المغرب: مطالب بمنع تمثيل النواب في مجلس حقوق الإنسان

TT

المغرب: مطالب بمنع تمثيل النواب في مجلس حقوق الإنسان

طالبت جمعيات مدنية مغربية بمنع عضوية نواب البرلمان داخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وذلك ضماناً لاستقلالية المجلس عن الأحزاب السياسية.
وجاء موقف الجمعيات الحقوقية متناغماً مع موقف الحكومة، وذلك بعد الجدل الذي أثارته فرق الأغلبية البرلمانية عندما أصرت على إدخال تعديل على المادة 35 من مشروع القانون رقم 76.15، المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي أحيل أمس إلى الجلسة العامة لمجلس النواب قصد المصادقة عليه، والذي يقضي بمنح عضوية داخل المجلس لأربعة برلمانيين، رغم معارضة الحكومة والمجلس نفسه لهذا التعديل.
وقالت: «المنظمة المغربية لحقوق الإنسان»، وجمعية «عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة»، و«المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف»، إنها تابعت «بقلق شديد» النقاش الذي دار حول مشروع القانون في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، لا سيما فيما يتعلق بالمادة 35، حيث طالبت فرق الأغلبية بالتنصيص على تمثيلية أربعة برلمانيين داخل المجلس.
وقالت المنظمات الثلاث في بيان أصدرته أمس إن «عضوية البرلمانيين داخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان لا تنقص من استقلالية المؤسسة، لكن عدم تمثيلهم داخل المجلس سيعزز ويقوي استقلاليته ومصداقيته»، مشيرة إلى أن النقاش الدائر حول هذه «التمثيلية»، والذي أخذ أبعادا سياسية وحزبية، من شأنها التأثير على مردودية المجلس، وصورته في الخارج.
وطالبت المنظمات الحقوقية «بعدم تمثيلية البرلمانيين داخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تحصينا لاستقلاليته التامة عن الأحزاب السياسية»، موضحة أن موقفها يأتي تماشياً مع المبادئ التوجيهية للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، التي أوصت بأنه «يجب على المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان أن تبقى غير متحزبة، ومستقلة في علاقتها بالبرلمان، وأن تسعى إلى إقامة علاقات مع جميع الأحزاب والفصائل السياسية، كما يجب أن تبقى فوق الأمور السياسية المتحزبة، وهذا يعتبر مهما في استقلاليتها ومصداقية المؤسسة».
ودافع نواب الأغلبية بشدة عن تعديلاتهم، بمن فيهم نواب حزب العدالة والتنمية، الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة مع وزير ينتمي إلى حزبهم هو مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان، الذي برر رفضه لهذا التعديل بوجود حالة تنافي بين العضوية في المجلس وعضوية البرلمان، وبضرورة الحفاظ على استقلالية المجلس من التجاذبات الحزبية، فضلاً عن كون البرلمان يتوفر على آليات أخرى للرقابة مثل لجان تقصي الحقائق.
ورأى معارضو التعديل أيضا أن تمثيل النواب داخل المجلس سيضعهم في وضع «تداخل المهام»، فيما ربط البعض تشبث النواب بعضوية المجلس بالتعويضات المالية التي سيتلقونها نظير تمثيلهم فيه، وهو ما عده النواب «مزايدة» عليهم. بيد أنه من المرجح أن يسحب نواب الأغلبية تعديلاتهم، ويصوتوا في الأخير لفائدة مشروع الحكومة بتوجيه من قيادات أحزابهم.
من جهة أخرى، رفضت الهيئات الحقوقية المغربية بـ«شكل مطلق»، تعديلاً آخر لفرق الأغلبية، يقضي بتغيير الجهة المكلفة اختيار ممثلي المجتمع المدني داخل المجلس من طرف رئيسي غرفتي البرلمان، كما نص على ذلك مشروع القانون، واقترحت أن توكل هذه المهمة إلى لجنة مكونة من رئيس المجلس الأعلى للحسابات، ورئيس محكمة النقض، والأمين العام للمجلس العلمي الأعلى. وأعلنت المنظمات الحقوقية تمسكها «بالصيغة الأصلية الواردة في مشروع الحكومة»، والمتمثلة في اختيار ممثلي الجمعيات من قبل رئيسي مجلسي البرلمان بعد استشارة الفرق البرلمانية، مع رفع عدد الجمعيات إلى 15 بدلاً من 8.
يذكر أن مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان يأتي في إطار استكمال إرساء المنظومة الوطنية لحماية حقوق الإنسان، والنهوض بها في المغرب، وذلك بتخويل المجلس اختصاصات الآلية الوطنية للتظلم الخاصة بالأطفال ضحايا انتهاكات حقوق الطفل، وآلية تعزيز وحماية وتتبع تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وكذا الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.