صلاح عبد السلام التزم الصمت ورفض الوقوف أمام رئيسة المحكمة

خلال جلسة محاكمته في قضية إطلاق النار على الشرطة في بروكسل

رسم للعياري ولعبد السلام في أول ظهور لهما في المحكمة (رويترز)
رسم للعياري ولعبد السلام في أول ظهور لهما في المحكمة (رويترز)
TT

صلاح عبد السلام التزم الصمت ورفض الوقوف أمام رئيسة المحكمة

رسم للعياري ولعبد السلام في أول ظهور لهما في المحكمة (رويترز)
رسم للعياري ولعبد السلام في أول ظهور لهما في المحكمة (رويترز)

إجراءات أمنية غير مسبوقة في محيط قصر العدل العاصمة البلجيكية ببروكسل، وحضور إعلامي مكثف، إلى جانب ممثلي عائلات الضحايا من جمعيات وحقوقيين، كل ذلك لحضور أول جلسة استماع في قضية إطلاق النار على عناصر الشرطة يحاكم فيها المغربي الأصل صلاح عبد السلام والتونسي سفيان العياري، وفي تصريحات «لـ«الشرق الأوسط» قال براونو تاينتيل، الصحافي في الراديو البلجيكي، الذي كان واقفا في طابور انتظار طويل قبل الدخول إلى قاعة المحكمة «400 صحافي سجلوا أسماءهم لحضور الجلسة»، وتابعت «الشرق الأوسط» هذا التواجد الأمني المكثف، كما تابعت أشخاصا من عائلات الضحايا والمدافعين عن حقوقهم، والجميع وجدوا قبل السادسة صباحا لأنه حدث مهم، وجاءوا ليستمعوا ماذا سيقول عبد السلام، وهي أول جلسة لشخص له علاقة بالتفجيرات التي ضربت بلجيكا وفرنسا وأودت بحياة الكثير من الضحايا.
إلى ذلك, علّق القضاء البلجيكي إلى الخميس المقبل، جلسات محاكمة صلاح عبد السلام، الناجي الوحيد من منفّذي اعتداءات 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 في باريس، والمتهم بإطلاق النار على شرطيين في العاصمة البلجيكية في مارس (آذار) 2016.
كان من المقرر عقد جلسة استماع ثانية، اليوم (الثلاثاء)، لكنها أُلغيت لإفساح المجال أمام سفين ماري، محامي عبد السلام، لتحضير مرافعته، حسب ما أعلنت رئيسة المحكمة ماري فرانس كوتجن.
ويمكن بذلك أن تنتهي المحاكمة الخميس المقبل، بينما كان من المفترض قبلاً أن تمتد على 4 أيام، أي حتى الجمعة مع توقف الأربعاء.
ويُفسَّر تسريع الإجراء جزئياً بامتناع عبد السلام عن الإجابة عن الأسئلة.
وكان رئيس المحكمة الابتدائية في بروكسل لوك هينار، الذي نظم جلسة الاستماع، قد قال قبل بدء الإجراءات إنه «من غير المستبعد أن تسير الجلسات بشكل أسرع مما كان مقرراً، الأمر رهن موقف المتهمين».
وأضاف هينار: «إذا اختارا التزام الصمت فمن الواضح أن الإجراءات ستكون أسرع».
ومن المقرر أن يدلي اثنان من محامي الادعاء بالحق المدني الأربعة بمرافعاتهما صباح الخميس، قبل أن يأتي دور مرافعات محامي عبد السلام وشريكه سفيان عياري. وكان الادعاء قد طلب بعد الظهر بإنزال عقوبة السجن 20 عاماً بحق كل منهما.
وخلال الجلسة الصباحية وصل عبد السلام يرتدي قميصا أبيض وله لحية كثيفة وشعره طويل، ولهذا اختلف شكله كثيرا عن الشكل الذي كان معروفا من قبل من خلال الصور التي نشرته له في وسائل الإعلام المختلفة كما جاء معه زميله سفيان، يرتدي ملابس داكنة اللون وله أيضا لحية وشعر طويل، وطلب المحامي البلجيكي ماري سفين نيابة عن موكله عدم حضور أي كاميرات للتصوير. وبعد إعلان رئيسة المحكمة التأكد من حضور المطلوبين، رفض صلاح عبد السلام الإجابة على أسئلة رئيسة المحكمة، بل ورفض الوقوف عندما طلبت منه ذلك، مبررا ذلك بأنه مرهق، معلقا على الأمر بأنه يثق في أن المسلمين لا يتمتعون بالحرية والعدالة في هذه البلاد، بل يدانون سلفا. وأبلغ عبد السلام القاضية بأنه لا يخاف المحكمة وإنما سيلتزم الصمت، وهو الأمر الذي كان له وقع سلبي على الحضور.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال فيليب ديبرو، رئيس جمعية حقوق ضحايا تفجيرات باريس، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015: «موقف عبد السلام خلال الجلسة كان مستفزا للغاية، فقد رفض الإجابة على الأسئلة، ورفض التعاون مع العدالة البلجيكية التي تتطابق تقريبا مع العدالة الفرنسية، وكنا نريد أن يظهر عبد السلام بعض الحقائق ويعطي لنا بارقة أمل بالنسبة للمستقبل لأهل الضحايا». من جانبه، تحدث المشتبه به سفيان العياري خلال الجلسة ونفي عن نفسه أن يكون مسلما متشددا، وقال إنه سافر في 2014 إلى سوريا طواعية دون أن يخبر عائلته، كما نفى أمام القاضية أن يكون قد شارك هو أو صلاح عبد السلام في إطلاق النار على الشرطة في منتصف مارس (آذار) 2016، ورفض سفيان الإجابة على أسئلة أخرى، ومنها هل شارك في القتال ضمن صفوف داعش أم لا؟.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» قال المحامي جيوم لايس، أحد المشاركين في الدفاع عن حقوق المطالبين بالحق المدني، قال: «أعتقد أنها لحظة صعبة بالنسبة لعائلات الضحايا الذين جاءوا للحصول على العديد من الأجوبة بشأن تساؤلات كثيرة وهم مصممون على مطالبهم ويأملون من الطرف الآخر، وهو عبد السلام، أن يتعامل بالحد الأدنى من الشرف ويقول الحقيقة». وبعد أن رفعت الجلسة في الصباح لوقت قصير بسبب مشادة بين دفاع المشتبه بهم والمطالبين بالحق المدني، قررت القاضية السماح للدفاع عن الضحايا والحق المدني بالتحدث في الجلسة التي انعقدت بعد الظهر على أن تستأنف جلسات الاستماع من الجانبين على مدى أيام الأسبوع الحالي. ووصف البعض من المراقبين ما حدث بأن الأمر كان متوقعا، وقال سباستيان رالف، الصحافي البلجيكي: التزام صلاح عبد السلام الصمت أمام المحققين منذ اعتقاله قبل ما يقرب من عامين استمر أيضا خلال الجلسة الأولى من جلسات محاكمته التي انطلقت أمس في بروكسل وتستمر حتى نهاية الأسبوع، وكان البعض لديه أمل أن يتحدث للمرة الأولى، ولكن البعض الآخر توقع أن يستمر الصمت «ويُحاكم المتهمان بسبب دورهما في عملية إطلاق النار على رجال الشرطة وحيازة أسلحة غير مرخصة في إطار إرهابي».

