«مجتمع السلم» الجزائرية: لا فائدة من تنظيم انتخابات رئاسية

بحجة أن أموال النفط ستنضب في 2019

TT

«مجتمع السلم» الجزائرية: لا فائدة من تنظيم انتخابات رئاسية

قال رئيس أكبر حزب إسلامي بالجزائر إن انتخابات الرئاسة المرتقبة في 2019 «عديمة الجدوى»، مبرزا أن «مرشح التوافق» الذي تبحث عنه المعارضة تحسبا للموعد نفسه: «عديم الجدوى» أيضا، على اعتبار أنه أيا كان الرئيس الذي سيحكم البلاد بعد عام، فإنه لن يتمكن من مواجهة الأزمة المالية التي تتخبط فيها البلاد، حسب رأيه.
وذكر عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم»، في تصريحات لصحافيين، أنه «في الوقت الذي يهتم فيه ناشطون بالساحة السياسية بالانتخابات الرئاسية، وبمن يكون رئيسا للجمهورية، يتجه اهتمامنا نحن في حركة مجتمع السلم إلى هذه الآفاق الخطيرة... آفاق اقتصادنا الوطني. وبدل أن نهتم بمن يكون رئيسا ومن نصارع، ومن نحالف وكيف ننافس ومن ننافس، يتركز اهتمامنا حول البحث عن السبل لإنقاذ البلد وفتح آفاق مستقبلية واعدة. وعوضا عن البحث عمن سيحكم البلد، يسيطر على تفكيرنا كيف سيحكم البلد».
ويدور في الجزائر، حاليا، جدل حاد حول رغبة مفترضة لدى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتمديد حكمه. وفي المقابل أطلق الحزب المعارض «جيل جديد»، مبادرة تتمثل في اتفاق المعارضة على «مرشح توافقي» يشارك في رئاسية 2019.
وأطلق بهاء الدين طليبة، برلماني «جبهة التحرير الوطني» (حزب الرئيس بوتفليقة)، ورجل الأعمال المعروف بولائه الشديد للرئيس «تنسيقية لدعم الولاية الخامسة للرئيس»، وهو ما أثار غضب أمين عام «الجبهة» جمال ولد عباس، الذي أعلن أمس في مؤتمر صحافي بالعاصمة، أنه أحال طليبة على هيئة الانضباط تمهيدا لفصله من صفوف الحزب. وقال ولد عباس إنه لا أحد كلف البرلماني بفعل أي شيء بخصوص ترشح الرئيس المفترض لفترة خامسة.
وأفاد مقري بأن «ذوبان مخزون العملة الصعبة (في حدود 90 مليار دولار حاليا بعد أن كانت 190 مليار دولار نهاية 2013)، حقيقة حتمية في حدود سنتين إلى ثلاث سنوات. والحكومة تعلم أن لمشكل الأزمة البترولية في الجزائر ثلاثة أبعاد، كل واحد منها أخطر من الآخر: ثمة أولا مشكل الأسعار، حيث لا يتحقق توازن ميزانية الدولة بأقل من 120 دولارا، وهو احتمال غير وارد عند أكثر المحللين الاقتصاديين تفاؤلا، ورغم موجة البرد التاريخية في كثير من الدول، وخصوصا الأوروبية، لم يرفع ضغط الطلب السعر إلى 75 دولارا حتى الآن. ثانيا تراجع الإنتاج، حيث تدل الدراسات الحديثة على أن الذروة البترولية في الجزائر كانت في 2006، وأن الاكتشافات الجديدة كلها قليلة، والحصيلة بعيدة كل البعد عن أحجام البئرين حاسي مسعود وحاسي الرمل»، وهما من أكبر حقول النفط بصحراء الجزائر.
أما «البعد الثالث»، بحسب مقري، فهو أن الجزائر «تستهلك قرابة نصف ما تنتج من الغاز، ومن هنا إلى سنة 2025 يصعب عليها أن تصدر شيئا من البترول، وفي 2030 يصعب حقا أن تصدر شيئا من الغاز، لأنها ببساطة ستستهلك في تلك الآفاق ما تنتجه. وحتى إن تمكنت الجزائر من إنتاج الغاز الصخري، فستكون أسعاره في السوق العالمية رخيصة لوفرته في كثير من الدول، وذلك دون الحديث عن الأخطار البيئية التي سيخلفها».
يشار إلى أن «مجتمع السلم» شاركت في حكومات بوتفليقة بعدة وزراء إلى 2012 تاريخ طلاقها مع الرئيس على خلفية ثورات «الربيع العربي». وكان الإسلاميون الجزائريون يعتقدون أن موجة تغيير الأنظمة بالمنطقة العربية حينها ستطال الجزائر، غير أن ذلك لم يحدث.
وأمام هذا الوضع تساءل مقري «أي انتخابات رئاسية نتحدث عنها والآفاق هي كما هي، لم يتغير منها شيء؟ وأي ولاية خامسة يريدها السيد رئيس الجمهورية إذا كان يريد ذلك فعلا؟ وأي جزائر سيحكمها؟ وبأي مال سيشتري به الزبائن السياسيين وأصحاب المصالح؟»، مضيفا أنه «لم يبق للجزائر بعد ضياع الفرص والأوقات والموارد، إلا التوافق بين جميع الفاعلين في الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لإنقاذ الموقف... ولنسم ذلك ما نشاء: انتقالا ديمقراطيا، أو تحولا ديمقراطيا، أو انتقالا سياسيا، أو انتقالا اقتصاديا، أو إجماعا أو تفاوضا أو توافقا أو تفاهما أو تآلفا، أو تحالفا... لا تهم الأسماء، المهم أن ينتبه الجزائريون إلى أنهم يوشكون على الغرق».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».