تلعب الرياضة أحيانا دورا مهما في نزع فتيل الأزمات في بؤر التوتر والنزاعات الدولية، وأكبر مثال على ذلك هو حضور كوريا الشمالية لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغ تشانغ الكورية الجنوبية، الأمر الذي اعتبره الكثير من الخبراء بمثابة انفراجة كبيرة في العلاقات المتوترة في شبه الجزيرة الكورية.
ولكن، هل تنجح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية بالفعل في إصلاح العلاقات بين الكوريتين؟
أوضح الدكتور روبرت كيلي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بوسان الوطنية، لشبكة «بي بي سي» أنه يرى أنه من غير المحتمل أن يكون لحدث رياضي تأثير كبير على الانقسامات السياسية العميقة بين البلدين.
وسبق أن توقع كثير من الخبراء أن هذه الدورة الأولمبية ستكون بداية جديدة لعلاقات بناءة بين الكوريتين، مشيرين إلى أن الانفراجة في العلاقات بينهما اتضحت جليا أثناء حفل الافتتاح، إذ سار الرياضيون من كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية في مراسم الافتتاح كفريق مشترك، وتحت علم موحد.
بالإضافة إلى ذلك، فقد قامت كيم يو - جونغ، شقيقة الزعيم الكوري الشمالي، بالذهاب إلى كوريا الجنوبية لترؤس الوفد الشمالي في الأولمبياد، وأصبحت بذلك أول عضو من العائلة الشمالية الحاكمة يزور الجنوب منذ نهاية الحرب الكورية في 1953.
وبعد المصافحة التاريخية بين الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن وكيم يو جونغ، التي خطفت الأضواء من الدورة الأولمبية، قدمت يونغ دعوة مكتوبة إلى مون موجهة من الزعيم الكوري الشمالي لإجراء قمة في بيونغ يانغ.
ولم يرد مون على الفور على هذه الدعوة، إلا أن مثل هذه القمة، في حال حدوثها، ستكون الثالثة من نوعها بعد لقاءين بين كيم يونغ إيل والد كيم والكوريين الجنوبيين كيم داي يونغ، وروه مو هيون، في عامي 2000 و2007 في بيونغ يانغ.
إلا أن انعقاد هذه القمة قد يؤثر على العلاقات بين مون والرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي كثيرا ما يتبادل الانتقادات والتهديدات مع كوريا الشمالية.
وتصر واشنطن على أنه يتعين على بيونغ يانغ قبل أي مفاوضات أن تثبت أنها مستعدة لنزع الأسلحة النووية في وقت يعلن فيه الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون أن بلاده باتت «دولة نووية».
وكان مون قد قال قبل شهر من توجيه الدعوة إليه إنه مستعد لقمة مع الشمال، «وأنه سيكون بوضع حرج إذا رفضها».
ولقد شهدت التغطية الإخبارية العالمية للأولمبياد اقتراحات لتحقيق انفراجة في العلاقات بين الكوريتين.
وشجعت وسائل الإعلام الليبرالية في كوريا الجنوبية استغلال هذه «الروح الأولمبية» وإجراء محادثات بناءة مع الشمال، إلا أن المحافظين غير متحمسين للأمر، حيث عارضت وسائل الإعلام اليمينية في كوريا الجنوبية إجراء محادثات مع بيونغ يانغ، مشيرين إلى أن السبب من موقفهم هذا هو تخوفهم من مطالبة الشمال وقف التدريبات العسكرية المشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، مقابل وعد غامض وغير حقيقي بتجميد بيونغ يانغ لبرامجها الصاروخية أو النووية.
ومن جهته، أوضح روبرت كيلي أستاذ العلاقات الدولية، أن هذه الدعوة الكورية الشمالية قد تكون محاولة حقيقية منها لتعزيز علاقتها مع كوريا الجنوبية وتحسين صورتها أمام الدول الأخرى وإثبات استعدادها للحوار البناء، إلا أن هذه الدعوة أيضاً قد يكون الهدف منها زعزعة وضرب العلاقات بين سيول وواشنطن.
وأشار كيلي إلى أنه يرى أن الأولمبياد لن تدفع مون لتقديم تنازلات لإرضاء الجارة الشمالية. وأوضح أنه من المرجح أن تستمر العلاقات بين الكوريتين متوترة وغير مريحة ومقلقة.
تجدر الإشارة إلى أن الجارتين في حالة حرب من الناحية الفنية منذ عام 1953 مع دخول وقف لإطلاق النار بين الجانبين حيز التنفيذ. وقد انطلقت محادثات عدة مرات بين الجانبين من أجل إبرام معاهدة سلام رسمية، إلا أنها عادة ما تنهار بسبب التوترات بين الجانبين.
هل ينجح الأولمبياد الشتوي بإصلاح العلاقات بين الكوريتين؟
هل ينجح الأولمبياد الشتوي بإصلاح العلاقات بين الكوريتين؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة