خبراء لـ {الشرق الأوسط} : أسعار النفط تتحرك تحت وقع التأثير النفسي لأحداث العراق

قالوا إن احتمال تأثر الإمدادات ضعيف والسعودية كفيلة بتعويض النقص

خبراء لـ {الشرق الأوسط} : أسعار النفط تتحرك تحت وقع التأثير النفسي لأحداث العراق
TT

خبراء لـ {الشرق الأوسط} : أسعار النفط تتحرك تحت وقع التأثير النفسي لأحداث العراق

خبراء لـ {الشرق الأوسط} : أسعار النفط تتحرك تحت وقع التأثير النفسي لأحداث العراق

أشار خبراء في مجال النفط إلى أن الأسعار التي تسجلها الأسواق الآن تحدث تحت وقع الآثار النفسية لما يحدث على الساحة العراقية من تقدم المتمردين، وسقوط بعض مواقع الجيش العراقي، وأنه لم يحدث إلى الآن تأثير مباشر على إمدادات العراق من النفط، رغم أن الحقول العراقية الكبيرة (حقل كركوك) ضمن المناطق التي سيطر عليها المتمردون. «الشرق الأوسط» تحدثت مع خبيرين نفطيين؛ سداد الحسيني، وهو خبير نفطي سعودي، وكامل الحرمي، وهو خبير نفطي كويتي، واستعرضت معهما سيناريوهات الأزمة العراقية بوصف العراق واحدا من أهم المصدرين في منظمة «أوبك»، حيث تبلغ حصته من إنتاج المنظمة اليومي 2.5 مليون برميل، كما أن العراق يمتلك واحدا من أكبر الاحتياطات النفطية المؤكدة في العالم بتقديرات تصل إلى 100 مليار برميل.
والسؤال المطروح: ماذا لو حدث الأسوأ وامتدت الاضطرابات إلى كامل المناطق العراقية؟ وما التأثير الذي تحدثه الاضطرابات التي تشهدها بعض المناطق العراقية حاليا على الأسواق النفطية العالمية، وعلى الأسعار؟ وكيف يمكن تعويض النقص؟
يقول سداد الحسيني: «إلى الآن لم تشهد الأسواق النفطية أزمة أسعار، فالارتفاعات التي تشهدها الأسواق غير مؤثرة على الاقتصاد العالمي، وتأتي تحت وقع التأثيرات النفسية بسبب التخوف من المستقبل وأن تزيد الأسعار إلى مستويات أعلى من 125 دولارا للبرميل». ويضيف الحسيني: «لم تتوقف الإمدادات حتى الآن، واحتمالية توقفها ضعيفة جدا، لأن معظم إنتاج العراق من النفط يأتي من حقول الجنوب البعيدة جدا عن مناطق الاضطراب والمواجهات المسلحة». وبين أن حقول الشمال، مثل حقل «كركوك» الذي ينتح 400 ألف برميل في اليوم، ويقع في مناطق الاضطراب، وبعض الحقول الأخرى مثل حقل «باي حسن»، لم تتأثر أو تتوقف عن الإنتاج لأنها في حماية الأكراد الذين من مصلحتهم أن تستمر في الإنتاج.
ماذا لو حدث الأسوأ، وامتدت الاضطرابات إلى منابع النفط العراقية؟ هنا يقول كامل الحرمي: «ستصعد الأسعار، لكن هناك حلول للأزمة»، ويضيف الحرمي «الأسواق تنظر إلى منابع النفط بشكل عام وليس إلى العراق فقط.. هناك ليبيا التي تأثر إنتاجها بشدة بسبب الاضطرابات هناك»، فعندما يزيد العجز على ثلاثة ملايين برميل تحدث مشكلة في الأسواق وتبدأ الأسعار في النمو، ويبدأ القلق يخيم على الأسواق.
ويتابع: «إذا لحق العراق بليبيا، فستكون هناك فجودة في إمدادات السوق قد تتراوح بين أربعة وخمسة ملايين برميل، وهناك موسم صيف طويل في منطقة الخليج ينمو فيه الاستهلاك المحلي إلى نحو ستة ملايين برميل يوميا بسبب الطلب الشديد على الطاقة الكهربائية.. هذه الفترة فترة انتقال ذروة الطلب على النفط من المناطق الباردة إلى المناطق الحارة، حيث يزيد الطلب في منطقتي الخليج والشرق الأوسط على الإمدادات النفطية».
ويعتقد الحرمي أن هناك «حلولا لمواجهة الأسعار في حال حدثت أزمة نقص في إمدادات السوق النفطية» باستغلال ما سماه «الفوائض المهملة»، ويأتي في مقدمتها السماح لإيران بزيادة حصة التصدير (إيران تصدر نحو مليون برميل فقط في الفترة الراهنة من حصتها نتيجة الحظر على صادراتها النفطية بسبب عقوبات الملف النووي) أيضا «يمكن للولايات المتحدة أن تلجأ إلى مخزونها الاستراتيجي، أو تسمح بتصدير النفط الصخري لتهدئة الأسعار والأسواق».
بدوره، يقول الحسيني إن «قدرات إيران الإنتاجية محدودة لأن وضع الحقول الإيرانية غير جيد بسبب العقوبات، فلا يمكنها أن تزيد صادراتها إلى أكثر من مليوني برميل يوميا، لكن من يمكن أن يعوض الحصة العراقية هي السعودية، فبكل سهولة يمكن أن ترفع السعودية حصتها مليوني برميل، وبقية دول منظمة (أوبك) تتولى تغطية نصف المليون الباقي من حصة العراق». ويعد الحسيني أن «الظرف العراقي غير الظرف الليبي، فحقول النفط في الجنوب العراقي تحظى بحماية تتناسب وأهميتها، وهناك اهتمام كبير بحقول الجنوب في العراق، على عكس الوضع في ليبيا».



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»