رفض عربي ودولي للقرار الأميركي

TT

رفض عربي ودولي للقرار الأميركي

استنكر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، بأشدّ العبارات، إعلان وزارة الخارجية الأميركية اعتزام الولايات المتحدة نقل سفارتها من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة بحلول منتصف مايو (أيار) المُقبل، تزامناً مع ذكرى النكبة الفلسطينية في 1948.
وأكد الوزير مفوض محمود عفيفي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، أن أبو الغيط يعتبر أن «قرار الإدارة الأميركية يُمثل حلقة جديدة وخطيرة في مسلسل الاستفزاز والقرارات الخاطئة المستمر منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والذي يوشك أن يقضي على آخر أملٍ في سلام وتعايش بين الفلسطينيين والإسرائيليين»، مُضيفاً أن القرار الأميركي بنقل السفارة في ذات تاريخ النكبة يكشف عن انحياز كامل إلى الطرف الإسرائيلي، وغياب أي قراءة رشيدة لطبيعة وتاريخ الصراع القائم في المنطقة منذ ما يزيد على 70 عاماً، الأمر الذي يُفقد الطرف الأميركي فعلياً الأهلية المطلوبة لرعاية عملية سلمية تُفضي إلى حل عادل ودائم للنزاع.
بدوره، شدد المتحدث الرسمي على أن نقل السفارة الأميركية إلى القدس ليس له أي أثر قانوني، أو انعكاس على وضعية المدينة كأرض محتلة، مؤكداً أن الغالبية الكاسحة من دول العالم رفضت القرار الأميركي في سابقة نادرة تعكس الإجماع الدولي على خطورة استباق قضايا الحل النهائي، أو إخراج ملف القدس من العملية التفاوضية كما يتوهم بعضُ أركان الإدارة الأميركية. وأضاف أن القرار الأميركي خارجٌ على الشرعية الدولية، ويُمثل خرقاً لقراري مجلس الأمن 476 و478 لعام 1980، موضحاً أن الدول العربية عازمة على التصدي لكل التبعات السلبية لهذا القرار، والعمل على ضمان ألا تُقْدم أي دولة أخرى على خطوة مماثلة في المستقبل، وبحيث يظل الإجراء الأميركي معزولاً بلا أثرٍ، سوى إدانة الدولة التي اتخذته.
وأشار المتحدث الرسمي في ختام تصريحاته إلى أن أبو الغيط سيتوجه اليوم مع وفد، يضم 5 من وزراء الخارجية العرب إلى بروكسل، حيث يعقدون لقاءً مع وزراء الخارجية الأوروبيين، وعلى رأسهم الممثلة العليا للسياسة الأوروبية فيدريكا موغيريني، ومن المنتظر أن تكون القضية الفلسطينية هي الموضوع الوحيد على طاولة البحث، حيث يعتزم الوفد دعوة الدول الأوروبية التي لم تعترف بعد بفلسطين إلى الإقدام على هذه الخطوة المهمة، التي من شأنها تعزيز فرص السلام، كما ينوي الوزراء العرب مناقشة البدائل المطروحة لتحريك ملف التسوية في حال أصرت الولايات المتحدة على التخلي عن دورها كوسيط نزيه بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
بدوره، قال المجلس الوطني الفلسطيني إن إعلان الإدارة الأميركية تنفيذ قرارها بنقل سفارتها إلى مدينة القدس المحتلة يعد تحدياً سافراً للإرادة الدولية والعربية والإسلامية، وإمعاناً في عدوانها على حقوق الشعب الفلسطيني في عاصمته الأبدية.
وأضاف المجلس الوطني الفلسطيني في بيان، صدر عن مقره في العاصمة الأردنية عمّان، أمس، أن إصرار الإدارة الأميركية على تنفيذ قرارها العدواني يثبت من جديد أنها اختارت العزلة والابتعاد عن السلام لصالح الاحتلال الإسرائيلي، واختارت معاداة العرب والمسلمين في جميع أنحاء الأرض.
وشدد المجلس الوطني الفلسطيني على أن الإدارة الأميركية الحالية تتحمل تبعات قرارها الذي يمس عقيدة ومشاعر العرب والمسلمين حول العالم والإنسانية جمعاء، مطالباً الأمتين العربية والإسلامية بالدفاع عن مدينة القدس ومقدساتها وتسخير كل إمكاناتها وعلاقاتها من أجل منع تنفيذ قرار نقل السفارة الأميركية إلى المدينة المحتلة.
ودعا المجلس الوطني الفلسطيني، الأمم المتحدة وأمينها العام إلى اتخاذ موقف صريح وحاسم من قرار تنفيذ نقل السفارة الأميركية الذي ينتهك القرارات الدولية، حفاظاً على عدم إشعال مزيد من الحرائق في المنطقة.
وفي أنقرة وصفت وزارة الخارجية التركية، أمس، إعلان واشنطن نقل سفارتها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، بالأمر «المقلق إلى أبعد الحدود»، طبقاً لما ذكرته وكالة أنباء «الأناضول» الرسمية التركية، أمس.
وأكدت الخارجية في بيان أن الإعلان يُظهر إصرار الولايات المتحدة على تخريب أرضية السلام بانتهاك القانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن بشأن القدس وثوابت الأمم المتحدة، معربةً عن أسفها لعدم إنصات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب من خلال هذا القرار، لـ«صوت ضمير المجتمع الدولي»، الذي عبرت عنه منظمة التعاون الإسلامي، والجمعية العامة للأمم المتحدة، عقب إصدار قرار اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر الماضي.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.