محكمة الدار البيضاء تستمع للمتهم بإخفاء متزعم حراك الريف

TT

محكمة الدار البيضاء تستمع للمتهم بإخفاء متزعم حراك الريف

استمعت محكمة الاستئناف في الدار البيضاء، صباح أمس، إلى الشخص الذي أخفى ناصر الزفزافي، وشخصين آخرين في بيت بضاحية الحيسمة، قبل اعتقال هذا الأخير نهاية مايو (أيار) الماضي. وكان الزفزافي آنذاك مبحوثا عنه بعد حادث عرقلة صلاة الجمعة، واتهامه من طرف السلطات المغربية بتلقي أموال ومساعدات من الخارج، بهدف زعزعة استقرار البلاد.
وتواصل المحكمة للأسبوع الثالث الاستماع إلى المتهمين على خلفية احتجاجات الريف في شمال المغرب، وعددهم 54 متهما، يواجهون تهما ثقيلة تتضمن تهديد الوحدة الترابية للمملكة، والمس بأمن الدولة والعصيان المسلح، والمشاركة في مظاهرات غير مرخص بها. وتم الاستماع حتى الآن إلى 13 متهما.
وخلال جلسة أمس، سرد المتهم أحمد هزاط أمام القاضي اللحظات الأخيرة قبل اعتقال الزفزافي. وقال هزاط في إفادته، إنه في ليلة الأحد 28 مايو الماضي، وبينما كان في مقهى ببلدته بضاحية الحسيمة بعد الإفطار في رمضان، أخبره صديقه فهيم لغطيس في اتصال هاتفي أنه بحاجة إلى سيارة لمغادرة مدينة الحسيمة رفقة شخصين آخرين. وأضاف أنه اتصل بصاحب سيارة يمارس مهنة النقل من دون ترخيص، يدعى مازوز، ورافقه إلى الحسيمة على متن سيارته، وعادا ومعهما ناصر الزفزافي وفهيم، وشخص ثالث يدعى محمد الحاكي. وصرح أنه دعا النشطاء الثلاثة إلى بيته لتناول السحور قبل أن يصحبهم إلى منزل في ملك أحد أقربائه ليقضوا الليلة هناك. لكن هزاط أنكر أن يكون على علم بأن الزفزافي فار من العدالة، وأنه مبحوث عنه.
وسأله القاضي عن أحداث الجمعة السابقة لذلك اليوم، فقال هزاط إنه كان في العمل وسمع بحدوث مناوشة بين الزفزافي وإمام المسجد خلال صلاة الجمعة، مضيفا أنه بعد خروجه من العمل التحق بالوقفة الاحتجاجية قرب بيت الزفزافي التي شارك فيها. ونفى أن يكون شاهد أي عنف خلال تلك الوقفة، كما نفى علمه بما كان يجري في بيت الزفزافي.
وعرض عليه القاضي شريط فيديو حول تلك الأحداث، الذي يظهر فيه الزفزافي على سطح بيته، فيما تجمهر المحتجون حول البيت لمنع قوات الأمن من الوصول إليه. كما يظهر الفيديو جانبا من المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن، ثم صوت يعلن بأن «الزفزافي في أمان». لكن هزاط رد بأنه كان في موقع بعيد عن بيت الزفزافي، وأنه رغم مشاركته في الوقفة الاحتجاجية، لم يسمع خطاب الزفزافي من سطح بيته، ولم يشهد أي مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن.
وعندما عرض القاضي على هزاط عدة وثائق من حسابه في «فيسبوك»، ضمنها لائحة لوزراء حكومة الريف، بينهم ناصر الزفزافي كرئيس للحكومة، أجاب هزاط بأن ذلك مجرد هزل، وأن العالم الافتراضي في «فيسبوك» مليء بالأشياء الغريبة، مؤكدا أنه شارك في العديد من المظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي نظمت في الحسيمة، وأن هدفها رفع مطالب اقتصادية واجتماعية للسكان وعلى رأسها الشغل والصحة والتعليم.
وفي سياق متصل، أعلنت منظمة «هيومان رايتس ووتش» أمس، أن على السلطات المغربية أن «تعيد النظر بشكل عاجل» في الحكم الصادر بحق الناشط في الحراك الاجتماعي في شمال البلاد المرتضى أعمراشا، مشيرة إلى أنه يستند إلى اعترافات «قسرية على ما يبدو».
وقضت محكمة مغربية في نهاية 2017 بالسجن خمس سنوات بحق أعمراشا (31 عاما)، لإدانته بتهمة «تمجيد الإرهاب والتحريض» عليه، على أن يمثل أمام محكمة استئناف اعتبارا من اليوم الأربعاء.
ويعد أعمراشا ناشطا بارزا في الحراك الذي هز شمال المغرب نهاية العام الماضي، للمطالبة بتوفير الوظائف لسكان الريف الفقير.
ولفتت «هيومان رايتس ووش» إلى أن الناشط أدين بصورة خاصة بسبب تعليق نشره على صفحته في «فيسبوك» بشأن الاعتداء الذي أودى بالسفير الروسي في تركيا في ديسمبر (كانون الأول) 2016، إضافة إلى تعليق آخر روى فيه أنه سخر من صحافي أبدى شكوكا بشأنه، فرد عليه أنه تلقى أمرا من «زعيم القاعدة(...) بإدخال أسلحة إلى الريف». وأكد محامو الناشط ووسائل إعلام مغربية مرارا أن هذه التعليقات كانت من باب السخرية.
وتابعت «هيومان رايتس ووتش»، أنه بعدما أوقفه المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للاستخبارات الداخلية، وحقق معه «تم استجوابه بصورة خاصة بشأن تنظيم الحراك وتفاصيل العمليات»، بحسب ما أفاد محامو أعمراشا.
وقالت المنظمة، نقلا عن أحد المحامين، إن الناشط أعلن أمام قاضي محكمة سلا أنه «أرغم على توقيع المحضر، الذي أعده رجال الشرطة تحت التهديد بـ(نشر صور خاصة لزوجته)».
وقالت سارة لي ويتسون، مديرة «هيومان رايتس ووتش»، لـ«الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا، إن هذه المحكمة «لم تحقق في المزاعم حول اعترافات قسرية، واستندت حصرا على هذه الاعترافات» لإصدار حكمها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.