جاويش أوغلو قبل وصول تيلرسون: العلاقة مع أميركا قد تنهار تماماً

تقدم للجيش التركي وفصائل سورية قرب عفرين

TT

جاويش أوغلو قبل وصول تيلرسون: العلاقة مع أميركا قد تنهار تماماً

استبق وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو وصول وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون لأنقرة بعد الخميس بالقول إن علاقات بلاده مع واشنطن وصلت إلى «نقطة حرجة للغاية» وإما أن يتم إصلاحها وإما أن تنهار تماما.
واتهم جاويش أوغلو في كلمة خلال مؤتمر المراجعة الثاني للعلاقات التركية الأفريقية الذي عقد أمس بمدينة إسطنبول، الولايات المتحدة بالتذرع بمحاربة تنظيم داعش الإرهابي من أجل مواصلة دعم مقاتلي وحدات الشعب الكردية في شمال سوريا، مع أنهم لا يقتربون من الجيوب المتبقية لتنظيم داعش.
وأضاف جاويش أوغلو الذي كان يتحدث بعد يوم من مباحثات لمستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ماكماستر في إسطنبول مع المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين تناولت النقاط الخلافية في العلاقات بين أنقرة وواشنطن وفي مقدمتها تسليح «وحدات حماية الشعب» الكردية في الشمال السوري: «لا نريد تصريحات ووعودا من واشنطن بعد الآن، بل نريد خطوات ملموسة». وتابع: «لا بد من إعادة تأسيس الثقة المفقودة مع الولايات المتحدة لنتمكن من الحديث معها في مواضيع معينة، محملا واشنطن المسؤولية عن فقدان الثقة مع بلاده»، قائلا إن «تركيا لا تخطئ بحق أي من حلفائها أو أصدقائها ولا بحق أي دولة، إلا أننا رأينا أخطاء جسيمة قامت بها حليفتنا الولايات المتحدة في مسائل مثل وحدات حماية الشعب الكردية وحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة انقلاب فاشلة شهدتها في 2016. كما أنها لم تفِ بوعودها لنا». وتساءل: «إلى أي مدى يمكن الوثوق بدولة لا تفي بوعودها؟»
وأشار جاويش أوغلو إلى الأهمية التي تحملها زيارة تيلرسون وبخاصة أنها ستأتي بعد زيارة ماكماستر، وقال إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان سيستقبل تيلرسون مساء الخميس، فيما «سألتقيه (جاويش أوغلو) يوم الجمعة».
وبشأن عملية «غصن الزيتون» العسكرية التركي في عفرين والتي تثير قلق واشنطن، قال جاويش أوغلو: «سوريا وشعبها سيشكرون تركيا مستقبلا لأنها تقوم بتطهير الأراضي السورية من المنظمات الإرهابية، ولا تقوم بتسليم الأراضي التي تطهرها من منظمة إرهابية إلى منظمة إرهابية أخرى كما تفعل الولايات المتحدة، وإنما تسلمها إلى أهاليها، وسيعود جميع أهالي عفرين الذين اضطروا إلى الخروج منها إلى ديارهم دون تفرقة بين تركمان، وأكراد، وعرب، وسريان».
في السياق ذاته قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، أمس، إن قسماً من مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية توجه إلى عفرين من المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بعد بدء عملية «غصن الزيتون».
ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية أمس عن ماتيس، في تصريحات للصحافيين على هامش جولته في أوروبا، أن عملية غصن الزيتون الجارية في عفرين «شتت تركيز» مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية داخل «قوات سوريا الديمقراطية» وأن نحو 50 في المائة أو أكثر أو أقل من قوات سوريا الديمقراطية. يرون زملاءهم يتعرضون لهجوم في عفرين، وهذا ما يشتت تركيزهم، وثمة بعض الوحدات توجهت إلى هناك».
وأشار إلى أنّ تركيا الدولة الوحيدة في حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي تشهد «تمردا مسلحا» داخل حدودها وأضاف: «لا ننكر إطلاقاً القلق المشروع لتركيا حيال أمن حدودها مع سوريا». وأعرب أيضاً عن تفهمه للقلق الأمني الذي يساور كلاً من إسرائيل والأردن ولبنان وتركيا.
ومن المنتظر أن يلتقي ماتيس نظيره التركي نور الدين جانيكلي هذا الأسبوع في العاصمة البلجيكية بروكسل.
في سياق متصل، قال رئيس بلدية أنقرة مصطفى طونا، إنه وقّع على مقترح لتغيير اسم الشارع الذي تقع فيه السفارة الأميركية في العاصمة التركية إلى «غصن الزيتون».
وشارك طونا عبر حسابه على موقع «تويتر» صورة له وهو يوقع على المقترح وكتب «وقعت مقترحا لتغيير اسم شارع (نوزاد تاندوغان) الذي تقع فيه السفارة الأميركية إلى (غصن الزيتون... فلترقد أرواح شهدائنا بسلام)».
إلى ذلك قالت مصادر دبلوماسية تركية لـ«الشرق الأوسط» إن جاويش أوغلو بحث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في اتصال هاتفي بينهما مساء أول من أمس التطورات في سوريا وإمكانية عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الثلاث الضامنة لوقف إطلاق النار في سوريا (روسيا وتركيا وإيران) لمناقشة الملف السوري.
بحسب ما أعلنت أنقرة الأسبوع الماضي، يتوقع أن يعقد لقاء ثلاثي لرؤساء الدول الثلاث في إسطنبول (رجحت مصادر أن يعقب مباحثات تيلرسون في أنقرة الخميس والجمعة) لبحث تطورات الوضع في سوريا على غرار لقائهم في مدينة سوتشي الروسية في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ميدانيا، سيطرت القوات المسلحة التركية والجيش السوري الحر على قرية «المحمدية» و«تلة العمارة» المجاورة لها، التابعتين لناحية جنديرس جنوب غربي عفرين ليرتفع عدد النقاط التي تمت السيطرة عليها منذ انطلاق العملية إلى 51 تشمل مزارع وقرى وتلالا استراتيجية.
وواصلت المدفعية التركية وراجمات الصواريخ المنتشرة بالمناطق الحدودية في هطاي مواقع مسلحي الوحدات الكردية من مناطق تمركزها في ريحانلي وخاصة وكريكخان التابعة للولاية.
ويواصل الجيش التركي إرسال المزيد من التعزيزات العسكرية إلى وحداته العاملة في المنطقة.
وأعلنت رئاسة الأركان التركية، أمس تحييد 1369 «إرهابيا» على الأقل منذ انطلاق عملية غصن الزيتون في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي وتدمير 627 هدفا في عفرين كما قتل 31 من أفراد القوات المسلحة التركية، وأصيب 143 آخرون بجروح، بينهم واحد في حالة حرجة، منذ انطلاق العملية.
وأكد البيان أن «عمليات إزالة الألغام تتواصل في منطقة الباب بالريف الشمالي لمحافظة حلب، مشيرا إلى اتخاذ تدابير للتصدي لهجمات التنظيمات الإرهابية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».