واصلت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء خلال اليومين الماضيين استنطاق المتهمين على خلفية احتجاجات الحسيمة، وعددهم 54 متهماً. وركزت أسئلة القاضي على التمويل الخارجي للاحتجاجات، ودعوات الانفصال، وعلى ممارسة المحتجين العنف ضد رجال الأمن، إضافة إلى الهياكل التنظيمية للنشطاء من لجان واجتماعات. فيما ركزت أسئلة النيابة العامة على دحض ادعاءات تعرض معتقلي الاحتجاجات للتعذيب. واحتد جدل بين النيابة العامة ودفاع المتهمين حول مسألة استعمال المتهمين كشهود. فبينما اعترض الدفاع على بعض أسئلة النيابة العامة التي تهدف إلى استعمال شهادات المتهمين بعضهم ضد بعض، اعترض ممثل النيابة العامة بدوره على أسئلة الدفاع للمتهمين إن كانوا عاينوا خلال مدة اعتقالهم تعرض معتقلين آخرين للتعذيب. وقال ممثل النيابة العامة: «لسنا بصدد متابعة تتعلق بالتعذيب، فلا أحد هنا متهم بالتعذيب». وفي رده على ادعاء أحد أعضاء الدفاع بوجود تزوير في المحاضر، قال ممثل النيابة العامة: «قدِّموا لنا شكوى بالتزوير وسنفتح تحقيقاً في ذلك». ونفى المتهمون الذين استنطقهم القاضي تلقّي دعماً مالياً من الخارج، مشيرين إلى أن العديد من الأسر في الحسيمة تعيش على تحويلات أبنائها المهاجرين في أوروبا.
ونفى المتهم شاكر المخروط، أحد زعماء الاحتجاجات، أن يكون المحتجون تلقوا أموالاً من جهات خارجية. وقال للقاضي إن النشطاء كانوا يضعون كيساً من الكرتون خلال اجتماعاتهم في جانب، ويضع فيه كل واحد مبلغاً مالياً حسب قدرته، للمساهمة في مصاريف تنظيم المظاهرات. نافياً تلقي أموال من الخارج، ووجود لجان قارة لاحتجاجات، غير أنه قال إن النشطاء ينشئون لجاناً عند تنظيم أي شكل احتجاجي وتنتهي مهمتها بعد انتهاء الشكل الاحتجاجي.
وحول «حكومة الريف»، التي نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وظهر فيها اسم المخروط وزيراً للاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، قال المخروط إنها مجرد دعابة، نافياً ممارسة المحتجين أي عنف ضد رجال الأمن. وقال إن المواقع التي حدث فيها العنف كانت في ضواحي الحسيمة، داعياً القاضي إلى كشف الحقيقة عنها. وأضاف المخروط أن الحسيمة عرفت احتجاجات سلمية لزهاء 7 أشهر، وكانت هذه الاحتجاجات تتم على بُعد أمتار من مفوضية الشرطة، ولم تعرف أي مواجهات مع الأمن.
وفي رده على تهم المس بأمن الدولة والتحريض على التآمر على الوحدة الترابية، نفى المخروط هذه التهم. أما بخصوص ما إذا كانت الاجتماعات التي شارك فيها قانونية، أجاب المخروط أن هذه الاجتماعات «كانت تجري في مقاهٍ وأماكن عمومية، ولذلك فهي مشروعة بقوة القانون... ولو كان الموضوع هو التآمر على أمن الدولة والوحدة الترابية فهل كنا سننقلها على الهواء في مواقع التواصل الاجتماعي. نحن كنا متضررين وأردنا أن نوصل شكوانا بشكل حضاري للمسؤولين».
وحول الشعار المتعلق بـ«عسكرة» الريف، قال المخروط إنه شخصياً مع مجموعة من النشطاء ناقشوا الأمر مع والي الجهة الشرقية (محافظ المنطقة)، وطلبوا منه تنظيم ندوة حول ظهير العسكرة لتنوير الرأي العام. مشيراً إلى أن مظاهر العسكرة كانت ظاهرة في المدينة، وأضاف أن اعتبار منطقة الحسيمة «منطقة عسكرية بظهير (مرسوم ملكي) حرم هذه المنطقة من التنمية ومن قدوم الاستثمارات»، مشيراً إلى أن المطالبة برفع العسكرة عن المنطقة يدخل في صميم المطالب التنموية والاجتماعية للسكان. وفي رده على سؤال للقاضي، قال رجل الأعمال إلياس حاجي، المتهم بالمساهمة في تمويل الاحتجاجات، إن الـ2000 درهم (217 دولاراً) التي تلقاها عبر شركة تحويل الأموال من حياة بوليلي المقيمة في فرنسا، كانت مقابل دين له في ذمة ناصر الزفزافي، متزعم احتجاج الريف. وعرض القاضي على المتهمين أشرطة فيديو ومكالمات هاتفية وصوراً ضمن وسائل الإثبات، كما عرض عليهم أسماء أشخاص بعضهم يوجدون خارج المغرب. وتبرأ المتهمون من عدة أسماء معروفة بتوجهاتها الانفصالية.
المغرب: معتقلو احتجاجات الحسيمة يتشبثون بالطابع السلمي لمطالبهم
المغرب: معتقلو احتجاجات الحسيمة يتشبثون بالطابع السلمي لمطالبهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة