نتنياهو يوقف الغارات بعد محادثته الهاتفية مع بوتين

جنرال إسرائيلي يتحدث عن تدمير {نصف منظومة الدفاع الجوية الإيرانية ـ السورية}

نتنياهو يوقف الغارات بعد محادثته الهاتفية مع بوتين
TT

نتنياهو يوقف الغارات بعد محادثته الهاتفية مع بوتين

نتنياهو يوقف الغارات بعد محادثته الهاتفية مع بوتين

أعلن الجيش الإسرائيلي أمام المجلس الوزاري الأمني المصغر في حكومة بنيامين نتنياهو، أمس، أن نحو نصف منصات الصواريخ أرض - جو الإيرانية السورية دمرت خلال الغارات الأخيرة يوم السبت الماضي. واتضح في هذه الأثناء أن إسرائيل كانت تنوي الاستمرار في تدمير بقية منصات الصواريخ، لكن نتنياهو أمر بوقف العملية في أعقاب المحادثة الهاتفية التي أجراها مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، التي استمع فيها إلى «تبرم موسكو من التصعيد وتحذير من المساس بمصالح روسيا في سوريا».
وكان المجلس الأمني المصغر اجتمع أمس للمرة الثالثة خلال ثلاثة أيام منذ انفجار الاشتباك الإيراني - الإسرائيلي فجر السبت الماضي، لإجراء تقويم للأوضاع الميدانية وللبحث في الخطوات المقبلة. وقالت مصادر إسرائيلية مطلعة إن الانطباع الذي يسود في القيادة الإسرائيلية هو أن «الرئيس بوتين تصرف في هذه القضية مثل حكم المباريات الذي أطلق صافرة النهاية للمواجهة بين إسرائيل وإيران في نهاية الأسبوع وجميع اللاعبين انصاعوا لقراره»، وأن «المحادثة الهاتفية بينه وبين نتنياهو وضعت حدا للخط الهجومي الذي أظهرته حتى ذلك الوقت شخصيات إسرائيلية كبيرة، والهدوء الذي ساد منذ ذلك الحين في المنطقة يذكر مرة أخرى من هو صاحب البيت الحقيقي في الشرق الأوسط».
وأسمعت كلمات سلبية عن الإدارة الأميركية، التي ظهرت غائبة عن المشهد. وقد عبر أحد المتحدثين الإسرائيليين عن موقفه بهذه الكلمات: «الهدوء الذي ساد في المنطقة بعدما تحدث نتنياهو مع بوتين يدل على من هو صاحب البيت الحقيقي في الشرق الأوسط. وفي الوقت الذي بقيت فيه الولايات المتحدة في مكانة الغائب - الحاضر، ويستمر البحث عن سياسة خارجية أميركية شاملة، فإن روسيا هي التي تقوم بملء للفراغ وإملاء التطورات. موسكو استثمرت جهود وموارد كبيرة لإنقاذ نظام الأسد في السنوات الأخيرة إلى درجة أنها لا تسمح لإسرائيل بإفشال هدفها الاستراتيجي. ومن المشكوك فيه أن يتحمس نتنياهو للتصادم مع الروس، فتكفيه المواجهة التي وجد نفسه فيها مع الإيرانيين».
وكان الهم الأكبر للقيادة السياسية الأمنية الإسرائيلية، الذي استحوذ على غالبية مناقشات المجلس المصغر، هو: ماذا ستفعل إسرائيل في المعركة المقبلة؟ ماذا ستفعل في المرة المقبلة عندما سيتم نقل شحنة من السلاح المتطور إلى «حزب الله»، بعد أن أثبت السوريون والإيرانيون قدرتهم على المساس بها؟ ماذا ستفعل وهي ترى أن دمشق وحلفاءها في لبنان والعالم العربي وطهران يتحدثون عن انتصار كبير ويستمرون في التهديد بتصعيد واسع؟ ويرون أن التراجع عن السياسة الهجومية الإسرائيلية سيؤدي إلى ظهورها خائفة، بينما قيامها بتوجيه ضربات أخرى سيكون بمثابة مغامرة. وينبغي أن تتجه نحو خطوات تكون فيها المغامرة بمثابة خطر محسوب.
وبحسب مصدر مطلع، فإن التقدير السائد في أجهزة الأمن الإسرائيلية هو أن جولة القتال مع إيران وسوريا في الشمال، التي هاجمت القوات الجوية خلالها أهداف البلدين في سوريا، وتم خلالها إسقاط طائرة مقاتلة إسرائيلية، قد انتهت بالفعل. والتقييم السائد هو أن الأطراف المعنية استنفدت ما كان يمكن أن تحققه في الجولة الحالية. ومع ذلك، تعتقد إسرائيل أنه على المدى الطويل، من غير المستبعد حدوث اشتباك آخر مع الإيرانيين في سوريا.

وتستند هذه التقييمات، ضمن أمور أخرى، إلى البيانات التي أدلى بها كبار المسؤولين الإيرانيين في الساعات الأربع والعشرين الماضية. وتسعى إيران وسوريا إلى «الاستفادة استراتيجيا» من الإنجاز غير العادي المتمثل بإسقاط الطائرة من خلال النشر علنا عن تغيير قواعد اللعب في الشمال والتهديد بأن أي محاولة إسرائيلية لمهاجمة سوريا أو لبنان ستواجه ردا قاسيا. وتحاول إيران وسوريا ردع إسرائيل عن شن ضربات جوية إضافية، من خلال التهديد بالرد على النيران المضادة للطائرات والقيام بتصعيد متعمد للتحرك الإسرائيلي المستقبلي.
وكانت تسريبات نشرت في إسرائيل أمس عن التحقيقات الأولية التي أجراها الجيش الإسرائيلي حول أحداث السبت الماضي في سماء سوريا، التي أصاب خلالها صاروخ سوري مضاد للطائرات، الطائرة الإسرائيلية من طراز «F - 16» وأسقطها، فجر السبت، أن السوريين استغلوا نقطة ضعف في طريقة عمل طاقم الطائرة الإسرائيلي. وكانت هذه الطائرة هي إحدى ثماني طائرات من هذا الطراز، شاركت في مهاجمة مركبة القيادة الإيرانية في قاعدة «T - 4» بالقرب من مدينة تدمر، في العمق السوري.
وقد أدار رجال «فيلق القدس» من داخل هذه المركبة عملية إطلاق الطائرة غير المأهولة، التي تسللت إلى إسرائيل وتم إسقاطها في منطقة بيسان. وقالوا في الجيش إن إسرائيل تعقبت الطائرة الإيرانية طوال تحليقها منذ إقلاعها من تدمر، مرورا بشمال الأردن وحتى اجتياز الحدود الإسرائيلية. ومن أجل إطلاق الصواريخ على المركبة الإيرانية، من مسافة بعيدة جدا، حلقت بعض الطائرات على ارتفاع كبير. ووفقا للتحقيق الأولي، فقد بقيت طائرة واحدة على الأقل على ارتفاع شاهق، على ما يبدو، لأن الطاقم أراد التحقق من أن الصواريخ أصابت المركبة بالفعل، الأمر الذي عرضها للإصابة. ففي هذه المرحلة، أطلقت الدفاعات الجوية السورية أكثر من 20 صاروخا على الطائرات الإسرائيلية، وهو عدد مرتفع وغير عادي. وكانت الصواريخ على الأقل من نوعين: طويل المدى SA - 5 وقصير المدى SA - 17. وقد شوهد وابل الصواريخ بوضوح من قبل المدنيين الإسرائيليين في الشمال وحتى في وسط البلاد.
ووفقا للتحقيقات، فقد تمكن طاقم الطائرة الرائدة من تحديد إطلاق الصواريخ تجاه الطائرات الإسرائيلية، فهبط إلى ارتفاع منخفض وتهرب من الصواريخ، بينما لم يفعل ذلك الطاقم الثاني، ما عرض طائرته للإصابة، ولكنه قبل إصابة الطائرة تمكن من مغادرتها والهبوط بالمظلات. وأصيب الطيار بجراح متوسطة فيما أصيب الملاح المرافق بجراح طفيفة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.