الذي وصفته الهيئة بأنه «متحيز»، وقررت استدعاء مدير مكتب «بي بي سي» في القاهرة، وتسليمه بياناً رسمياً بالملاحظات والتحفظات على ما ورد في التقرير.
وقال عابد إن لجنة حقوق الإنسان البرلمانية «أجرت زيارات مفاجئة لكثير من السجون وأقسام الشرطة، ولم ترصد أي حالة انتهاك، حتى وإن كانت لفظية، لحقوق الإنسان». وأضاف أن «ما ورد في التقرير عن وجود حالات اختفاء قسري ليس له أي أساس».
وعدّ أن التقرير «يأتي في إطار الحملة... ضد مصر وقائدها وشعبها، لا سيما مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، والنجاحات الكبيرة التي يحققها أبطال الجيش والشرطة في العملية الشاملة (سيناء 2018)». وانتقد بيان هيئة الاستعلامات ظهور امرأة في التقرير لتتحدث عن اختفاء ابنتها وتعذيبها: «لم يتم نشر بياناتها حتى يمكن متابعة قضيتها، رغم إظهار صور وفيديوهات لها ولوالدتها ولمنزلهما».
وقالت مديرة مكتب «هيئة الإذاعة البريطانية» في القاهرة صفاء فيصل لـ«الشرق الأوسط» إن مؤسستها «لم تتلق إفادة رسمية بشأن الاعتراضات المصرية على ما ورد في التقرير الصحافي» حتى مساء أمس.
وأضافت: «لم يتم استدعائي لهيئة الاستعلامات لإطلاعي عليها. ونحن ليس لدينا رد على ما جاء، لكننا علمنا بفحوى التصريحات التي انتقدت التقرير من وسائل الإعلام... ونفضل تأجيل تعليقنا إلى حين مخاطبتنا بشكل رسمي».
وكثيراً ما تدخل هيئة الاستعلامات في مساجلات مع وسائل إعلام أجنبية تعمل في مصر بشأن محتوى تغطياتها. وكان أبرز تلك الوقائع ما جاء مواكباً للقضية المعروفة إعلامياً بـ«كمين الواحات» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حينما نشرت وكالات أنباء وصحف أجنبية أخباراً بشأن سقوط «أكثر من 50 عنصراً من قوات الشرطة» ضحايا لاشتباكات مع «مسلحين تبين انتماؤهم لتنظيم القاعدة الإرهابي». غير أن الحصيلة الرسمية التي أعلنتها وزارة الداخلية أكدت مقتل 13 من الضباط والجنود.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.