العاصمة الإدارية الجديدة تنعش سوق العقارات في مصر

إقبال متزايد على شراء الأراضي والوحدات السكنية وارتفاع أسعارها بنسبة 40 %

الحي السكني في العاصمة الجديدة بعد الانتهاء من تشييده
الحي السكني في العاصمة الجديدة بعد الانتهاء من تشييده
TT

العاصمة الإدارية الجديدة تنعش سوق العقارات في مصر

الحي السكني في العاصمة الجديدة بعد الانتهاء من تشييده
الحي السكني في العاصمة الجديدة بعد الانتهاء من تشييده

حالة من الانتعاش تشهدها سوق العقارات في مصر بسبب أعمال التشييد والبناء في العاصمة الإدارية الجديدة، الواقعة شرق القاهرة، حيث تشهد العاصمة الجديدة، والمدن المجاورة لها، رواجاً تجارياً وارتفاعاً في أسعار العقارات والأراضي، نظراً للإقبال الكبير على شراء أراضٍ ووحدات سكنية.
ووفقاً لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فإن هناك ارتفاعاً بنسبة 41.7 في المائة في قيمة ما تم تنفيذه من عمليات البناء والتشييد بشركات القطاع الخاص في مصر عام 2016، حيث بلغت 56.4 مليار جنيه (الدولار الأميركي يساوي 17.6 جنيه مصري)، مقارنة بـ39.8 مليار جنيه عام 2015، وتم تنفيذ مبانٍ سكنية بقيمة 12.6 مليار جنيه عام 2016، مقارنة بـ8.9 مليار جنيه عام 2015، بزيادة قدرها 40 في المائة.
وبدأ التفكير في مشروع العاصمة الإدارية الجديدة في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، حيث حاولت الدولة إقامة عاصمة جديدة تحت اسم مدينة السادات، لكن لم تكتمل الفكرة، وبنيت المدينة ولم تنقل العاصمة، ثم تكرر الموضوع مرة أخرى في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث كان هناك مشروع لنقل العاصمة إلى مدينة 6 أكتوبر، لكن أيضاً لم تكتمل الفكرة، ليعود المشروع للظهور مرة أخرى في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتم اختيار الموقع الحالي للعاصمة، الذي يبعد عن العاصمة الحالية نحو 45 كليومتراً. وبالفعل، بدأ تنفيذ المشروع، وافتتاح بعض أجزائه.
وقال المهندس ماجد عبد العظيم، رئيس شركة «إيدار» للاستثمار العقاري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «العاصمة الإدارية الجديدة حدث ضخم في السوق العقارية المصرية، وقد تسببت في حالة من الرواج الكبير للعقارات» مشيراً إلى «حجم الإقبال الكبير على حجز الأراضي والشقق السكنية بمشروعات العاصمة الإدارية الجديدة».
وأضاف عبد العظيم أن «هذا المشروع يعد تطوراً طبيعياً لمشروعات الإسكان المصرية للتغلب على زحام العاصمة الحالية بالزحف خارج حدودها»، مشيراً إلى أن أعمال البناء والتشييد تجري على مدار الساعة.
وأثار مشروع العاصمة الإدارية في بدايته بعض الجدل، حيث رأى البعض عدم جدوى المشروع، وتخوف من عدم اكتماله كالمشروعات السابقة، لكن سرعة سير الأعمال بالمشروع، وافتتاح أجزاء منه، والإعلان عن خطة نقل مقرات الحكومة إلى العاصمة الجديدة، أضفى مزيداً من الجدية على المشروع، وزاد حماس المصريين للانتقال لعاصمتهم الجديدة. وقد افتتح الرئيس السيسي في يناير (كانون الثاني) الماضي مبنى الكاتدرائية الجديدة بالعاصمة، وحرص على أن تكون صلاة عيد القيامة بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وقال عبد العظيم إن افتتاح هذه المنشآت يمثل «دعاية كبيرة للعاصمة، ويساهم في زيادة الإقبال عليها، وحدث ذلك من قبل عند افتتاح فندق الماسة، وهو فندق ضخم جداً»، مشيراً إلى أن «هذه الافتتاحات، وبالتزامن مع الأعمال المستمرة في البناء والتشييد، ترفع الأسعار في العاصمة الإدارية الجديدة».