هذا ورفض عبد السلام، الشخص الوحيد الباقي على قيد الحياة من أفراد الفريق الانتحاري الذي ارتكب هجمات باريس في 13 نوفمبر 2015، الرد على أسئلة رئيسة المحكمة. وصلاح عبد السلام (28 عاماً) فرنسي الجنسية ومقيم في بلجيكا، وتم احتجازه في فرنسا لمحاكمته لاحقاً على دوره في هجمات باريس. أما المتهم الثاني، فقد بدا متعاوناً ورد على بعض الأسئلة المتعلقة بوجوده في سوريا وكيفية انتقاله إلى بلجيكا، ولكنه نفى مشاركته في عمليات إطلاق النار على الشرطة. وكان أفراد من الشرطة البلجيكية والفرنسية يقومون بأعمال مداهمة وتفتيش لتعقب آثار الفريق الانتحاري الذي نفذ هجمات باريس، في إحدى الشقق في العاصمة بروكسل، عندما تعرضوا لإطلاق نار. وأسفر الاشتباك عن مقتل أحد الأشخاص، وفرار عبد السلام والعياري. ومن المقرر أن تستمر المحاكمة أربعة أيام، وقد تم نقل صلاح عبد السلام من سجنه في فرنسا قرب الحدود البلجيكية إلى العاصمة بروكسل فجر أمس بسرية تامة.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.