القصف التركي على قوات النظام يبطئ تقدمها نحو عفرين

مصدر كردي يؤكد دخول قوات تتألف من عناصر وضباط جيش الأسد

قافلة من الميليشيات الموالية للنظام عند وصولها إلى مدينة عفرين شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
قافلة من الميليشيات الموالية للنظام عند وصولها إلى مدينة عفرين شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

القصف التركي على قوات النظام يبطئ تقدمها نحو عفرين

قافلة من الميليشيات الموالية للنظام عند وصولها إلى مدينة عفرين شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
قافلة من الميليشيات الموالية للنظام عند وصولها إلى مدينة عفرين شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)

دخلت أزمة عفرين مرحلة جديدة من التصعيد تهدد بمواجهة مباشرة بين تركيا وقوات النظام السوري، إثر إعلان وسائل إعلام رسمية سورية أن القوات التركية «قصفت مقاتلين موالين للحكومة» أثناء دخولهم إلى منطقة عفرين، قبل أن تعلن وسائل إعلام تركية أن القوات السورية تراجعت بعد استهدافها، وذلك بعد ساعات على إعلان «وحدات حماية الشعب» الكردية السورية، أن دمشق «استجابت لطلبها وأرسلت وحدات عسكرية للمساعدة في صد الهجوم التركي».
وبعد ساعات قليلة على انتشار صور لعسكريين سوريين موالين للنظام يدخلون منطقة عفرين، ذكرت مصادر إعلامية بينها «روسيا اليوم»، أن «القوات الشعبية السورية تعرضت لقصف بالقذائف، بعد وصولها إلى مدينة عفرين غرب سوريا». وذكرت مراسلة القناة الروسية أن «القصف جاء من جهة مدينة إعزاز، حيث تسيطر القوات التركية والقوات المتحالفة معها على المنطقة هناك».
كما تحدثت وكالة «سانا» السورية أن القوات التركية التي تشن عملية «غصن الزيتون» ضد الوحدات الكردية في المنطقة، «قصفت مناطق قريبة من وجود القوات الشعبية السورية، التي دخلت المدينة لحمايتها».
ولاحقاً، نقلت «رويترز» عن وسائل إعلام رسمية تركية، قولها، إن «القوات الموالية للحكومة السورية تراجعت قبل الوصول إلى عفرين بعد قصف مدفعي تركي».
ويمثل هذا القصف أكثر المراحل تعقيداً للنزاع الذي مضى أكثر من شهر على انطلاقه، حين أعلنت تركيا عملية «غضن الزيتون» لقتال «وحدات حماية الشعب» الكردية في عفرين، وتمكنت خلاله من السيطرة على أكثر من مجموعة قرى تقع بمحاذاة الشريط الحدودي بين تركيا وسوريا، وتوغلت فيها القوات التركية والعناصر السورية الموالية لها في مسافة تتراوح بين 3 و7 كيلومترات داخل العمق السوري.
وتتهم مصادر كردية روسية بمنح تركيا الغطاء للبقاء في المناطق الحدودية التي دخلت إليها القوات التركية، وقالت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأن روسيا «منحت تركيا الغطاء، لكننا لن نوقف مقاومتنا للقوات التي احتلت أجزاء من سوريا». ونفت المصادر أن يكون الاتفاق مع النظام لدخول قواته إلى عفرين قد فشل، قائلة إن الاتفاق «يتم تنفيذه، وأولى بوادره أن قواته وقوات رديفة دخلت إلى عفرين اليوم (أمس)، وتعرضت لقصف تركي».
ولم يستبعد الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن وجود اتفاق بين دمشق والأكراد بشأن عفرين شمال سوريا، إلا أنه أكد عزم أنقرة على مواصلة عمليتها «غصن الزيتون» العسكرية هناك. وفي تغريدة نشرها عبر حسابه الخاص في «تويتر»، أمس الثلاثاء، اعتبر قالن أن «الأنباء الواردة حول اتفاق النظام السوري مع تنظيم (ب ي د/ بي كا كا) الإرهابي، بخصوص عفرين، تهدف إلى تحقيق أغراض دعائية»، مضيفا أن «ذلك لا يعني عدم وجود مساومات سرية وقذرة بينهما» على حد قوله. وأكد قالن أن عملية «غصن الزيتون»، التي أطلقتها القوات التركية «لتطهير منطقة عفرين من التنظيمات الإرهابية»، مستمرة حتى تحقيق أهدافها.
وفيما يصر النظام السوري ووسائل إعلامه على أن القوات التي دخلت هي «قوات شعبية»، قال مصدر كردي بارز في عفرين لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات التي دخلت إلى عفرين «تتألف من عناصر وضباط من الجيش السوري النظامي، والقوات الرديفة إلى جانبها»، موضحة، أن القوات المقرر دخولها إلى عفرين «تعبر على دفعات».
وأظهرت صور نشرها «الإعلام الحربي» آليات تحمل جنوداً وتثبت العلم السوري النظامي، دخلت إلى عفرين. كما تظهر الصور دبابات للنظام، وجنود ببزات عسكرية. وقالت إن الصور تظهر «وصول القوات الشعبية إلى منطقة عفرين لدعم صمود أهلها بوجه العدوان التركي».
وعرض التلفزيون السوري لقطات لقافلة من مقاتلين موالين للنظام يدخلون منطقة عفرين التي يسيطر عليها الأكراد للمساعدة في التصدي لهجوم تركي. وظهر المقاتلون بزي مموه وهم يلوحون بأسلحتهم وبعلم سوريا من فوق مركباتهم لدى عبورهم نقطة تفتيش تحمل شارة قوات أمن كردية.
وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن قوات موالية للنظام السوري دخلت منطقة عفرين الثلاثاء، في وقت تكثف تركيا عمليتها العسكرية ضد المقاتلين الأكراد في المنطقة الواقعة في شمال سوريا. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: «دخل مقاتلون بالمئات إلى منطقة عفرين بعد ظهر الثلاثاء». وكانت وسائل إعلام رسمية سورية ذكرت في وقت سابق أن القوات الموالية للنظام ستتوجه إلى عفرين للانضمام إلى جهود التصدي «للعدوان التركي».
بدوره، أعلن الناطق الرسمي لوحدات حماية الشعب نوري محمود، أن «وحداتنا ارتأت دعوة الحكومة السورية وجيشها للقيام بواجباتها في المشاركة بالدفاع عن عفرين وحماية الحدود السورية ضد هذا الغزو الغاشم». وأضاف: «لبت الحكومة السورية الدعوة واستجابت لنداء الواجب وأرسلت وحدات عسكرية الثلاثاء للتمركز على الحدود والمشاركة في الدفاع عن وحدة الأراضي السورية وحدودها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.