قوات النظام تواصل قصف الغوطة... وعدد القتلى الأعلى منذ 2013

دخان يتصاعد من وسط دمشق أمس (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من وسط دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

قوات النظام تواصل قصف الغوطة... وعدد القتلى الأعلى منذ 2013

دخان يتصاعد من وسط دمشق أمس (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من وسط دمشق أمس (أ.ف.ب)

واصلت قوات النظام السوري أمس قصفها العنيف على الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، ما تسبب منذ الأحد بمقتل نحو 300 مدني بينهم 71 طفلاً على الأقل، فيما حذرت الأمم المتحدة من «الأثر المدمر» للتصعيد على السكان.
وفيما تدين العديد من المنظمات الإنسانية الدولية التصعيد الأخير، يبدو المجتمع الدولي عاجزاً عن تبني موقف موحد يضع حداً للقصف، على رغم كون المنطقة إحدى مناطق خفض التوتر في سوريا التي تم إقرارها بموجب اتفاق روسي - إيراني - تركي.
وأورد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات النظام جددت الأربعاء غاراتها وقصفها بالبراميل المتفجرة والصواريخ على مدن وبلدات عدة في الغوطة الشرقية، ما تسبب بمقتل 24 مدنياً بينهم ثلاثة أطفال وإصابة أكثر من مائتي مدني آخرين بجروح. وكانت حصيلة سابقة للمرصد ظهراً أفادت بمقتل 11 مدنياً.
وقتل معظم الضحايا الأربعاء في قصف بالبراميل المتفجرة على بلدة كفر بطنا.
وتقصف قوات النظام منذ ليل الأحد بالطائرات والمدفعية والصواريخ مدن وبلدات الغوطة الشرقية التي تحاصرها بشكل محكم منذ عام 2013، بالتزامن مع استقدامها تعزيزات عسكرية تُنذر بهجوم وشيك على معقل الفصائل المعارضة الأخير قرب دمشق.
ومنذ بدء التصعيد، قتل نحو 300 مدني بينهم 71 طفلاً، وأصيب أكثر من 1400 آخرين بجروح. وسجل المرصد في اليومين الماضيين حصيلة يومية «تعد الأكبر في الغوطة الشرقية منذ أربع سنوات» بحسب المرصد.
داخل أحد مستشفيات مدينة دوما، يستنفر الطاقم الطبي لإسعاف العدد الكبير من الجرحى الذين يصلون يومياً منذ الأحد خصوصاً بعد خروج مشاف عدة في المنطقة عن الخدمة أو تضررها إلى حد كبير.
وتروي مرام، وهي ممرضة في قسم العمليات لوكالة الصحافة الفرنسية: «جاءتنا الثلاثاء مصابة تم سحبها من تحت الردم وهي حامل في الشهر السادس، وكانت إصابتها بالغة، أجرينا لها عملية قيصرية، لكننا لم نتمكن من إنقاذ الطفل ولا الأم».
على بعد أمتار منها، وقف محمد (25 عاماً) وهو يصرخ بعدما أحضر طفلة هي ابنة جيرانه، تم سحبها من تحت أنقاض مبنى تدمر في دوما لكنها لم تنج ولم يتضح مصير بقية أفراد حياتها. وكرر على مسامع الحاضرين: «ما ذنب هذه الطفلة، ما ذنبها؟».
ولم تسلم مستشفيات الغوطة الشرقية من القصف، إذ نددت الأمم المتحدة الثلاثاء باستهداف ستة مستشفيات، خرج ثلاثة منها من الخدمة وبقي اثنان يعملان جزئياً.
وقال منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا بانوس مومتزيس في بيان: «أفزعتني وأحزنتني جداً تقارير حول اعتداءات مرعبة ضد ستة مستشفيات في الغوطة الشرقية خلال 48 ساعة، ما خلف قتلى وجرحى».
وطال القصف الثلاثاء مستشفيين في مدينتي عربين وحمورية، ما أدى إلى خروجهما عن الخدمة، بحسب المرصد السوري.
ونفت موسكو الأربعاء ضلوعها في القصف على الغوطة الشرقية بعدما كان أورد المرصد أن طائرات روسية استهدفت المستشفى في عربين.
