تونس: أحزاب اليسار تحيي ذكرى اغتيال شكري بلعيد

TT

تونس: أحزاب اليسار تحيي ذكرى اغتيال شكري بلعيد

أحيت مجموعة من الأحزاب اليسارية التونسية أمس الذكرى الخامسة لاغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد في السادس من فبراير (شباط) 2013، ووجهت اتهاماتها من جديد إلى تحالف «الترويكا» بزعامة حركة النهضة. وقالت قيادات هذه الأحزاب إن هذا التحالف السياسي، الذي حكم تونس خلال فترة أول اغتيال سياسي بعد ثورة 2011، يعد المسؤول من الناحية الأخلاقية والسياسية على عملية الاغتيال، وهو ما نفته قيادات حركة النهضة في أكثر من مناسبة، مؤكدة أن عملية الاغتيال أدت في النهاية إلى مغادرتها السلطة مرغمة في نهاية السنة ذاتها.
ونظم حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد) أمس اجتماعاً ضم رؤساء عدة أحزاب سياسية، خاصة من تحالف الجبهة الشعبية الذي ينتمي له بلعيد، كما عقد مؤتمرا صحافيا قدم خلاله زياد الأخضر، القيادي في حزب الوطد، آخر المعطيات حول هذا الملف.
وقالت بسمة الخلفاوي، أرملة شكري بلعيد، لـ«الشرق الأوسط» إن جريمة الاغتيال «لا تزال غامضة إلى حد الآن، ولم يتم الكشف عن تفاصيلها رغم مرور خمس سنوات على وقوعها»، مؤكدة أن حركة النهضة هي المستفيد الوحيد من عملية الاغتيال على حد تعبيرها. كما أشارت إلى الوعود التي قدمتها الرئاسات الثلاثة، بما فيها الرئيس الباجي قائد السبسي، وقالت إنه لم يتحقق منها أي شيء بعد خمس سنوات.
من جهته، أشار عبد المجيد بلعيد، شقيق شكري بلعيد، خلال اجتماع خصص لإحياء ذكرى اغتياله، إلى وجود نقاط استفهام عديدة لا تزال تحيط بقضية الاغتيال، معتبراً أن الوعود التي تقدمت بها السلطات لكشف الحقيقة لم تجد طريقها إلى التنفيذ، ليظل الملف يراوح مكانه، ومن بينها الاقتراح الذي تقدمت به قيادات سياسية مقربة من شكري بلعيد لاعتبار يوم اغتياله «يوما وطنيا لمناهضة العنف».
ولتبرير عدم تنفيذ بعض الوعود التي قدمت لأسرة بلعيد، قال عبد المجيد بلعيد إن أطرافا سياسية تسعى إلى قبر الحقيقة، واتهم توافق النهضة والنداء بعرقلة كل جهود استجلاء ملابسات التي تحيط بعملية الاغتيال، على حد قوله.
بدوره، قال زياد الأخضر، رئيس حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد) والقيادي في تحالف الجبهة الشعبية اليساري، إن علي العريض، وزير الداخلية في الحكومة التي تزعمتها حركة النهضة، مطالب بتوضيح ما حدث خلال تلك الفترة، مؤكداً تمسك حزب الوطد بـ«كشف الحقيقة إلى أن يجد الملف طريقه إلى محاكمة عادلة، يتحمل فيها كل من اقترف جرما المسؤولية الجزائية، التي يستحق، مهما كان الفاعل، ومهما كان موقعه الذي تخفى وتحصن به». واعتبر أن «حصيلة ملف اغتيال بلعيد لم تتقدم كثيرا، رغم مرور 5 سنوات على تلك الجريمة، ونحن لا نستغرب تعطل مسار كشف الحقيقة. فمن كانوا بالأمس أعداء حركة النهضة أصبحوا اليوم معها ويقفون إلى جانبها، وفيهم من يرى فيها حبل النجاة، أمام تفتت أحزابهم وتجاذباتهم السياسية»، في إشارة إلى حزب النداء، الحليف القوي لحركة النهضة.
وجدد الأخضر التأكيد على «تمسك حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد»، و«الجبهة الشعبية» بهذه القضية وبمواصلة الجهود من أجل كشف الحقيقة.
وكانت هيئة الدفاع في ملف الاغتيال قد طالبت المحكمة بتوجيه استدعاء رسمي إلى وزير الداخلية آنذاك، وبعض المسؤولين في جهاز الأمن، مثل العريض ومحرز الزواري، وغيرهما من المسؤولين، من أجل التحقيق معهم في ملف الاغتيال، إلا أن المحكمة لم تستجب لطلبها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».