عمارة للمستوطنين على بُعد 200 متر من الأقصى

TT

عمارة للمستوطنين على بُعد 200 متر من الأقصى

باشرت حركة استيطان يهودي تعمل على تهويد القدس العربية المحتلة، في بناء عمارة استيطانية جديدة غرب باحة البراق، على بعد 200 متر من تخوم المسجد الأقصى.
واستهلت الشركة التابعة لهذه الحركة عملها في وضع أساسات لإقامة مشروع يدعى «بيت هليبا»، أي «بيت الجوهر». وجلبت رافعات إنشائية داخل حدود المكان المخصص للمشروع. وأعلنت الشركة الحكومية الإسرائيلية التي تسمى «صندوق تراث حائط المبكى»، أن هذه الرافعات والتجهيزات كلها وُضعت لخدمة مشروع «هليبا». ويُعتبر مشروع «بيت هليبا» أضخم المجمعات التهويدية في القدس القديمة، منذ ما يزيد على 6 سنوات. لكنه تعثر في حينه لأسباب سياسية ودينية وحقوقية، وجرى تجميده إلى فترة زمنية قصيرة. وتبين أمس، أن إقرار المشروع كان يمضي قدما في الأروقة السرية للحكومة الإسرائيلية منذ 2015.
وأوضحت مصادر سياسية في القدس، أن هذا المشروع يندرج ضمن محاولات تهويد البلدة القديمة في القدس العربية. والمشروع عبارة عن عمارة مكونة من ثلاثة طوابق، أحدها تحت الأرض، بمساحة إجمالية تبلغ من 1500 إلى 1700 متر مربع، ويرتفع عن مستوى ساحة البراق 4.7 متر، على بُعد نحو مائتي متر غرب المسجد الأقصى المبارك. ويضم الطابق الأول غرفا وقاعات عدة، أهمها قاعة الاستقبال المفتوحة للزوار، وثلاثة فصول دراسية دينية، وقاعة مخصصة للسياح، وقاعة لاستقبال كبار الزوار وغرف للنظام. ويضم الطابق الثاني مكتبة واسعة ومكاتب وكنيسا توراتيا، ومدرسة دينية، وغرفا خاصة بالأمن. ويضم الطابق الواقع تحت سطح الأرض معرضا للآثار. فيما سيكون سقف المبنى مفتوحا للسياح لمراقبة ساحة وحائط البراق والمسجد الأقصى على غرار «معهد عيش التوراة».
وردّت الحكومة الفلسطينية على هذا التحرك، بالدعوة إلى تحرك عربي وإسلامي وأممي فوري وعاجل، لإجبار إسرائيل على وقف تنفيذ مشاريعها الاستيطانية في مدينة القدس، «خصوصا المشروع الاستيطاني الذي كشفت عنه خلال الساعات الأخيرة في ساحة البراق».
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود، في بيان، إن «شروع سلطات الاحتلال بتنفيذ وإقامة هذا المشروع الاستيطاني بمحاذاة المسجد الأقصى المبارك، وعلى أرض تعد امتدادا له، وهي وقف إسلامي أصلا، وجزء من أرض القدس العربية المحتلة التي لا تتجزأ، ينذر بأشد المخاطر التي تتدافع على القدس والمقدسات وأصعبها».
وأضاف، أن «إقامة مثل هذا المشروع الاستيطاني وتنفيذه يعد انتقاما من المشهد الحقيقي والكامل لمدينة القدس، وهو المشهد العربي الأصيل الواضح في جميع التفاصيل والاتجاهات، ويعد عدوانا جديدا وخطيرا على أقدس مقدسات العرب والمسلمين، وعلى عاصمة دولتنا، القدس العربية المحتلة».
وتابع، أن «سلطات الاحتلال تهدف من وراء إقامة المشاريع الاستيطانية حول المقدسات التي تضم مباني ضخمة، إلى طمس وتغيير معالم مدينة القدس الحقيقية وتشويهها».
وجدد المحمود، مطالبة المجتمع الدولي والمنظمات والهيئات الدولية، وعلى رأسها اليونيسكو، بالتحرك من أجل وقف هذا المس الخطير بالقدس والمقدسات والتراث العربي والإنساني، والعدوان الواضح والسافر على الأعراف والقوانين الدولية كافة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.