ونقل مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية زار مشفى حمورية الأربعاء، عن طبيب قوله إن كل الأقسام الموجودة فوق الأرض خرجت عن الخدمة، وتحديداً أقسام العيادات والعمليات والحواضن ورعاية الأطفال.
في طابق تحت الأرض، شوهد الغبار وبقع من الدماء تغطي الأرضية وبعض المقاعد، فيما تجمع المرضى والمصابون خشية من القصف. وتعمل سيارة إسعاف واحدة تابعة للمستشفى على نقل المصابين من الأحياء القريبة.
وشاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية الأربعاء في مدينة حمورية متطوعين من الدفاع المدني يسحبون مدنيين من تحت الأنقاض إثر غارة لقوات النظام. وقال إنه تم إنقاذ خمسة أطفال على الأقل.
يثير التصعيد خشية الأمم المتحدة على مصير نحو 400 ألف شخص محاصرين في المنطقة.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء عن «قلقه العميق» من تصاعد العنف. وحضّ جميع الأطراف على التزام المبادئ الأساسية للقانون الإنساني، بما في ذلك حماية المدنيين.
وحذّر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الثلاثاء من أن «الوضع في سوريا يتدهور بشكل ملحوظ»، منبهاً من أنه «إذا لم يطرأ عنصر جديد فإننا نتجه نحو فاجعة إنسانية». وقال لودريان أمام البرلمان: «هناك حالة طارئة قصوى في هذا الصدد (...) لهذا السبب سأتوجه إلى موسكو وطهران (حليفتا دمشق) في الأيام المقبلة».
قال عمال إغاثة إن الغارات الجوية توجد «حالة من الرعب» بين سكان الغوطة الشرقية حيث يعيش من تقول الأمم المتحدة إنهم قرابة 400 ألف مدني وتحاصر الحكومة الجيب المكون من بلدات ومزارع منذ 2013.
وقال التلفزيون الرسمي السوري إن الفصائل في الغوطة أطلقت قذائف المورتر على دمشق اليوم، مما أدى إلى مقتل ستة أشخاص وإصابة آخرين. وذكرت الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا) أن الجيش رد بضرب أهداف لجماعات المعارضة المسلحة.
وقالت وزارة الخارجية السورية إن المسلحين في الغوطة يستهدفون دمشق ويستخدمون الناس هناك «دروعا بشرية». وقالت في رسالة شكوى للأمم المتحدة إن بعض المسؤولين الغربيين يرفضون حق الحكومة في الدفاع عن نفسها.
وقالت خدمة الدفاع المدني في الغوطة الشرقية إن طائرات قصفت كفر بطنا وسقبا وحمورية وعدة بلدات أخرى أمس. وقال سراج محمود وهو متحدث باسم الدفاع المدني في الغوطة فيما دوت الانفجارات في الخلفية، إن الطائرات الحربية تحلق في السماء طوال الوقت.
وذكر أن قوات الحكومة قصفت منازل ومدارس ومنشآت طبية، وأن عمال إنقاذ وجدوا أكثر من مائة قتيل «في يوم واحد» أول من أمس. وفي صور لـ«رويترز» ظهر أشخاص ينتظرون في نقطة طبية ببلدة دوما وكانت الدماء تسيل على وجوه بعضهم بينما غطى الغبار أجسادهم. وقال اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية، وهو تحالف لوكالات دولية يمول مستشفيات في سوريا، إن قنابل أصابت خمسة مستشفيات في الغوطة الشرقية.
وحذر مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا من أن تصعيد المعركة في الغوطة قد يتحول إلى تكرار معركة حلب الدموية، والتي استعادت دمشق السيطرة الكاملة عليها في أواخر 2016 بعد أعوام من القتال.
وقالت لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة إغاثة: «هذه مخاوف لها ما يبررها». وأضافت أن سوء التغذية متفش، فيما أغلقت مدارس الغوطة منذ أوائل يناير (كانون الثاني) بسبب الهجمات.
وقال مارك شنيلباكر مدير المنظمة في «الشرق الأوسط»: «سكان الغوطة الشرقية مذعورون. لم يعد هناك مكان آمن يلجأون إليه».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.