انتقادات في محافظة صلاح الدين لمستوى تمثيلها في مؤتمر الكويت

TT

انتقادات في محافظة صلاح الدين لمستوى تمثيلها في مؤتمر الكويت

وجهت الحكومة المحلية في محافظة صلاح الدين (180 كم شمال شرقي بغداد) انتقادات حادة إلى الحكومة العراقية، لعدم تمثيل المحافظة في المؤتمر الدولي لإعادة إعمار العراق الذي اختتم أعماله في الكويت أول من أمس، «بشكل ينسجم مع حجم الدمار الذي حظيت به نتيجة احتلالها من قبل تنظيم داعش».
وقال مجلس شيوخ عشائر صلاح الدين في بيان إنه لاحظ «خلو» قوائم المشاريع التي طرحتها الحكومة العراقية على الشركات الاستثمارية في المؤتمر «من أي مشاريع أو فرص استثمارية في صلاح الدين، باستثناء مشروع واحد».
وأكد الناطق باسم شيوخ عشائر صلاح الدين مروان الجبارة لـ«الشرق الأوسط» أن «من الواضح أن مخرجات مؤتمر الكويت لم تكن طبقاً لما نأمله نحن أبناء واحدة من أكثر المحافظات تضرراً من جراء احتلال تنظيم داعش لها، والذي دمر بنيتها التحتية بنسب كبيرة جداً». وأضاف أن «الحكومة المركزية لم ترسل وفداً فنياً من أبناء المحافظات المتضررة، ومنها صلاح الدين، إذ اقتصر التمثيل على المحافظ، وهو تمثيل سياسي في المقام الأول بدليل أنه حين تم طرح المشاريع الاستثمارية، فإن صلاح الدين لم تحظ إلا بمشروع استثماري واحد، وهو مشروع أسمدة بيجي، بينما لدينا نحن مدن صنفت على أنها منكوبة وتحتاج إلى أموال طائلة لنعيد إعمارها».
وأشار إلى أن «القضية العشائرية، ومنها مسألة المصالحة المجتمعية، تحتاج إلى استكمال العديد من البنى التحتية حتى نستطيع القيام بها، بينما لا يوجد مثل هذا الأفق طبقا لما خرج به المؤتمر». وأوضح أن «طرح معمل أسمدة بيجي للاستثمار سيدخلنا في مشكلة جديدة، وهي أنه سبق طرح هذا المعمل للاستثمار، ولكن حصلت مشاكل مع المستثمر بحيث لم تدفع رواتب نحو 3 آلاف موظف فيه، وبالتالي فإن إعادة طرحه من جديد من دون حل المشاكل الخاصة به ستدخلنا في عراقيل جديدة». ولفت إلى أن «نسبة الدمار في المحافظة بلغت نحو 75 في المائة، ما يجعلها تحتاج إلى أموال طائلة، إضافة إلى تدمير نحو 14 ألف وحدة سكنية».
في السياق نفسه أكد رئيس مجلس السياسات العامة في مجلس المحافظة سبهان ملا جياد لـ«الشرق الأوسط» أن «صلاح الدين كانت من بين المحافظات الأكثر تضرراً بسبب داعش، سواء على مستوى تدمير بناها التحتية أو مخلفاتها على مستوى القضايا الاجتماعية والعشائرية». وأوضح أن «هناك مدناً عدة في المحافظة مثل قضاء بيجي وعزيز بلد ويثرب وسليمان بيك والصينية والضلوعية نالها نصيب كبير من الدمار على كل المستويات».
وانتقد ملا جياد مجلس المحافظة «الذي لم تكن لديه رؤية واضحة حيال ما ينبغي عمله على صعيد مؤتمر الكويت، وهو ما انعكس على مستوى التمثيل الذي اقتصر على شخص المحافظ، وبالتالي لم تكن هناك استعدادات كافية لمثل هذا الحدث».
وأوضح أنه «إذا كانت لدينا مشكلة في صلاح الدين للأسباب التي شرحتها، فإن هناك مشكلة لدى الحكومة المركزية التي أهملت صلاح الدين تماماً على كل الصعد، ومنها الجانب الاستثماري، حيث لم تطرح سوى مشروع واحد للاستثمار، مما يؤكد وجود لوبي داخل المؤتمر أدى إلى أن يخرج المؤتمر عن الآمال المعقودة عليه، ويتحول من مؤتمر للمنح إلى مجرد قروض واستثمارات، وهي بحد ذاتها مشكلة لأن القروض ستكبل البلد في قيود جديدة بينما الاستثمارات تحتاج إلى بيئة آمنة، وهي ليست متوافرة حالياً في مناطقنا من دون الحصول على منح لإعادة الإعمار، ومن ثم توفير الأرضية المناسبة للاستثمارات».
واعتبر القيادي في «حزب الوطن» يزن الجبوري أن «خلاصة ما يمكن قوله بشأن مؤتمر الكويت أن الحكومة العراقية أرادت حل مشاكلها المالية برأس المحافظات المدمرة، بحيث ذهبت إلى مؤتمر الكويت تحت هذا اليافطة». وأضاف الجبوري لـ«الشرق الأوسط» أن «حصة المحافظة مثلاً من مشاريع الاستثمار صفر تقريباً، وهو ما يعني أن الإهمال سيبقى سيد الموقف بالنسبة إلى هذه المحافظات التي دفعت ثمناً غالياً بسبب داعش». وأشار إلى أن «المؤشرات تقول إن الحصة الأكبر من الأموال ستذهب إلى محافظات أخرى، ليست بينها المحافظات التي احتلها داعش».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».