تعهدات بـ30 مليار دولار لإعادة إعمار العراق

الجعفري قال إنها أقل مما تتطلبه بلاده... وغوتيريش يصف مؤتمر الكويت بـ«الناجح»

صورة جماعية للمشاركين بمؤتمر الكويت للمساهمة بإعادة إعمار العراق (أ.ف.ب)
صورة جماعية للمشاركين بمؤتمر الكويت للمساهمة بإعادة إعمار العراق (أ.ف.ب)
TT

تعهدات بـ30 مليار دولار لإعادة إعمار العراق

صورة جماعية للمشاركين بمؤتمر الكويت للمساهمة بإعادة إعمار العراق (أ.ف.ب)
صورة جماعية للمشاركين بمؤتمر الكويت للمساهمة بإعادة إعمار العراق (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، إن العراق تلقى من حلفائه تعهدات للاستثمار والتنمية تصل قيمتها إلى 30 مليار دولار.
وأكد وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري للصحافيين، أن التعهدات التي قدمت "أقل مما يتطلبه العراق"، مضيفا أن "المبالغ المخصصة ستسهم في إعادة الإعماء لكنها لن تسد الحاجة".
من جانبه، وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش مؤتمر إعادة إعمار العراق في الكويت بأنه "نجاح هائل".
وتعهدت الدول الحليفة للعراق في المؤتمر اليوم (الأربعاء)، بتخصيص مليارات الدولارات على شكل قروض وتسهيلات ائتمانية واستثمارات للمساهمة في إعادة إعمار هذا البلد الخارج من حرب مدمرة مع تنظيم «داعش» المتطرف استمرت لأكثر من ثلاث سنوات.
وقررت الكويت تخصيص ملياري دولار على شكل قروض واستثمارات، بينما تعهدت السعودية بتخصيص مليار دولار لمشاريع استثمارية في العراق و500 مليون دولار إضافية لدعم الصادرات العراقية.
وأعلنت الإمارات تعهدها بمبلغ 500 مليون دولار دعما لعملية إعمار العراق، إضافة إلى استثمارات القطاع الخاص في مشروع معسكر الرشيد وميناء أم قصر بخمسة مليارات و500 مليون دولار.
وقالت تركيا إنها ستخصص 5 مليارات دولار للعراق على شكل قروض واستثمارات، بينما قالت بريطانيا، التي قادت مع الولايات المتحدة اجتياح العام 2003، إنها ستمنح العراق تسهيلات ائتمانية في مجال الصادرات تصل إلى مليار دولار سنويا ولمدة عشرة أعوام.
وكان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أعلن أمس (الثلاثاء) خلال مشاركته في مؤتمر الكويت عن توقيع اتفاقية بين مصرف التجارة الخارجية الأميركي والعراق لمنح بغداد قروضا بنحو ثلاثة مليارات دولار.
وكانت بغداد أعلنت أنها «انتصرت» على تنظيم «داعش» في ديسمبر (كانون الأول) بعدما استعادت القوات العراقية، مدعومة من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، أجزاء واسعة من البلاد كان التنظيم المتطرف سيطر عليها في منتصف عام 2014.
وإلى جانب الدمار الكبير الذي خلفته الحرب، فإن النزاع تسبب في نزوح الملايين، ولا يزال هناك 2,6 مليون نازح يقيمون في مخيمات في مناطق مختلفة من البلاد الغنية بالنفط.
لكن العراق الذي عانى ماليا في السنوات الماضية من تراجع أسعار النفط، يتطلع اليوم إلى طي صفحة الحرب هذه والانطلاق نحو إعادة إطلاق العجلة الاقتصادية، مشرعا أبوابه أمام الشركات الأجنبية والمستثمرين.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، طالب المجتمع الدولي بتقديم الدعم «بالسياسة والموارد».
وقال متوجها إلى العراقيين: «العالم مدين لكم جراء نضالكم ضد التهديد العالمي الذي فرضه تنظيم (داعش)»، مضيفا: «حان الوقت لإظهار امتناننا الخالص والتعبير عن تضامننا مع الشعب العراقي».
من جهته، قال أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إن بلاده تدرك «حجم الدمار» الذي لحق بالعراق جراء الحرب ضد تنظيم داعش، ورأى أن إعادة الإعمار «عمل لن يتمكن العراق من التصدي له وحده».
كما قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إن الاتحاد سيقدم 400 مليون دولار على شكل مساعدات إنسانية، بعد يومين من تعهد منظمات غير حكومية من المؤتمر بتقديم 330 مليون دولار على شكل مساعدات أيضا.
ويسعى العراق الذي عانى في السنوات الأخيرة من انخفاض أسعار النفط، إلى طمأنة واستقطاب المستثمرين في القطاع الخاص الممثل في اجتماع الكويت بأكثر من ألفي شركة ورجل أعمال.
وقال رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار سامي الأعرجي أمام ممثلين عن هذا القطاع إن العراق مفتوح أمام المستثمرين، مشيرا إلى أن بغداد تعرض الاستثمار في أغلب القطاعات من الزراعة إلى النفط.
لكن بحسب رجال أعمال تحدثت إليهم وكالة الصحافة الفرنسية في المؤتمر، يعد الفساد المستشري أحد أكبر التحديات أمام بغداد في سعيها لجمع الأموال واستقطاب المستثمرين، رغم قولهم إن الحكومة العراقية تتحرك لمواجهة هذه الآفة ولتوفير بيئة ملائمة للاستثمار.
وفي خطابه الأربعاء، أقر رئيس الوزراء حيدر العبادي بوجود فساد في الدولة العراقية، لكنه تعهد بمحاربته كما حارب «الإرهاب».
وقال العبادي: «نؤكد أن إصرارنا على محاربة الفساد كفيل بإضفاء بيئة ناجحة، تحت عمل واضح وشفاف، ولن نتوقف عن محاربة الفساد، تلك الآفة الخطيرة التي لا تقل خطورة عن الإرهاب، بل هي أحد الأسباب لنشوء الإرهاب».
كما أعلن أنه في الأسابيع القليلة الماضية أطلقت الحكومة «حزمة إجراءات لتحسين بيئة الاستثمار في العراق، ستظهر آثارها على تبسيط الإجراءات لأعمال المستثمرين».
وكان العبادي أعلن الثلاثاء أمام المستثمرين أن الحكومة تقود برنامجا إصلاحيا لمكافحة الفساد، يهدف كذلك إلى «تبسيط الإجراءات (....) من أجل المساعدة في الاستثمار وإزاحة العقبات أمام المستثمرين ورجال الأعمال العراقيين والأجانب ورفع العراقيل أمام المشاريع».
ويحتل العراق المرتبة 166 من بين 176 دولة على لائحة البلدان الأكثر فسادا بحسب آخر لائحة أصدرتها منظمة الشفافية الدولية.
وقدم الأعرجي الثلاثاء صورة موجزة عن فرص وظروف ومكاسب الاستثمار قائلا إن المستثمرين «يواجهون مخاطر كبيرة، لكنها تأتي في مقابل أرباح كبيرة».
في هذا السياق، دعا تيلرسون خلال مشاركته في أعمال المؤتمر، الحكومة إلى اعتماد الشفافية ومحاسبة المفسدين.
وأكدت الولايات المتحدة ومعها الدول الأعضاء في التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، أن المعركة مع هذا التنظيم لم تنته بعد.
وفي بيان ختامي عقب اجتماع للدول الأعضاء فيه، قال التحالف: «علينا أن نبقي تركيزنا على العراق وسوريا حتى نحافظ على مكاسبنا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.