الرئاسة الفلسطينية ترفض تصريحات أميركية حول المفاوضات وتعتبرها تحريضاً

«حماس» تتظاهر دعماً لهنية بعد قرار أميركي بتصنيفه على قوائم الإرهاب... وتركيا تتضامن معه

الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
TT

الرئاسة الفلسطينية ترفض تصريحات أميركية حول المفاوضات وتعتبرها تحريضاً

الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

عبّرت الرئاسة الفلسطينية عن رفضها تصريحات نُسبت إلى مسؤول أميركي رفيع المستوى ادعى خلالها أن الرئيس محمود عباس يرفض العودة إلى طاولة المفاوضات، وهو الأمر الذي اعتبرته الرئاسة «تحريضاً مفضوحاً».
وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة في تصريح نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، أمس (الجمعة): «لم نرفض أي عرض لمفاوضات تهدف إلى تطبيق حل الدولتين ولم نرفض المفاوضات من حيث المبدأ»، مشدداً على تمسّك الفلسطينيين بمفاوضات جادة للوصول إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وتكون عاصمتها القدس. وأشار إلى أن الرئيس الفلسطيني أكد موقف السلطة من ذلك خلال خطابه أمام المجلس المركزي الفلسطيني ولقائه الأخير مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل. وأضاف أن «المفاوضات الجادة تتطلب أولاً وقبل كل شيء أن يؤمن الطرف الآخر بحل الدولتين، وبالمفاوضات وليس الإملاءات»، مشدداً على أن ما نقل على لسان المسؤول الأميركي يُعتبر «تحريضاً مرفوضاً وجهلاً بالوقائع».
ولفت أبو ردينة إلى أن القيادة الفلسطينية كانت قد طالبت بآلية دولية جديدة لرعاية المفاوضات، موضحاً أن «ذلك لا يُعتبر خروجاً عن التزامنا بالمفاوضات سبيلاً لتحقيق السلام بيننا وبين الإسرائيليين».
وكرر مسؤولون في الإدارة الأميركية، خلال تصريحات أخيرة، اتهامات للقيادة الفلسطينية بمحاولة التهرب من المفاوضات ورفض الجلوس في لقاءات مباشرة مع الإسرائيليين لوضع خطة موحدة لحل الصراع بين الجانبين.
وكان الرئيس عباس دعا ألمانيا وفرنسا إلى القيام بدور وساطة في حل الصراع مع الإسرائيليين. وقال خلال لقاء جمعه الأربعاء مع وزير الخارجية الألماني زيغمار غابريل، في رام الله: «تنبغي بالطبع مواصلة مفاوضات السلام. إننا نعتمد في ذلك بشدة على ألمانيا وفرنسا». وذكر عباس أنه تتعين مواصلة الوساطة عبر اللجنة الرباعية الدولية، التي تضم الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، «بالإضافة إلى عدد من الدول الأوروبية والعربية».
وتسعى أميركا، كما يقول الفلسطينيون، إلى فرض تسوية سياسية تحت اسم «صفقة القرن» تسمح للاحتلال بالاحتفاظ بالقدس عاصمة لإسرائيل وتحرم الفلسطينيين من حقوقهم وثوابتهم، ومنها حقهم بالقدس وعودة اللاجئين.
في سياق آخر، تواصل التنديد الفلسطيني بالقرار الأميركي بإدراج إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» على قائمة الإرهاب. ونظمت الحركة مسيرة حاشدة في غزة رفضاً للقرار شارك فيها قادة من «حماس»، بينهم هنية نفسه الذي امتنع عن إلقاء كلمة أمام الجماهير، لكنه اكتفى بكلمات قصيرة للصحافيين تعقيباً على القرار الأميركي، قائلاً بالعامية: «ينقعوه ويشربوا ميته»، في إشارة إلى عدم اكتراثه بالقرار وتداعياته.
وألقى إياد أبو فنونة، وهو من القيادات المحلية لـ«حماس»، كلمة استهجن خلالها القرار الأميركي، متسائلاً: «لماذا لم يدرج قادة الاحتلال الإسرائيلي الذين قتلوا أبناء شعبنا على تلك القوائم؟». وأضاف: «إنه لشرف عظيم لقائد حماس إسماعيل هنية أن يوضع على تلك القوائم، هو وسام يوضع فوق الرؤوس». وتابع: «الشرف الذي ناله قائد حماس إسماعيل هنية قد ناله قبله قائد القسام محمد الضيف، إن وضع أسمائنا مع أسماء هؤلاء هو شرف لنا لأنهم يغيظون الأعداء».
وأردف: «القائد هنية وضع على القائمة الإرهاب لأنه قال: لن نعترف بإسرائيل. ونحن نقول: سنمحو إسرائيل من الخريطة، لأن هذا السرطان لا يجوز أن يبقى بأرضنا ولنوصف كلنا بالإرهاب». وواصل أن «القائمة التي تدافع عن القدس هي قائمة شرف بامتياز، جهادنا ومقاومتنا ليسا إرهاباً، ورصاصات آل جرار ليست إرهاباً، وبنادق المقاومين بنابلس والضفة ليست إرهاباً... نحن ندافع عن حقنا وأرضنا وقدسنا وسنبقى نفخر بقادتنا... إن أكبر إرهاب في هذه الدنيا هو زرع الاحتلال الإسرائيلي في أرضنا ودعمه بالسلاح والمال».
وفي أنقرة، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الناطق باسم وزارة الخارجية التركية حامي أقصوي قوله في بيان، إن تركيا ترفض إدراج إسماعيل هنية على لائحة «الإرهاب» الأميركية. وقال الناطق: «من الواضح أن هذا القرار الذي يغفل واقع أن حماس هي لاعب فعلي ومهم في الحياة السياسية الفلسطينية، لا يمكن أن يسهم بأي شكل في حل عادل ودائم وشامل للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني». وأضاف: «نأمل في ألا يترك هذا القرار أثراً سلبياً على المساعدة الإنسانية وأنشطة التنمية الاقتصادية التي تقدمها بلادنا لقطاع غزة». وعبّر أيضاً عن قلقه حيال التداعيات التي يمكن أن يتركها الإجراء الأميركي على جهود المصالحة الفلسطينية بين «حماس» وحركة «فتح» التي يرأسها الرئيس محمود عباس، بحسب الوكالة الفرنسية. وقال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في بيان الأربعاء، إن هنية «يهدد الاستقرار في الشرق الأوسط» و«يقوّض عملية السلام» مع إسرائيل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.