وأضاف: «هناك طفرة في السوق العقارية المصرية، واتجاه متزايد للاستثمار في مجال العقارات، سواء بشراء وحدات للسكن أو الاستثمار».
وتجربة نقل العاصمة ليست جديدة، حيث سبق وطبقتها عدة دول في العالم، من بينها دولة البرازيل التي نقلت عاصمتها من ريو دي جاينرو إلى برازيليا، كما تم نقل عاصمة باكستان من كراتشي إلى إسلام آباد، ونقلت نيجيريا عاصمتها من لاجوس إلى أبوجا. وقد لا تنجح كل الدول في نقل عاصمتها، فما زالت مدينة دار السلام تعد عاصمة تنزانيا، رغم أن العاصمة الرسمية للبلاد هي دودوما.
واستفادت المدن المجاورة للعاصمة الإدارية الجديدة من حالة الرواج التي تسببت بها المشاريع العقارية بالعاصمة، حيث كانت مدن مثل «بدر» و«الشروق» تشهد ثباتاً في الأسعار، وضعفاً في الإقبال على السكن أو الاستثمار فيها.
وقال عبد العظيم: «من جاور السعيد يسعد»، مشيراً إلى أن «مدينة الشروق شهدت قفزة كبيرة في الأسعار، بنسبة تصل إلى 40 في المائة، بسبب العاصمة الإدارية الجديدة». ويتراوح سعر المتر في العاصمة الإدارية الجديدة حالياً بين 9 و12 ألف جنيه للمباني السكنية، فيما يصل سعر الوحدات الإدارية إلى ما بين 30 و50 ألف جنيه للمتر الواحد.
وتوقع عبد العظيم أن تشهد الفترة المقبلة ارتفاعاً في أسعار العقارات في العاصمة الإدارية الجديدة والمدن المجاورة لها، مع ازدياد إقبال المستثمرين العرب والمصريين عليها.
وتقع العاصمة الجديدة على مساحة 170 ألف فدان، ويجري العمل حالياً في المرحلة الأولى من المشروع، التي تبلغ مساحتها 40 ألف فدان، وتتضمن الحي الحكومي والحي السكني ومطار دولي وجامعات، ويعمل بالمشروع نحو 150 ألف عامل، وفقاً لتصريحات العميد خالد الحسيني، المتحدث الرسمي باسم مشروع العاصمة الإدارية الجديدة.
ويقع الحي الحكومي على مساحة مليون ونصف المليون متر مربع، ويضم مباني الوزارات ومبنى الرئاسة والبرلمان. ولربط العاصمة الجديدة بالمدينة القديمة، وتسهيل وصول الموظفين لأماكن عملهم، تم الاتفاق على تنفيذ قطار مكهرب، بتكلفة تقدر بـ1.2 مليار دولار، وسيتم نقل الوزارات إلى العاصمة الإدارية الجديدة خلال 18 شهراً، وفقاً لتصريحات اللواء أحمد زكى عابدين، رئيس مجلس إدارة العاصمة الإدارية الجديدة.
ويجري العمل حالياً في أول حي سكني على مساحة ألف فدان، ويضم 25 ألف وحدة سكنية، مقسمة على 4 أحياء، كما تم تخطيط 6 جامعات جديدة، ومدينة طبية، ويتم حالياً وضع خطة باحتياجات الحي السكني من المدارس ونوعية التعليم.
وتصل أسعار الفيلات الصغيرة بالعاصمة الإدارية الجديدة، التي تبلغ مساحتها 350 متراً، إلى نحو 7.5 مليون جنيه، وفقاً لموقع «امتلاك العقاري»، بينما تصل أسعار الشقق من 2.3 مليون جنيه للشقة مساحة 200 متر، إلى 4.485 مليون جنيه للشقة مساحة 390 متراً.
ويثير اسم العاصمة الإدارية الجديدة حالة من الجدل أيضاً، إذ تتوالى الاقتراحات بأسماء مختلفة، من بينها ما اقترحه الباحث في علم الاجتماع السياسي الدكتور سعد الدين إبراهيم، في مقالة نشرها في صحيفة «المصري اليوم» منتصف فبراير (شباط) الحالي، حين طرح إطلاق اسم «المحروسة» على تلك العاصمة.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».