تركيا: «الشعوب الديمقراطي» ينتخب بديلاً لقيادته المعتقلة

الحزب المؤيد للأكراد عقد مؤتمره وتلا رسالة من زعيمه المسجون

سيزاي تيميلي (يمين) وبروين بولدان (يسار) بعد اختيارهما رئيسين مشتركين لـ«حزب الشعوب الديمقراطي» في أنقرة أمس (رويترز)
سيزاي تيميلي (يمين) وبروين بولدان (يسار) بعد اختيارهما رئيسين مشتركين لـ«حزب الشعوب الديمقراطي» في أنقرة أمس (رويترز)
TT

تركيا: «الشعوب الديمقراطي» ينتخب بديلاً لقيادته المعتقلة

سيزاي تيميلي (يمين) وبروين بولدان (يسار) بعد اختيارهما رئيسين مشتركين لـ«حزب الشعوب الديمقراطي» في أنقرة أمس (رويترز)
سيزاي تيميلي (يمين) وبروين بولدان (يسار) بعد اختيارهما رئيسين مشتركين لـ«حزب الشعوب الديمقراطي» في أنقرة أمس (رويترز)

دخل «حزب الشعوب الديمقراطي» المعارض، المؤيد للأكراد في تركيا، مرحلة جديدة بعد اختيار قيادتين جديتين في مؤتمره العام الذي عقد في أنقرة أمس. وسيخلف أحد القيادتين الجديدتين مؤسس الحزب زعيمه المعتقل صلاح الدين دميرتاش في إطار الاستعداد للاستحقاقات الانتخابية الثلاثة التي يشهدها عام 2019 والتي تبدأ بالانتخابات المحلية في مارس (آذار) المقبل ثم الانتخابات البرلمانية والرئاسية اللتين تجريان معاً في يوم واحد للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية التركية في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه وفقاً للتعديلات الدستورية التي أقرت في استفتاء 16 أبريل (نيسان) 2017 التي دخلت بموجبها البلاد حقبة النظام الرئاسي بديلاً للنظام البرلماني.
واعتُقل دميرتاش (44 عاماً)، الذي سبق له خوض الانتخابات الرئاسية في أغسطس (آب) 2014 منافساً للرئيس الحالي رجب طيب إردوغان، مع عشرة من نواب حزبه بالبرلمان في نوفمبر 2016 مع اتساع نطاق عمليات التطهير التي أعقبت محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) من العام نفسه، والتي اتهمت السلطات حركة الخدمة بزعامة الداعية التركي المقيم في أميركا منذ العام 1999 فتح الله غولن بتدبيرها، لتطول أوساط المعارضة الكردية.
ويواجه دميرتاش اتهامات بإدارة «منظمة إرهابية» والقيام بدعاية إرهابية و«التحريض على ارتكاب جرائم»، والتي تصل عقوبات السجن عنها بمدة تصل إلى 142 سنة. وأعلن دميرتاش في مطلع يناير (كانون الثاني) في رسالة عبر محاميه أنه لن يترشح لولاية جديدة على رأس الحزب حتى يتيح الفرصة لقيادة جديدة تتولى زمام الأمور في المرحلة المقبلة التي تشهد الاستعداد للانتخابات.
وانتخب أعضاء الحزب، أمس، العضو السابق بالبرلمان التركي سيزاي تيميلي (54 عاماً) رئيساً للحزب خلفاً لدميرتاش، في حين انتخبت النائبة بروين بولدان (50 عاماً) رئيسة مشاركة للحزب لتخلف نائبة رئيس البرلمان، سيربيل كمال باي، التي تولت المنصب أساساً خلفاً للقيادية الكردية السابقة فيجن يوكسكداغ، التي اعتقلت أيضاً بتهم دعم الإرهاب. ويختار الحزب، عادة، رجلاً وامرأة رئيسين مشاركين له؛ تأكيداً منه على مبدأ المساواة بين الجنسين.
وأصدرت السلطات التركية الأسبوع الماضي قراراً باعتقال كمال باي بتهمة دعم الإرهاب ضمن أكثر من 500 من أعضاء «حزب الشعوب الديمقراطي» ومؤيديه اعتقلوا بسبب رفضهم لعملية «غصن الزيتون» العسكرية التي ينفذها الجيش التركي بمساعدة «الجيش السوري الحر» في مدينة عفرين في شمال سوريا، والتي تهدف إلى تطهير المدينة من مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية.
و«الشعوب الديمقراطي» هو الحزب الوحيد في البرلمان التركي الذي يعارض «عملية عفرين» ضد وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة «منظمة إرهابية»، غير أنها مدعومة من الولايات المتحدة بصفتها حليفاً في الحرب على تنظيم داعش الإرهابي.
