البابا ثيودورس الثاني يلتقي رجال دين في الخرطوم

مسؤول سوداني: الإرهابيون ليسوا محسوبين على الإسلام

TT

البابا ثيودورس الثاني يلتقي رجال دين في الخرطوم

نفى رجال دين مسلمون ومسيحيون اتهامات بانتهاكات الحريات الدينية في البلاد، تتضمن اضطهاد المجتمع والسلطات في السودان لغير المسلمين، وانتهاك حقوقهم، وذلك عشية لقاء جمع بينهم والبابا ثيودورس الثاني الذي يزور البلاد، وفي غضون ذلك وصف السفير البريطاني المنتهية فترته في السودان التقدم في عمليات السلام بـ«المحدود»، واستنكر اعتقال القادة المعارضين والنشطاء دون تهم أو محاكمات.
وانتقد مسؤول سوداني الإرهاب والتفجيرات والاغتيالات، ووصف مرتكبيها بـ«غير المحسوبين على الإسلام»، وأوضح أن منهج الدعوة الإسلامي لا يؤيد الإكراه والقهر، وذلك أثناء اللقاء الذي جمعه مع بابا الكنيسة اليونانية، الذي يزور البلاد لتفقد رعايا كنيسته. وقال الأمين العام لمجلس الدعوة بالخرطوم عبد الله محمد علي الأردب، في تصريحات صحافية أمس، إن الدعوة إلى الله لا تقوم على الإكراه في منهج الإسلام، بل على الحكمة والموعظة الحسنة، وأضاف في لقاء جمع رجال الدين الإسلامي والمسيحي في السودان بالبابا ثيودروس الثاني: «أهل التفجيرات والاغتيالات والإرهاب ليسوا محسوبين على الإسلام، وهم يجهلون صحيح الدين».
ووصل بابا وبطريرك الكنيسة اليونانية بالإسكندرية وعموم أفريقيا ثيودورس الثاني، السودان الأربعاء الماضي، في زيارة رعوية رسمية تستغرق أربعة أيام، وبرفقته المتروبوليت نيقوديموس، مطران ممفيس في مصر والوكيل البطريركي بالقاهرة.
وأوضح الأردب أن «أهل الإسلام مكلفون بالإيمان بكل رسل الديانات التي سبقت الإسلام، والصلاة عليهم»، ونفى وجود اضطهاد ديني في السودان، بقوله: «توجد أخطاء وخلافات صغيرة، لا تؤثر في الرسالة الكلية للمجتمع السوداني المعروفة»، وتابع موضحا أن «مثل هذه الخلافات الصغيرة، موجودة بين مكونات المسلمين وموجودة بين مكونات المسيحيين».
ولتأكيد التسامح والتعايش الديني في السودان، أشار الأردب إلى ما أطلق عليه شهادات «إخواننا القساوسة، مثل القس فيلو ثاوث فرج، الذي رشح السودان لجائزة دولية في التعايش الديني، على المستوى الأفريقي والمستوى الدولي». بدوره، قال الأمين العام لمجلس الكنائس السوداني وليم دينق، إن المسيحيين في السودان يفرقون بين الإسلام السياسي والإسلام الروحي، وأضاف مبرزا أن «الإسلام الروحي الذي يسود السودان جعله يخلو من التطرف وفكر التفجيرات».
وقطع دينق في لقاء رجال الدين الإسلامي والمسيحي مع البابا ثيودورس الثاني بوزارة الإرشاد والأوقاف بأن «السودان خلا من هذه الكوارث، لأن الدين في السودان يتجدد كل يوم، وأن الجميع يمدون أيديهم ليعيش المجتمع في سلام ووئام».
من جانبه، أوضح بطريرك الكنيسة الإثيوبية بالسودان أن مواطني طائفته يؤدون صلواتهم وأعيادهم بكل حرية وسلام، وأنهم لا يتعرضون لأي أذى، موضحا أن «الشعب السوداني يحترمهم جداً».
ومن المنتظر أن يختتم بابا الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية بالإسكندرية، البابا ثيودروس الثاني زيارته التفقدية للسودان، التي تواصلت لأربعة أيام عصر اليوم.
من جهة أخرى، استنكر السفير البريطاني المنتهية فترته لدى السودان، مايكل أرون، احتجاز الحكومة لقادة المعارضة والناشطين دون تهمة أو محاكمة، واعتبره أسلوباً قاصرا لمعالجة الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
ويقبع في سجون السودان منذ أسابيع العشرات من قيادات أحزاب المعارضة، ونشطاء سياسيين، ونشطاء مجتمع مدني، وصحافيين، ألقت السلطات الأمنية القبض عليهم بسبب مشاركتهم في احتجاجات على الغلاء، التي انتظمت البلاد منذ منتصف الشهر الماضي. وقال أرون في رسالة بمناسبة انتهاء فترته في البلاد، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إن الحكومة السودانية اتخذت إجراءات اقتصادية ضرورية وصعبة جداً، وقاسية على المواطنين، ما دفع كثيرين للاحتجاج، وأضاف موضحا أن «تأثير الإصلاحات على المواطنين شديد، دفع البعض إلى ممارسة حقهم في الاحتجاج سلمياً».
وانتقد أرون الاحتجاز دون تهمة أو محاكمة، وقال بهذا الخصوص: «ليس هو السبيل للتعامل مع هذه القضية، وآمل أن يتم الإفراج عن هؤلاء المحتجزين في وقت قريب جداً»، مؤكداً استمرار الحوار الاستراتيجي بين بلاده والسودان، بالقول: «حوارنا الاستراتيجي راسخ، ونحن قادرون على إجراء مناقشات بناءة حول القضايا الصعبة، بما في ذلك حقوق الإنسان».
ووصف أرون التقدم في عمليات السلام بالبلاد بـ«المحدود»، بيد أنه أثنى على التزام الأطراف الحكومية والجماعات المسلحة بوقف إطلاق النار الذي أعلناه، وتابع موضحا: «آمل في أن يكون عام 2018، هو العام الذي يتم التوصل فيه إلى اتفاقات سلام في كل من دارفور والمنطقتين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».