مؤتمر الطاقة الاغترابية ينعقد في أبيدجان بغياب باسيل ومقاطعة شيعية

TT

مؤتمر الطاقة الاغترابية ينعقد في أبيدجان بغياب باسيل ومقاطعة شيعية

لم تصل الأجواء الإيجابية التي نتجت عن إنهاء الأزمة بين وزير الخارجية جبران باسيل ورئيس مجلس النواب نبيه بري من لبنان إلى أبيدجان، حيث عقد مؤتمر الطاقة الاغترابية أمس، بغياب الوزير باسيل، ومقاطعة أكثر من 500 رجل أعمال واقتصاديين لبنانيين.
إذ إنه ورغم إصرار باسيل على المضي قدماً في التحضير للمؤتمر، ومغادرته لبنان، على وقع تداعيات الأزمة التي نتجت عن اتهامه بري بـ«البلطجي»، وتهديد رجال أعمال شيعة بمقاطعة المؤتمر، ارتأى في اللحظة الأخيرة عدم المشاركة، واكتفى بإلقاء كلمة عبر الشاشة، فيما استمرت فعاليات المؤتمر وجدول أعماله كما كان مخططاً لها، على أن تصدر في نهايته اليوم خلاصات وتوصيات، بحسب ما أكد القائم بالأعمال اللبناني السفير خليل محمد.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن تهديدات وصلت إلى باسيل وهو في طريقه إلى المؤتمر ما جعله يعود عن قراره، ويستعيض عن المشاركة شخصياً بإلقاء كلمة عبر الشاشة، لافتة إلى أن معظم المقاطعين كانوا من رجال الأعمال الشيعة، الذين سبق لهم أن أعلنوا عن موقفهم سابقاً.
وفي كلمته، قال باسيل إن غيابه عن المؤتمر يأتي في إطار خشيته تعرض من يشاركون في المؤتمر للأذية، مشدداً على أنه لا يقبل أذى جسدياً يصيب أي منتشر، وأذى معنوياً يصيب الانتشار ككل. وتوجّه إلى المشاركين بالقول: «أنا معكم بفكري وكلمتي، ومن خلال كل مشارك غلَّب لبنانيته على أي أمر آخر».
وأعرب باسيل عن أسفه لعدم نجاحه في تمديد فترة تسجيل المنتشرين للانتخابات النيابية المقبلة، لكي يتمكنوا من الاقتراع في الانتخابات المقبلة، وشدد على أن الشعب اللبناني لا يريد إلا السلام، ولم يقبل الحرب إلا عندما فرضت عليه، فكان لها، وانتصر.
وأوضح خليل محمد لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعدما كان باسيل قطع ثلاثة أرباع الطريق نحو مقرّ المؤتمر، عاد واتخذ قراره بإلقاء كلمة عبر الشاشة، وذلك حرصاً منه على مصلحة وأمن وسلامة المغتربين».
وفي حين أكّد أن جدول أعمال المؤتمر يسير كما هو مخطط له بحضور نحو 300 مشارك من أصل 800 وفعاليات اقتصادية من لبنان وساحل العاج، ومشاركة وزير الاقتصاد اللبناني رائد خوري، لم ينفِ التأثير السلبي الذي عكسه غياب باسيل، قائلاً: «بالتأكيد لن يكون الوضع في غيابه كما في حضوره». وأكّد أن «قرار الاستمرار في عقد المؤتمر كان للتأكيد أن هدفه هو مأسسة العمل الاغترابي وإبعادها عن السياسة».
في المقابل، رغم أن «حركة أمل» كانت قد نفت إصدارها تعميماً لعدم المشاركة في المؤتمر، قال النائب في «كتلة بري» أنور الخليل لوكالة الأنباء المركزية: «بعد اتصال الرئيس عون، حرص الرئيس بري على ألا يقف حجر عثرة في وجه المؤتمر، فبعد أن كان القرار بمقاطعة المؤتمر، عاد الرئيس بري واتخذ قرار التسهيل في موقف حسن نية»، مشيراً إلى أنه «لو لم يتم الاتصال لما كان لينجح المؤتمر، فمعظم مغتربي أبيدجان متفاهمون، وكانت ستكون المقاطعة كبيرة جداً».
وتعتبر أفريقيا وجهة أساسية لـ«الاغتراب الشيعي»، وبعد أبيدجان، يوجد اللبنانيون بكثرة في السنغال ونيجيريا والكونغو وغيرها من المناطق التي تتفاوت أعداد اللبنانيين فيها. وتضم تلك البلدان عدداً كبيراً من رجال الأعمال اللبنانيين.
وبعد الغموض الذي كان قد أحاط بالمؤتمر نتيجة أزمة بري - باسيل، وما نتج عنها من بيانات صدرت في هذا الإطار عن رئيس الجالية وفاعلياتها وانسحاب غرفة التجارة والصناعة، التي كانت شريكة بالتحضير للمؤتمر، استمرت وزارة المغتربين بالتحضير، وأصدرت بياناً قبل يوم واحد من الموعد المقرر له للتأكيد على هذا الأمر. وأعلنت عن وصول مفرزة سباقة من وزارة الخارجية والمغتربين إلى العاصمة الإيفوارية، حيث انضمت إلى فريق عمل السفارة اللبنانية المكلف التحضير للمؤتمر، إضافة إلى الوفود المشاركة من كل الدول الأفريقية والممثلين عن الشركات والمصارف الراعية للمؤتمر، ورؤساء البعثات اللبنانية المعتمدة في الدول الأفريقية.
وأكدت وزارة الخارجية أن التحضيرات اللوجيستية متواصلة لانعقاد المؤتمر الذي يهدف لإبراز النجاحات والطاقات الاغترابية اللبنانية لما فيه خير ومنفعة الجاليات اللبنانية، وتأمين استمرارية تقدمها وتألقها في دول الاغتراب، وتوفير فرص اقتصادية واستثمارية لها وللبنان.
ولفتت إلى أن وزارة الخارجية والمغتربين تواصلت مع السلطات الإيفوارية في الإجراءات الأمنية المواكبة للمؤتمر، التي تعهدت بتأمين كل ما يتطلبه الأمر لتوفير الحماية. وذكرت في بيانها، بضرورة أن ينأى الاغتراب بنفسه عن أي خلافات سياسية داخلية في لبنان التي كانت السبب بالأساس في دفع اللبنانيين للهجرة من وطنهم، داعية أبناء الجاليات اللبنانية ألا يسمحوا باستيراد المشاكل القائمة في لبنان، بل إبقاءها خارج حدود غربتهم.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.