تركيا: سندخل منبج ونستهدف كل من يرتدي زي الوحدات الكردية حتى الأميركيين

أنقرة تتحدث عن مدن سكنية لاستيعاب اللاجئين

مظاهرة في مدينة عفرين الكردية شمال سوريا ضد القصف التركي على المدينة   (إ.ف.ب)
مظاهرة في مدينة عفرين الكردية شمال سوريا ضد القصف التركي على المدينة (إ.ف.ب)
TT

تركيا: سندخل منبج ونستهدف كل من يرتدي زي الوحدات الكردية حتى الأميركيين

مظاهرة في مدينة عفرين الكردية شمال سوريا ضد القصف التركي على المدينة   (إ.ف.ب)
مظاهرة في مدينة عفرين الكردية شمال سوريا ضد القصف التركي على المدينة (إ.ف.ب)

طالبت تركيا مجدداً مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية في مدينة منبج التي لمحت أنقرة مراراً إلى أنها ستكون الهدف القادم بعد عملية «غصن الزيتون» الجارية في عفرين، بمشاركة فصائل من الجيش السوري الحر، متوعدة باستهداف كل من يرتدي زي الوحدات الكردية حتى لو كان من الجنود الأميركيين، في الوقت الذي نفت فيه ما تردد بشأن تعامل قوات حرس الدود التركية مع النازحين من سوريا وإطلاق النار عليهم. وكشفت مصادر عن أن الرئيس رجب طيب إردوغان تحدث عن خطة لإقامة مدن سكنية في مناطق آمنة في سوريا لاستيعاب 3.5 مليون لاجئ سوري تستضيفهم تركيا حالياً.
وقال نائب رئيس الوزراء المتحدث باسمه الحكومة التركية، بكير بوزداغ، إنه في حال لم يخرج مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية من منبج، فإن القوات التركية وفصائل الجيش السوري الحر المتحالفة معها ستدخلها وستواصل طريقها نحو شرق نهر الفرات.
وتوعد بوزداغ باستهداف، في مقابلة تلفزيونية أمس، كل من يرتدي زي «التنظيمات الإرهابية» (في إشارة إلى الوحدات الكردية) في منبج حتى وإن كانوا «جنوداً أميركيين» بأنهم سيكونون هدفاً للجيش التركي، قائلا: «خلال هجومنا على (الإرهابيين) في منبج إذا واجهنا جنودا أميركيين يرتدون ثياب الإرهابيين فإنه ومن دون تردد لن يكون لدينا فرصة للتمييز بينهم».
وأشار بوزداغ إلى أن «القوات المسلحة التركية مجبرة على دخول منبج إن لم يخرج منها مقاتلو الوحدات الكردية، وذلك من أجل شعبنا وبقاء دولتنا ووحدة ترابنا، ومن أجل أمن حدودنا، بالإضافة إلى منع إنشاء دولة إرهابية على حدودنا».
ونفى بوزداغ ما تردد عن منح بلاده مهلة للولايات المتحدة لانسحاب عناصر الوحدات الكردية من مدينة منبج، قائلا: «لم نعطِ مهلة بتاريخ زمني، إلا أننا نتكلم بشكل واضح، بعد عملية غصن الزيتون إن لم ينسحب (الإرهابيون) من منبج، فستشنّ تركيا العملية الثالثة على هذه المنطقة (بعد درع الفرات وغصن الزيتون)».
وأكد بوزداغ مجددا عدم رغبة بلاده في الاصطدام مع الولايات المتحدة في سوريا.
من جانبه، أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين أن بلاده ليس لديها أي نية لاحتلال أي جزء من سوريا، نافياً وجود اتفاق بين أنقرة وموسكو بشأن عملية «غصن الزيتون» في عفرين، وقال إن تركيا ليس لديها أي مصلحة في احتلال أي جزء من سوريا.
وبشأن تشكيل مراكز المراقبة في إطار اتفاق خفض التصعيد في محافظة إدلب السورية، قال كالين: «نعمل على تشكيل 12 مركز مراقبة كجزء من عملية آستانة. قمنا بتأسيس 5 مراكز. ونعمل الآن على إقامة الـ7 المتبقية». وأضاف في مؤتمر صحافي في إسطنبول أمس، إنه «كان هناك بعض الخلافات، وسوء الاتصال في مرحلة ما، ولكن أعتقد أننا تجاوزنا ذلك الآن، وسنبذل قصارى جهدنا لإتمام تشكيل تلك المراكز في أقرب وقت ممكن، حتى نتمكن من تأمين منطقة إدلب، بالطريقة التي ناقشناها وقررناها في لقاء آستانة الأخير».
وبخصوص موقف تركيا من مستقبل سوريا، قال: «لا نعتقد أن بشار الأسد هو الزعيم القادر على توحيد سوريا. لقد فقد شرعيته، وقدرته على الحفاظ على سوريا موحدة بعد ارتكابه كل تلك الجرائم، سيكون هناك دستور جديد، كما ستكون هناك انتخابات (في سوريا). ذلك هو الهدف. لن يكون سهلاً. إلا أنه هو الهدف الأخير».
وعما إذا كانت تركيا تتوقع تدفق المدنيين إلى الحدود التركية في أعقاب عملية عفرين، قال كالين: «لا نتوقع حصول أي تدفق للاجئين في الوقت الراهن في الواقع نحن نتوقع تحركاً نحو عفرين». ونفى كالين صحة تقرير نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش أول من أمس ذكر أن قوات حرس الحدود التركية المنتشرة على الحدود مع سوريا تطلق النار عشوائيا وتعيد بشكل جماعي طالبي اللجوء السوريين الذين يحاولون العبور إلى تركيا، قائلا إن الجنود الأتراك مهمتهم حماية هؤلاء الناس، وإن أنقرة تنتهج «سياسة الباب المفتوح» منذ بدء الحرب الأهلية السورية عام 2011.
إلى ذلك كشفت مصادر تركية عن أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تحدث في اجتماع مغلق مع نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان، الأسبوع الماضي، عن أهمية إقامة مناطق آمنة في سوريا، قائلاً: لن نبني مخيمات للجوء بعد الانتهاء من إنشاء المناطق الآمنة، سنعمل على إنشاء وحدات سكنية، بعضها سنبنيه على أراضينا، والبعض الآخر سيكون على الجانب الثاني قريباً من الحدود السورية التركية.
وقال بحسب ما نقلت صحيفة «حرييت» عن مصادر بالاجتماع: «سيعيش السوريون الموجودون في تركيا داخل وحدات سكنية ثابتة، أي أنهم سيتمكنون من خلال هذا المشروع من العيش داخل منازل». وأضاف: «نحن ملتزمون، وسنقدم المساعدات مهما حدث، على الرغم من عدم التزام دول الاتحاد الأوروبي باتفاقهم معنا حول تقديم المساعدات للاجئين السوريين في تركيا، وسنتخذ الخطوات المناسبة ليتمكن السوريون من العيش على أراضيهم في أقرب وقت ممكن».
وعلى صعيد عملية غصن الزيتون في عفرين، التي دخلت يومها الخامس عشر أمس، نفذت المدفعية التركية المتمركزة في النقاط الحدودية، أمس، ضربات ضدّ مواقع الوحدات الكردية في عفرين وتركز القصف المدفعي العنيف على الأهداف الواقعة في محيط جبل درماك. كما واصل الجيش التركي تعزيز مواقعه في النقاط الحدودية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.