وعقد المؤتمر العام للحزب وسط حراسة أمنية مشددة في أنقرة، حيث احتشد آلاف من أنصار الحزب ملوحين براية الحزب الذي يتخذ من الشجرة شعاراً له. وقالت بروين بولدان أمام مناصري الحزب في كلمة عقب انتخابها رئيساً مشاركاً للحزب: إن «الحل ليس مع الحرب، بل السلام، ليس مع الموت أو القتل، إنه مع الحياة وترك الآخرين يعيشون». وأكد أنصار الحزب، أن حزبهم لن ينسى دميرتاش أو يوكسكداغ، وسيقفون خلف قيادته الجديدة في الوقت نفسه.
ويتهم إردوغان والسلطات التركية «حزب الشعوب الديمقراطي» بأنه واجهة سياسية لحزب العمال الكردستاني الذي يعتبره الاتحاد الأوروبي وتركيا والولايات المتحدة «إرهابياً». غير أن الحزب الذي يشكل ثالث كتلة في البرلمان، يرفض هذه المزاعم، مؤكداً أنه مستهدف بسبب معارضته الشديدة لإردوغان. ويقول الحزب: إن 3300 من أعضائه اعتقلوا منذ يوليو 2015 عندما انهار وقف إطلاق نار هش بين القوات التركية وحزب العمال الكردستاني. وأوضح المتحدث باسم الحزب إيهان بيلكن، أن «هذه الأجواء من الضغوط منتشرة وممنهجة ومتجذرة إلى حد أننا ندرك أن علينا تعاطي السياسة في هذه الظروف».
وخلال المؤتمر، عرض المنظمون على شاشة عملاقة صوراً لزعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل عبد الله أوجلان.
وفي رسالة مكتوبة تليت خلال المؤتمر العام للحزب، قال دميرتاش: «إذا كان ردهم (حكومة إردوغان) على المقاومة هو اعتقالنا، يمكنهم أن يبنوا ألف سجن إضافي، لن يجدوا مكاناً يسعناً جميعاً». وحالياً يوجد 9 نواب من الحزب في السجن، كما أسقطت عضوية خمسة من نوابه الـ59 الذين انتخبوا في البرلمان في الانتخابات المبكرة في الأول من نوفمبر 2015.
ودعا نواب البرلمان الأوروبي أنقرة الخميس الماضي، إلى إلغاء حالة الطوارئ التي طبقت في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، التي اعتبروها تستخدم لخنق «المعارضة السلمية والشرعية» وحرية الصحافة في تركيا. وفي إطار حملة التطهير الجارية في ظل الطوارئ منذ محاولة الانقلاب الفاشلة اعتقل أكثر من 60 ألف شخص، كما تم فصل أو وقف أكثر من 160 ألفاً عن العمل من مؤسسات الدولة والقطاع الخاص المختلفة بسبب مزاعم ارتباطهم بالانقلاب الفاشل.
وتمكن «حزب الشعوب الديمقراطي» من تحقيق اختراق في الانتخابات البرلمانية في 7 يونيو (حزيران) 2015 بفوزه بـ80 مقعداً من مقاعد البرلمان وعددها 550 بفضل شخصية دميرتاش، الذي يطلق عليه «أوباما الكردي»، والذي عمل على تحويل الحزب إلى تنظيم يساري حديث وتقدمي، مستقطباً مؤيدين من خارج القاعدة الكردية.
واعتقل دميرتاش، الذي قاد الحزب لثماني سنوات، في 4 نوفمبر 2016 مع 10 نواب من حزبه بعد أن وسعت السلطات ما تسميه «حملة التطهير» التي أطلقتها عقب محاولة الانقلاب الفاشلة. وتم توقيف دميرتاش ونواب حزبه بموجب تعديل دستوري أقره البرلمان التركي في مايو (أيار) من العام الماضي يسمح برفع الحصانة البرلمانية عن النواب المتهمين في قضايا منظورة بالمحاكم اعتبرته منظمات حقوقية تشديداً، القصد منه التضييق على المعارضة. ويعد وجود دميرتاش، وهو محام بالأساس، في السجن ضربة كبيرة لـ«حزب الشعوب الديمقراطي» الذي يستعد لانتخابات مهمة محلية وبرلمانية ورئاسية في 2019، ويشك الكثيرون في أن يتمكن الحزب من تكرار الإنجاز الذي حققه عام 2015، حيث حرم حزب العدالة والتنمية الحاكم من الأغلبية المطلقة للمرة الأولى منذ عام 2002.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».